حديث المدينة رغم كل شيء..!! عثمان ميرغني ليلة أمس الأول.. وفي اللحظات الأخيرة قبيل إرسال صحيفة (التيار) إليّ وضع الإخوة في الأخبار أمام خيارهم ل(المانشيت) الرئيسي.. كان (المانشيت) يتحدث عن أزمة غذائية في السودان تتوقعها منظمة (الفاو).. لم أتردد لحظة واحدة واستبدلته ب(مانشيت) آخر.. وتركناه خبراً عادياً ضمن حزمة الأخبار العادية.. السبب في ذلك.. أن وضع مثل هذا الخبر في (المانشيت) كما فعلت بعض الصحف الأخرى.. لا يجعله مجرد خبر.. سيرفع درجة التوتر (الغذائي).. وإحساس الناس بالخوف.. المفضي لردود أفعال تزيد من وتيرة الأزمة الاقتصادية.. تماماً كما يحدث في طائرة تحلق في السماء.. فيتحدث أحد أطقم الطائرة ويخبر الركاب أن الطائرة تعرضت لعطل خطير.. قد لا تسقط بسبب العطل.. لكن حتماً ستسقط بسبب توتر الركاب وهياجهم وتدافعهم.. والحقيقة.. رغم الجو الماطر والإعصار (كما يقول نزار قباني في رائعته قارئة الفنجان).. إلا أنني متفائل أن الوضع الاقتصادي قابل للتعافي السريع.. بشرط واحد مهم ومصيري.. أن ندرك نحن– الشعب– جميعاً أن مسؤولية الخروج من عنق الزجاجة وإصلاح الوضع الاقتصادي يعتمد علينا بنفس القدر الذي على الحكومة.. مطلوب أن نبذل جهدنا لمنع انتشار الإحباط.. لأنه يساهم في إخماد الهمة الوطنية في التعامل مع التباطؤ الاقتصادي.. والإحباط حالة نفسية نملك نحن– في الإعلام- التخفيف إن لم يكن التخلص منها.. مؤشرات التفاؤل– الاقتصادي- أن مواردنا الاقتصادية فيها خيارات كثيرة. صحيح أن النفط أحدث فجوة كبيرة.. لكن الأصح أن ما ننتجه من نفط الآن هو قدر يسير –جداً – من المتاح لنا Potential لدينا مناطق كثيرة لم يبدأ فيها إنتاج النفط ومن الممكن رفع الهمة وتحقيق طفرات سريعة تسد بل قد تزيد عن المطلوب لردم الهوة.. وأثبتت التجارب في السنوات السابقة أن الدكتور عوض الجاز استطاع اختراق كل التوقعات بإنتاج النفط وتشييد أنابيب الصادر في وقت أقل كثيراً مما هو مخطط له. من الممكن أن نتفاءل ونتوقع أن تكون عودة الجاز لملف البترول ستفتح الطريق السريع نحو مضاعفة إنتاجنا وتضميد جراح ما فقدناه بخروج الجنوب من خارطة السودان.. ثم إن الثابت لدينا الآن أن الذهب المنتج من التعدين الأهلي يقترب من ملياري دولار في العام، قابلة للزيادة بدخول الشركات الكبيرة في هذا الحقل.. ولدينا الثروات الطبيعية الأخرى.. الزراعية والحيوانية.. نحن – الشعب السودانيّ– في حاجة للاعتراف أننا في سياق غضبنا من الحكومة نتحول إلى معلّقين على الأحداث غير فاعلين أو مشاركين في فعلها.. والأوجب أن نتعلم أن ما يؤثر على حياتنا بصورة مباشرة يجب ألاّ ننظر للكارثة مكتوفي الأيدي.. بالله عليكم. لا تقنطوا.. ومن كان في نفسه ذرة وطنية فلا يساعد في نشر الإحباط واليأس.. وثقوا أن الأمر في أيدينا نحن– الشعب– قبل الحكومة.. أن نجعل الأزمة الاقتصادية مجرد ممر صغير سريع. سرعان ما نتجاوزه.. دعونا نختلف على كل شيء.. إلا مصلحة الوطن..!! التيار