قدّر ظروفك فى الخطاب العام ابراهيم بخيت [email protected] طالما انهم ليسو فى موضع و موقف يسمح لهم ان يقولوا للكلب يابن الكلب ، فلماذا لا يصمتون لعل فى صمتهم ما يطيب النفوس المتكدرة من فعل و اقوال بعض السياسيين . نفهم جيدا ان يغضب الاب من ابنهم و يقول له يا بن الكلب فترتد الاساءة اليه فيضحك على نفسه . و نفهم ان يقول الاخ لاخيه إنعل ابوك فيغضب و يشتكيه لابيه فيعفو عنهما و ينصحهما بالفعل الصائب . و كلها فى حدود الدائرة الشخصية او العائلية لم تتعدى على ما للآخرين . لانه لم تك وظيفة الاب او الاخ او الاخت وظيفة عامة ، فكل الخطايا و الاخطاء لا تتعدى هذه الدائرة الخاصة . و لكن هل يمكن تبرير اية شتيمة او اهانة يطلقها موظف عام يدير امرا عاما ؟ ام ينبغى ان يكشف هذا الخطل الذى دفعه لذلك . و الاخطال دائما تنطلق من الالسن الفالتة . و لا تفلت الالسن الا اذا احس صاحبها بانه فوق الفوق و التحت معا. و انه الكل فى الكل المعافى من اخطاء الاخرين و المبرأ من افعالهم لانه لا يشبههم . و لا يصل الرجل الى هذه المرحلة من التماهى مع كل الموجودات و يدخل كل الوطن ما به و ما عليه ،حدوده و انسانه و قيمه فى تلافيف دماغه و يلبسه ازارا لا يراه يليق بغيره . و بذلك ينسى الوطن و يفقد ذاته حين تتوه منه فى دهاليز الفعل اليومى المتغير فلا يرى فى ذوات الاخرين الا نسخة منه ،و ما فى الجبة الا الوطن . و لا يحدث هذا التماهى الا بصمت الاخرين رغبة او رعبا مما يشعره بالا حرج او خطيئة فى ان يطلق لسانه دون ان يرعى حقا او ذمة لاحد كائنا ما و من كان .و هو لا يشعر ابدا بأنه فعل فعلا او قال قولا او اطلق شتيمة لا يرغب رعاياه فى سماعها . و لانه لم يسمع منهم ما يشير الى عدم صوابها بل فى كثير من الاحيان يجد من حوله من يدبجون مطولات المدح و التقريظ و يندفعون فى مسيرات التأييد المدفوعة من رهق الاخرين و عرقهم . و هنا فقط يحق لنا ان نسأل اين الوطنية فى السكوت عن الاساءات التى تنطلق من افواه القيادات السياسية على مختلف مواقعهم من المسئولية الوطنية .؟ أليست هنالك ضوابط فى الاعراف و التقاليد و الدين و الدستور و القوانين تمنع انفلات الالسن بما يسئ او يضر بمكونات الوطن المتحركة و الثابتة . اذا فلت لسان احد البسطاء فى لحظة غضب اعمى و اساء الى اي من هذه القيادات شخصيا فسرعان ما تتحول هذه الاساءة الى جناية على أمن و سلامة الوطن و إضافة تهم قد ترقى لدرجة الخيانة الوطنية العظمى و تخريب الاقتصاد القومى ، و لا تشفع لهذا المسكين تعيس الحظ فلتة لسانه و لا تعفيه من العقاب الفورى على يد من هم ليسو قضاته كمقدمة لحين نطق القضاء حكمه . ما يصيبه قبل محاكمته لو ثبتت عدم ادانته يسحب من رصيد السلطات الاحترازية حتى لا يتجرأ احد غيره و يسمح لنفسه بالانسياق وراء لسانه . و اذا كان هذا من امر الرجل البسيط الذى لن تتعدى انفلاتة لسانه شخصا الى شخوص اخرين او لمكونات المجتمع بكل تشكيلاتها ، فمال بالنا نحاول تبرير اخطاء و فلتات ألسن من يعتقدون انهم حداة الركب القاصد . إذا كانت "الهاشمية" تأخذ الواحد على حين غرة فيفلت لسانه او يتجاوز فعله المعقول فى حين واحد . فقد يكون من المقبول الى درجة ما ان نبحث له عن عذر من تربية او تقاليد . و لكن ان تمسك هذه " الهاشمية" بلسان الرجل ليكرر ذات الانفلاتة فى ذات الموضوع و على مدى طويل و فى مختلف المناسبات ، فالعقل و المنطق يقول لمن يبحثون عن تبرير ذلك بأن ألامر غير "ذلك" فالتبرير لا يكون فى حالة تكرار ذات الخطيئة و باصرار . ووصف الحركة الشعبية و رجالها بالحشرة و الحشرات لا تسنده الهوشة و لا الهاشمية . و الحرب اولها كلام و ليس آخرها . و لذلك ترجع بضاعة المتاجرين بالتبرير الى ارفف حوانيتهم . و حتى الان لم نسمع من اى صوت من القيادات و لا من الرئيس انه تراجع عن وصف الحركة بالحشرة . فى برنامج المصارعة سمعت المصارع شايمس و هو يعترف بالخطأ الذى ارتكبه فى حق الحكم حين القاه على الارض برفسة و ترجاه ان يقبل اعتذاره, و اعتذر كذلك للمشاهدين و للعالم فى موقف شعرت فيه بان " شعرة جلدى كلّبت" و لم يحاول ابدا تبرير فعلته بل قال انه يعتذر لانه سمح لنفسه بهذا المنكر رغم قناعته بان الحكم قد ظلمه . و كل ذلك لم يرض مدير الحلبة حين اجبره على تكرار ذات الاعتذار و بصوت عال و اوقع عليه العقوبة رغم ذلك . هل يمكن أن نعذر شايمس او نبرر فعلته ل" أنه يبقى مفهوماً في اطار الظرف والحالة الشعورية التي أنتجته "؟ و هل انبرى من المتفرجين من تكفل بتبرير فعلته .؟ لم يحدث ذلك . و على الجانب الاخر فقد كان لهذا الاعتذار الشجاع و على الملأ مردودا طيبا حين هللت " لم تكبّر" الجماهير لشايمس . و يبقى السؤال هل تكرار الاساءة و تحقير الاخرين يمكن أن يندرج فى هامش الهفوة ؟ ان العالم اصبح اليوم ليس هو عالم الماضى الذى تمر و تمرر عليه الهفوات و يتسامح بمفهوم الظرف و الحالة الشعورية التى انتجته . و الخطاب العام يقوم عليه فى البلاد الاخرى مستشارون يشاورون و يشيرون و يضعون النقاط على الحروف و يكوّنون الجمل و يرصونها رصا فى خطابات الرؤساء بحيث تقود مدلولاتها الى ما يقصدون دون ان تتجاوز ما هو مرسوم لكل الخطاب و تفاديا لاية محاولة للفهم الخطأ و تجنبا للمردودات غير المطلوبة . و الحال كذلك أليس من الوطنية ان يكتب الكاتبون و باسم الحق و العدل و الدين النصيحة ان الاساءة للشخوص او للجماعات او للدول ليست من مطلوبات الدبلوماسية الرصينة . و ليست من الخطاب التحريضى المتفق مع المعايير الدينية و الدولية . و ما بين الشمال و الجنوب واهم من يعتقد بانه يملك كل مفاصله . و بالتالى يستطيع ان يديره على هواه . و ما بينهما يتجاوز الانظمة و ينغرس عميقا فى الوجدان و العلاقات الاجتماعية و الارحام . و ان كان لنا ما يدفعنا على التمسك بالامل فهو الادارك الكامل بان ما حدث بين النظامين الحاكمين شمالا و جنوبا لا يعدو كونه عرضا او ابتلاءا او بلوى بالامكان تجاوزها متى ما انتصر العقل على العاطفة . و متى ما ابعدنا " الهاشمية" عن الشأن العام . و متى ما كفّ الصحفيون الكتبة عن تزييف الحقائق و تحويرها بذات النهج و المنهج المخاتل الذى تدار به البلاد . غدا سوف يرجع المتقاتلان الى التفاوض و ربما التنازل . و غدا سيكون الظرف ليس ظرف الشحن و الشجب و الاساءة . و كل ذلك كان معلوما و مجربا من قبل فلماذا ندور فى ذات " ساقبة جحا " أليس من صحفى كاتب يجد لنا تبريرا لخطل السياسة و السياسيين خلال العقدين الماضيين ؟ و من جانبنا نرجوهم الا ينسوا لماذا فرحنا باتفاقية السلام و اين هى اليوم ؟و نقول مع القدال مرة اخرى و سوف نكرر ذلك " أنا ما بجيب سيرة الجنوب !!" [email protected]