[email protected] أنصحك بمشاهدة الفيلم الأمريكي التجربة بالرغم من إنشغالك بتجربتك الخاصة ودخولك فى دوامة عويصة نوعيا أو فيلم رعب أو مسرحية سخيفة تعايشها يوميا. لقد سنحت لى الفرصة بمشاهدة هذا الفيلم "The Experiment". الفيلم عبارة عن قصة حقيقة للدراسة النفسية التى قدمها مجموعة من الباحثين يقودهم الدكتور فيليب زيمباردو من جامعة ستانفورد. عرف فيما بعد بإختبار سجن ستانفورد. ويحكى الفيلم. بمقابل مادى، أعلن عن الإختبار فى الصحافة. شباب يقبعون فى سجن لمدة إسبوعين بشروط بسيطة جدا بعكس شروط لجنة الإختيار وأهمها أن الدين لم يكن شرطا أساسيا. فى النهاية اختير 24 شابا. قسمت المجموعة عشوائياً بالتساوى إلى مساجين وحراس. تسلم الحراس عصي شرطة، وبزات، وكاميرات لمراقبة المساجين ولهم حق التمتع بحرية فى إختيار ما يأكلون ودوام فى شكل ورديات. أما السجناء فألبسوهم رداءتً فضفاضة بلون واحد من دون ملابس داخلية وصنادل مطاطية كتموت تخلى أو رطب. وكل سجين ألصق فى رداءه رقم. وكان عليهم لبس قبعات ضيقة من النايلون لتبدوا رؤوسهم كما لو أنها محلوقة تماماً. كما وضعت سلسلة صغيرة عند الكاحل كمنبه دائم على أنهم مسجونون ومضطهدون. التوجيهات التى أعطيت للفريقين عدم العنف الجسدي، ويمكن أن تنهى التجربة فى أى لحظة إذا رأى المراقبون خروج التجربة من مجراها وذلك بإضاة نور أحمر. قال زيمباردوا للحراس: «يمكنكم أن تولدوا إحساساً بالخمول لدى السجناء، ودرجة ما من الخوف، من الممكن أن توحوا بشيء من التعسف يجعلهم يشعرون بأنكم وبأن النظام وبأننا جميعاً نسيطر على حياتهم، سوف لن تكون لهم خصوصيات ولا خلوات. سنسلبهم من شخصياتهم وفرديتهم بمختلف الطرق. بالنتيجة سيقود كل هذا إلى شعور بفقدان السيطرة من طرفهم. بهذا الشكل سوف تكون لنا السلطة المطلقة ولن تكون لهم أي سلطة.». ولنعرف النتيجة. أما السجناء فتركوا ليواجهوا ما أعد لهم. وددج المكان بالكاميرات لمراقبة التجربة. كان الجميع حريص على إنهاء التجربة للحصول على المقابل المادى. ولكن هل تمهل المحاكاة التجربة حتى تكتمل الصورة؟. فبعد اليوم الأول الذي مر دون ما يستحق الذكر، تفاقمت الإحتكاكات فى اليوم الثانى الذى أسفر عن عصيان. تطوع الحراس للعمل ساعات إضافية للقضاء على التمرد، دون أي إشراف من قبل الطاقم المشرف على الاختبار. بعد ذلك، إبتكر الحراس حيل بمحاولتهم تفريق السجناء وتحريضهم ضد بعضهم البعض من خلال تقسيمهم إلى زنزانتين واحدة ((للجيدين)) والآخرى ((للسيئين))، ليوهموا السجناء من وراء ذلك إلى أن هناك مخبرين تم زرعهم سراً بين السجناء. لقد نجحت الخطة وآتت الجهود أكلها، فلم يظهر بعد ذلك أي تمرد كبير. وقد ذكر بعض المستشارين بأن هذه الخطة تستخدم بنجاح في السجون الحقيقية في أمريكا !. سرعان ما تحول السجن إلى مكان منفر وغير صحي. وصار الدخول إلى الحمامات امتيازا، قد يحرم منه السجين. وقد أجبر بعض السجناء على تنظيف المراحيض بأيديهم المجردة. وتم إخراج الفرش والوسائد من ما سميت زنزانة ((السيئين))، وأجبر السجناء على النوم عراة على البلاط. أما الطعام فكثيراً ما حرم السجناء منه كوسيلة للعقاب. لقد فرض العري على السجناء وتعرضوا للتحرش الجنسي والإذلال من قبل الحراس. زيمباردو قال بأن السجناء استجابوا بأحد ثلاث طرق: إما المقاومة بنشاط، أو الانهيار، أو بالرضوخ والطاعة وهي حالة ((السجين النموذجي)). مع تقدم التجربة، ازداد السلوك السادي عند بعض الحراس. شاعت بين السجناء مظاهر البكاء والاضطراب في التفيكر. والطريف ان الذى سيطر على قيادة الحراس وأصبح عرابهم ويعطيهم أفكار القمع والتعذيب النفسى ويصدر الأوامر كان قد قال فى المعاينة: أنا متدين ومصدرى لمعرفة الخطأ من الصواب والخير من الشر هو الله عز وجل. وخلاصة هذا الإختبار أنه يعتبر عبارة عن عرضً لأنماط الطاعة والانصياع التي يبديها الناس عندما يتعرض لنظام أيديولوجي يحظى بدعم اجتماعي ومؤسساتي. لقد تم توظيف هذا الاختبار لتوضيح وفهم معالم قوة (السلطة)، وتبدو نتائح هذا الاختبار متوافقة مع اختبار أخر أجراه عالم إسمه (ميلغرام) وسمي باسمه. وهو يدعم فكرة ((التنسيب المكاني)) التي تقول بأن الوضع أو الواقع هو الذي سبب سلوك الأفراد في الاختبار أكثر من أي شيء موروث في شخصياتهم. انهى الإختبار بعد 6 أيام فقط لإزدياد العنف والإنتهاكات التى تمت وبعد أن قتل أحد السجناء فنشبت ثورة عارمة تسلح فيها السجناء وتراكم عندهم الشعور بالإنتقام وهبوا لينقضوا على الحراس وأوشكت أن تكون مجزرة دموية حقيقية لا تبقى ولا تذر. سؤوال طرق ذهنى بقوة بعد هذه المشاهد: هل أصبح وطننا سجن كبير؛ بين حراس ومساجين؟، هل نحن نعيش فى تجربة فعلا بما نشهده من العنف اللفظى والجسدى و الإنتهاكات المريعة والتجاوزات الكبيرة بسبب فساد وفشل تجربة الإنقاذ الإسلاموية الكيزانية، وهل العالم الخارجى متواطئ ويعلم بفشل التجربة ولكن يريد أن يرى النتيجة الحقيقية؟. وهل نتوقف عند هذا الفيلم أم نتابع ونشاهد فيلم الرجل المدمر “Demolition Man"أو نهاية العالم “End of the World" .؟؟