بالمنطق موسم الهجرة الى السماء..!!! صلاح الدين عووضة [email protected] * رغم أنه وُلد بمنطقة السكوت المحس إلا أنه كان يجيد النوبية باللهجة الكنزية الدنقلاوية إجادته لها بلهجة الفدجة.. * وكان الأمر هذا مما يثير حيرتي.. * بل إنه كان يدندن في صباه بلهجة الإنداندي النوبية هذه وليس بلهجة المحس.. * وبالأمس فقط - بعد أن انتقل الى الرفيق الأعلى - عرفت السبب.. * فخلال مداخلة هاتفية مع الإذاعة الرياضية قال الشاعر الدبلوماسي سيد أحمد الحردلو أن أثر (سَحَرة!!) ناوا في غناء وردي كان واضحاً بفضل (جينات) والدته التي هي من هناك.. * أي من ناوا جنوبدنقلا.. * وناوا هذه هي مسقط رأس شاعرنا الحردلو نفسه التي كتب عنها - ضمن ما كتب - رائعته المسماة (قمرية من كُتن مار).. * ثم هو نفسه إذاً - أي الحردلو - ورث بعضاً مما ورثه وردي بما أن ناوا اشتهرت بأنها بلاد (السحر).. * فإذا كان سَحَرةُ فرعون قد سحروا أعين الناس - بالباطل - فإن وردي سحر آذان الناس ب (الحق) - كما الحردلو - حتى استحق ألقاباً لم تُضفَ على أحد غيره من المطربين.. * فهو الهرم، وهو الفرعون، وهو الإمبراطور، وهو فنان إفريقيا الأول.. *وإعتداد وردي بنوبيته كان مستصحباً معه إعتداده بسودانويته ليكون - بذلك - (مفخرة) للسودانيين جميعاً إزاء ما يُفاخر به الآخرون من حولنا في مجال الطرب والغناء والموسيقى.. * وقد أشار مرة بأسى الى تجاهل وسائل الإعلام المصرية له - وقد مكث بالقاهرة سنين عددا - في وقت كانت تحتفي فيه بجواهر وستونة ومنير (المُردد لأغنياته!!).. * وبدافع من اعتداده المشار اليه هذا قال إنه يكفيه فخراً أن يكون فنان إفريقيا كلها (ناقصاً!!) مصر، على أن يكون فنان مصر دون (بقية!!) إفريقيا.. * وقال ايضاً - في السياق نفسه - أنه لا يمكن ان يُضحيِّ بالسلم الخُماسي (العالمي!!) من أجل سواد عيون السُباعي (المصري!!).. * ورحيل وردي الفاجع هذا يجيء في (موسم الهجرة الى السماء!!) عقب (هجرة!!) كلٍ من الطيب صالح وزيدان ابراهيم وسيد أحمد خليفة.. * فالمبدعون في بلادي يرحلون، ويبقى (الحزن!!) مقيماً بيننا ما أقام عسيب (المنغصات!!).. * ونحن - من جانبنا - لا نقول إلا ما يُرضي الله: (إنا لفراقكم لمحزونون).. * ويكفيك فخراً - ياوردي - أنك (كتبت اسمك في لِحى الأشجار).. * و (نحته في صُم الحجارة).. * و (زرعته حارة حارة).. * ثم همست راضياً : (قلت أرحل!!!!). الجريدة