ليت شعري حزب سياسي جديد برئاسة الطيب زين العابدين . د.عبد اللطيف سعيد دعا الأخ الأستاذ أحمد المصطفى إبراهيم صاحب عمود «استفهامات» المقروء بجريدة «الإنتباهة» إلى قيام حزب سياسي جديد يقوده البروفيسور الطيب زين العابدين. هذه الدعوة من قبل الأستاذ الحصيف أحمد المصطفى إبراهيم دعوة ذات مغزى، فحواها أن قطاعاً كبيراً من مثقفي الإسلاميين قد اتجه إلى إيجاد ماعون جديد بديل للمؤتمر الوطني، بعد أن أصبح المؤتمر الوطني إما غير قادر أو غير راغب أو غير آبه لمتطلبات وآمال هذا القطاع بعد أن ترهل ونخرت فى كيانه أدواء كثيرة تعب الناس في عدها وإن عجزوا أن يعددوها. ومن أشهر هؤلاء الناقدين البروفيسور الطيب المراد له أن يرأس الحزب البديل. واعتذر بروفيسور الطيب عن رئاسة الحزب المقترح بأعذار، أهمها أنه قد تقدم فى السن، وأنه لا يميل إلى العمل السياسي بهذا الشكل ويفضل عليه النشاط التعليمي والثقافي، وأنه قد عرضت عليه النيابة البرلمانية مرتين، مرة فى عام 68م ومرة فى عام 86م، ليمثل فى الأولى أهله الجعافرة، والثانية ليكون أحد نواب الحركة الإسلامية فى دوائر الخريجين. وكتب البروفيسور هذا الاعتذار فى نفس موضع عمود «استفهامات» فى جريدة «الإنتباهة» ولكنه لم يعترض على مبدأ فكرة إنشاء حزب جديد، ولم يشر إلى موافقته أو عدمها فى أن يكون عضواً فى ذلك الحزب الجديد، كما أن فى ردّه شيء من الموارية التى تشي بأنه قد يقبل برئاسة الحزب إذا عزموا عليه عزماً قوياً. نحن إذن أمام حزب جديد سيولد، ولكن لم نعرف بعد من سيكون رئيسه.. هل الطيب زين العابدين أم شخص آخر ؟ وهذه وحدها محمدة عظيمة، لأن الأحزاب عندنا عادة ما تقوم على مقلوب هذه المعادلة: إذ أن رئيس الحزب يكون معلوماً بالضرورة وجمهوره جاهز وقد تحددّ للحزب أهداف أو لا تحددّ!! لماذا اختار الأستاذ أحمد المصطفى إبراهيم بروفيسور الطيب لمهمة رئاسة الحزب؟ يعرف مادحو الطيب زين العابدين وقادحوه على السواء أن لبروفيسور الطيب صفات واضحة وهى: الاستقامة والجدّية والإخلاص، وقد كان فى فترة ما يعد رمزاً من رموز التمرد على الكيان الإسلامى من داخله هو وصديقه وصديقنا بروفيسور حسن مكى، حتى أننى ظننت فى يوم من الأيام أنهما سيقيمان حزباً لكثرة ما أراهما معاً فى مكتب حسن مكي. هل رأى أحمد المصطفى إبراهيم فى الطيب زين العابدين شخصية قوية يمكن أن يصادم بها المؤتمر الوطنى المتحصن بجهوية التضامن النيلي الراسخة الحاذقة باعتباره من النيل الأبيض، وبالتالى ستكون له مظالم مشابهة للمظالم التى يشكو منها أحمد المصطفى أحد المدافعين عن حقوق أهل الجزيرة الضائعة؟ ولماذا إذا كان الأمر كذلك وقع اختياره على الطيب لرئاسة الحزب، ولم يذهب لتسجيله تحت رئاسة نفسه إن كان المراد من الحزب الدفاع عن حقوق المظاليم هناك، فالسودانيون يقولون «المحرش ما بكاتل»، ويقول العرب «ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك»، فأحمد المصطفى كالطيب زين العابدين صاحب تاريخ وصاحب قلم وصاحب قضية. وإن لم يرد أحمد المصطفى أن يكون رئيساً للحزب الوليد شخصياً.. ألم يكن من الأولى أن يطلب إلى رصيفه وجاره وابن قريته وابن بجدته بروفيسور البونى أن يكون هو الرئيس؟ وحتى تستبين أهداف الحزب وتنشر فإن كثيراً من المهتمين سيكونون على أحر من الجمر، لأن الحاجة لمثل هذا الحزب قد أصبحت أشد إلحاحاً من أي وقت مضى. صحيح أن بروفيسور الطيب مستقيم ومخلص وجاد وأمين، لكن فيه شيئاً من مؤسسته الأولى بخت الرضا، أعنى الخشونة والشدة وروح الإملاء النابع من فكرة بخت الرضا الأساسية وهى «علم الناس بالحسنى فإن أبوا فبالشدّة لأنهم يحتاجون إلى ذلك وتخلفهم لا يمكنهم من إدراك تلك الحقيقة»، ولهذا وضع الإنجليز بخت الرضا فى قلب ريف النيل الأبيض لأن لها (Mission) حضارية جبرية.. وليس ذلك قاصراً على بروفيسور الطيب، وإنما هى حالة عامة يرتضعها من رضعوا من لبان تلك المؤسسة التعليمية. أرجو ألا تضعوا على رأس هذا الحزب «بخترضوي» لأن هؤلاء الناس جادون وديكتاريون أكثر من اللازم، ورئاسة الحزب تحتاج إلى مرونة ومراوغة وغير قليل من مكرٍ. الصحافة