حديث المدينة (كلو جاي في التقرير) ..!! عثمان ميرغني تسلمنا خطاباً من النيابة يأمرنا بوقف النشر حول قضية شركة السودان للأقطان.. وهو أمر كان متوقعاً.. إذ درجت النيابات على حرمان الصحافة من متابعة قضايا بعينها لحين اكتمال التحري والتحقيق.. وتصبح يد السلطة الرابعة مغلولة إلى عنقها.. تنتظر رؤية المشهد الأخير من القضية محل النظر. فلنحسن الظن في أن مسارات هذه القضية في أيدٍ أمينة.. وأن الإرادة السياسية متوفرة ليس لإنفاذ العدل فحسب، بل لجعل العدالة تُرى تتحقق: (Justice Must Not Only Be Done, It Must Be Seen to Be Done) وحسن الظن هنا مقصود به العشم في رؤية مسلك مختلف عن الماضي. ففي ذاكرة الشعب قضايا كثيرة مشابهة كانت (تتلجن) باللجان.. ما أن تكون لها (لجنة) من وزارة العدل حتى يحس الناس بالحاجة الماسة لإلقاء نظرة الوداع على القضية.. فيطول أمد الانتظار.. وربما (إلى أجل غير مسمى) حتى يطويها النسيان.. والخطير الذي قد لا تنتبه له الحكومة أن الشعب كله – بصمت – يرصد ما يجري أمامه وهو يردد في سرّه نفس العبارة التي كان يقولها الممثل السوري، دريد لحام، في فيلم (التقرير).. كان دريد في الفيلم يجمع التجاوزات.. وكلما رأى تجاوزاً حكومياً يردد عبارة: (كلو .. جاي في التقرير!!).. ومثل هذا الصمت الشعبي خطير وباهظ التكاليف يوم الحساب.. يوم (التقرير)..!! الأجدر أن نوقن أن الخطوة الأولى في محاربة الفساد.. هي الشفافية.. ترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها للشعب، ينظر ويتفرّس، ما دام الأمر يقع في بند (العام).. لكن محاولة استخدام الزجاج المظلل أو السواتر.. يجرّ الشك وظنون الشعب وهواجسه.. خاصة أن سجل الحكومة يعضد تلك الشكوك والهواجس بأعتى ما تيسر. كنت أتمنى في خطاب حظر النشر أن تحدد النيابة سقفاً زمنياً لأعمالها.. على الأقلّ من باب (الثقة).. نفس (الثقة) التي طالب بها سيدنا إبراهيم ربه حينما سأله: (قال أو لم تؤمن.. قال بلى.. ولكن ليطمئن قلبي..).. على كل حال.. الحملة الصحفية التي لازمت قضية الأقطان أدت المطلوب منها وزيادة.. رفعت حس الشعب بخطورة قضايا الفساد.. وألزمت الحكومة أن تتعامل معها بجدية أكثر.. وأن تجتهد في إثبات (براءة) موقفها تجاه الفساد.. بالإمعان في متابعة قضايا الفساد. وإلى اللجنة التي تباشر قضية الأقطان.. هانحن امتنعنا عن النشر.. لكن إلى متى؟؟ هل هي مهمة بلا سقف؟ إلى (أجل غير مسمى) كما قيل في بيان تعليق صدور صحيفة (التيار)..!! التيار