د.هاني عبد الرحيم [email protected] جامعة كردفان من أقدم الجامعات الولائية وأميزها ، فالجامعة منذ نشأتها في بداية تسعينيات القرن الماضي خطت بخطى واثقة ناهدة لمنافسة كبريات الجامعات في الخرطوم ، وقد أفلحت بالفعل في احتلال مكانة مرموقة واكتسب خريجوها سمعة طيبة في الداخل والخارج ، وبذا فقد تحقق هدف الذين قاموا بتأسيسها من أبناء كردفان البررة بمعونة الوطنيين في الخرطوم . وقد اتسعت الجامعة متفوقة على معظم نظيراتها في الولايات وضمت مختلف التخصصات التطبيقية والنظرية ، وذلك بسبب اتساع أفق الإدارات الأولى لها التي أقامت استثمارات مربحة للجامعة استغلت عوائدها في دعم مشروعات الجامعة المختلفة ووضع البنية التحتية لها . وقد تعاقب عليها مدراء مشهودة كفاءتهم ونظافة أياديهم تحقق بفضلهم ما تحقق ، لكن في غمرة صراعات السياسة كان لابد أن تتأثر الجامعة بما يدور في الولاية من اقتتال ونزاع ، وفي هكذا أحوال تستبدل الكفاءة بالولاء كما هو دأب صقور الخرطوم ، فالجامعة الآن رهينة للواقع المأزوم ، فبعد ما كان الاختيار تتم فيه مراعاة الكفاءة والانتماء الأصيل لمجتمع الولاية حتى يستطيع المختار التفاعل مع المجتمع وهو أمر في غاية الأهمية لتحقيق التنمية ، ومن أشراط نجاح المشروعات باختلافها . إلا أن اختيار الدكتور مشعل جاء بسبب الولاء الأعمى للتنظيم ، فالدكتور مشعل الذي وقع الاختيار عليه ليكون مديرا للجامعة لم يستوف بعد شروط الحصول على درجة الأستاذ المشارك (Associate professor ) ناهيك عن درجة الأستاذية .فهو ليس الأكفأ ولا الأعلى درجة بين زملائه من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة بل وقع الاختيار عليه لأسباب تنظيمية محضة لا تراعي المسائل العلمية ولا الأكاديمية .فالرجل من ناحية الصفات الشخصية (ضعيف) لايستطيع اتخاذ قرار منفردا دون الرجوع لروسائه في التنظيم في كل كبيرة وصغيرة ، وهو شخصية غريبة الأطوار يصفه معظم الذين يعرفونه ممن يعملون أو يدرسون معه بأنه شخص (مُعقّد) يغطي اهتزازه وضعف شخصيته بقناع من التشدد والاعتداد بالرأي على من هم دونه ، وقد أوقع الرجل الجامعة في مآزق كثيرة ورفعت ضده العديد من القضايا في المحاكم سمع بها القريب والبعيد . أما بخصوص التعامل مع الطلاب فهو يفتقر للحكمة والحنكة اللازمتين في التعامل مع المجتمع الطلابي إداريا وسياسيا ومعظم حواراته مع الطلاب تنتهي إلى طريق مسدود (حوار طرشان) ، فهو لا يجيد الاستماع للآخر ويستخف بعقول الطلاب كما ذكر الكثيرين منهم ، وحتى ممثلي الطلاب في التنظيمات يتعامل معهم بفوقية ووصاية مما أدى في الختام إلى وقوع أحداث العنف الأخيرة إلى أودت بحياة بعض الطلاب وجرح الكثيرون فيها ، ودوما عنف الطلاب يعكس سوء الإدارة وهو مؤشر صادق لتوتر العلاقة بين الإدارة التي هي في واقع الأمر (تنظيم المؤتمر الوطني) وطلاب التنظيمات السياسية الأخرى . والسيد المدير ليس فاشلا في كسب ثقة طلاب التنظيمات بل وطلاب المؤتمر الوطني والمحايدين من الطلاب أيضا ، فقد اخفق إخفاقا مريعا في استنفار الطلاب للذهاب لتحرير هجليج . مما يدل على أنه شخصية غير محبوبة في الوسط الطلابي عموما بل وحتى طلاب تنظيمه المؤتمر الوطني. هذا فيما يتعلق بالطلاب ، أما من ناحية الإدارة فحدث ولا حرج فالسيد المدير اتبع أسلوب (اتمسكن لغاية ما تتمكن) فقد كان جيد التعامل مع زملائه من الأساتذة إلى أن وصل إلى كرسي المدير ثم كشر لهم عن أنيابه ،وصار يقبض على كل السلطات بكلتا يديه وأصبح مستبدا في قراراته وبلغ مبلغ الشطط في ذلك .. وقضى أن تنتهي كل الأمور في مكتبه الذي صار يعج بالطلاب والأساتذة والموظفين مما يعني تعطل عمل الإدارات وانتفاء صلاحياتها في تصريف الأعباء ، وقد بنى له دكتاتورية صغيرة داخل الجامعة وصار يقرر حقا وباطلا في القضايا الإدارية والأكاديمية مما راكم من المشكلات فوق رؤوس مرؤوسيه وكثرت القضايا ضد إدارة الجامعة بصورة غير مسبوقة ،فأصبح وجود المدير في شارع الخرطوم- الأبيض أكثر من وجوده في مكتبه بسبب القضايا المرفوعة في المحاكم ضده . الفساد الإداري والمحسوبية (خاتمة النكد ): كانت إدارات الجامعة قبل الإدارة الحالية مثلا يحتذى في النزاهة والشفافية منذ تأسيسها فالأساتذة والموظفين والعمال فيها ألوان طيف لم تجمعهم روابط قبلية أو جهوية بل جمعت بينهم الأهلية في الغالب، ولكن منذ مجيء الدكتور مشعل لكرسي المدير طفق في تعيين معارفه وأبناء قبيلته (الفلاتة) حتى صار الأمر حديثا للمجالس داخل وخارج الجامعة ،ولا ينبغي أن يلام فهو ليس استثناء من الذين أتوا به وولوه فوق رقاب من هم أكثر منه كفاءة وأحق منه بالكرسي الذي استولى عليه. والباب مفتوح للصحافة والحادبين على مصلحة البلاد للتحقيق في فساد المذكور داخل الجامعة وممارسته للمحسوبية دون حياء مستغلا لسلطاته في زمان الانحطاط هذا الذي تطاول فيه القصير وقزم فيه الطويل.