المبدعون المشردون حسن إبراهيم حسن الأفندي [email protected] المبدعون المشردون رسالة للأستاذ طلحة جبريل بقلم الشاعر /حسن إبراهيم حسن الأفندي قرأت موضوعك محمد الفيتوري : الشعراء لا يموتون ...أجل وإن رحلوا تبقى آثارهم وتبقى إبداعاتهم وتبقى معانيهم الكبيرة ترن في كل أذن وتلمس شغاف القلوب وتستشهد بها الألسنة ...قرأت موضوعك ودمعي يسيل على خدي أسى وألما لشاعر كبير وقامة شاهقة لو لم تقل : أصبح الصبح ...فلا السجن ولا السجان باقي ولو لم يقل الفيتوري غير : أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا هذه الكلمات التي كان يرددها الوالد الشهيد إسماعيل الأزهري يرحمه ويتمنى أن لو أُعطي صوتا يمكنه من ترديدها مغنيا لها كما صرح بذلك ذات مرة بعد أن حضر حفلا أقامه بالمسرح القومي الفنان القدير المثقف الراحل محمد وردي يرحمه الله.... ولو لم يحمل الفيتوري اسم السودان في كل المحافل العالمية لكفته هذه الكلمات وهذه المعاني ليحيا خالدا وليلقى ما يليق به من رعاية وعطف وراتب يكفيه ما يحتاجه في هذه الدنيا القاسية بل ويجعله يعيش في نعيم , وصدق حفني ناصف : إذا ورث الجهال أبناءهم غنى **** وجاها فما أشقى بني العلماء وصدق القائل : تموت الأُسْد في الغابات جوعا **** ولحم الضان تأكله الكلاب أكتب إليك يا سيدي وقد حاولت التعليق على مقالك فلم أجد مجالا للتعليق يجعلني أفيك وأفي الفيتوري حقكما . وكم من شاعر عظيم مضى بهدوء ولم يجد ذكرا ولا تمجيدا , وكم من عالم يجذ بعلمه أنوف فحول العلماء فما وجد شهرة ولا صيتا بسبب إعلامنا العالمي وفضاءاتنا الراقية المنتشرة _ طبقا لرؤية القائمين عليها_ وتغطي أرجاء الكون بموضوعات ثرة ولكن لا تهم المشاهد العربي والعالمي في قليل أو كثير ولا تجذب حتى مواطنيها . وللمثال أين العالم فراج الطيب وذكره وبرنامجه الإذاعي من برنامج لأحدهم من النشطين بدولة عربية يتحدث العربية كما يقول العرب بطلاقة وجمال بينما يجهل أن العصر الأَموي من النسب المستثناة فيقول : العصر الأُموي , وأين التيجاني يوسف بشير يا سيدي ذكرا من أبي القاسم الشابي الذي يغطي ذكره الآفاق في الوطن العربي على ما أعلم وعلى ما رأيت , بينما أقيم مهرجان النيل للشعر العربي بالخرطوم تحت مسمى ( دورة التيجاني يوسف بشير _ أنت يا نيل حبذا إشراقك ) شاهدته على إحدى القنوات الفضائية السودانية مصادفة ذات ليلة ,وعجبت أن تتم مقارنة أشبه بالإحصائية عن التيجاني وأبي القاسم الشابي بينما لا تتم أية مفاضلة عن عمق التجربة والفلسفة والنظرة للحياة عند هذا ولا ذاك , وإذا كانت المهرجان في دورته عن التيجاني يوسف بشير وأنت يا نيل ، كان لزاما أن يذكر صديقه المغفور له عبد القادر إبراهيم تلودي من ألّف قصيدة النيل وكانت سياسية استجوبه على إثرها الإنجليز وجاء ليجاريها صديقه التيجاني بقصيدة عن النيل تتناول جانب الطبيعة مبتعدة عن السياسة , ولعل قصيدة تلودي معروفة للقلة , أما البعض فلا يعلمون سوى أنه شاعر سوداني الجوة وجداني بريدو , وشاعر من بف نفسك يا القطار , وشاعر حبيبي غاب في موضع الجمال بلاقيه , ومن قصيدة تلودي عن النيل وهي سياسية كما أسلفت وجاراها التيجاني يوسف بشير أذكر مطلعها : أنت يا نيل حبذا إشراقك **** ومعين تحفه أعراقك ومنها : أنت فى مربع الجزيرة تجرى **** أم ترى بمانشستر تثباقك قف حرام على مسيرك سير **** لا يرى فى ضفوفه إشراقك واتجه أيها النجاشي عنا **** لبلاد تزينها أعراقك سوف نبدو بغير مائك أحرارا **** ويُخلى ديارنا طراقك فالعذاب الذى أحاط علينا **** هو فى أصل سره تدفاقك رحم الله تلودي الخالد بشعره ورحم الله التيجاني الفيلسوف الصوفي المعذب فكلاهما كان قمة في العطاء . سيدي الكاتب : المبدع السوداني يجد حظوة ويجد تقديرا من كل العالم إلا من وطنه بكل أسف , وما أراك يا أخي الكاتب المبدع طلحة جبريل إلا أثرت شجنا أبيت ألا أسجله , ولعلك لا تعرفني كما لا يعرفني إلا القدامى من الكتاب والشعراء أيام أن كنت رئيسا لنادي الشعر بمعهد المعلمين العالي وأيام حفلت بي المنابر بحماسة الشعر الذي كان يعبر عن طموحات المستمع ...وأنا أول من كتب عن القاص السوداني العالمي الآن الزميل العزيز إبراهيم إسحق إبراهيم في كتابه الأول (حدث في القرية )وقدمه للقراء عبر جريدة الأيام .....أقول ذلك وإبراهيم إسحق ما زال حيا بيننا أطال الله عمره ومتعه بموفور الصحة العافية وله أزكى أزكى التحيات فقد باعدت بيني وبينه الأيام . في ختامي لا يسعني إلا أن أضرع للمولى عز وجل ان يهب الصحة والعافية لمبدعنا الكبير محمد الفيتوري وأن يهبه من لدنه رزقا كريما ...إنه نعم المولى ونعم النصير مواطنكم / حسن الأفندي مقيم رهين منزله في انتظار القطار [email protected]