أشياء صغيرة حركة لدي وطن (2) أمل هباني الحقوق المدنية والمواطنية والحريات ...نحتاج للصدق والتجرد قد يكون الكبت الاعلامي ووضع جهاز الأمن يده على فم الصحافة حتى لا تنطق بأي شئ عن تلك المناطق و ما يحدث فيها هو السبب الرئيسي،فالصورة والقلم يلعبان الآن الدور الاول في أثارة القضايا وحملات المناصرة والضغط وحتى ثورات الرفض والتغيير ،وبعيد عن العين بعيد عن القلب بالنسبة للمواطن في قضاياه ؛ وهذا ماتعيه الحكومة وأجهزتها الأمنية تماما في السودان ، ويرسل النظام مايسمى في علم الأعلام بالرسالة ذات الأتجاه الواحد ،لتصبغه بفكرها ولونها حتى يصدق الجمهور تلك الرسائل لأنه ليس هناك رسالة موازية تفند وتكذب تلك الادعاءات ،فتمارس الأجهزة الامنية الحاكم الفعلي للسودان رقابة كثيفة على الصحف وفي ذات الوقت تصنع وتمول اعلاما عنصريا ممجوجا يستهدف مجموعات بعينها في السودان باعتبار أن المؤتمر الوطني يعبر عنها وعن مصالحها ،مشددا على نبرة الاستعلائية الاسلامية العروبية مستغلا ضعف الوعي ،والخلفية العنصرية القبلية لمعظم تلك المجموعات .....مصورا الصراع على أنه أفريقي لا اسلامي ؛في مواجهة العروبي الاسلامي ، ومخوفا في ذات الوقت من الحراك الأفريقي الحاقد العنيف تجاه تلك المجموعات الوسطية الشمالية العربية المسلمةوكأن النظام يريد أن يقول نحن جميعنا كشماليين نجلس على قارب واحد ويرتبط مصيرنا كحكومة ومجموعات سكانية بقوة مع بعضنا البعض ،لذلك يصبح مواقف تلك المجموعات مزيد من التمسك والتشبث بنظام الأنقاذ خوفا على نفسها من فقدان أمنها واستقرارها الذي يميزها عن بقية هوامش وأطراف السودان الذين فتكت بهم الحرب .أذن نظام الأنقاذ يساوم شمال السودان بأمنه ..وأي مواطن بسيط من تلك المناطق يعتقد أن البشير أفضل من القادمين تحت زخات الرصاص(وهذا تصور واهم ويحتاج عملا مناهضا من تلك المجموعات و سنتعرض له بالتفصيل بأذن الله ) ،لكن أين بقية المجموعات الأخرى من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني وغيرها ووسائلها من وقفات سلمية أحتجاجية ومظاهرات ومذكرات ....بل وأين المواطن المتعاطف .... السودان من الوطن الى الشلة أنهم جميعا يعانون ذات المأزق ،مأزق أننا جميعا بلا وطن ، وهذه الحالة خلقتها الأنقاذ بافراغها للحياة السياسية والأجتماعية و الثقافية حتى بتنا جميعا مجموعات (شلل) من شلل الحكومة التي تجمعها مصالح شخصية ومزاجية الى شلل المعارضة الى شلل (النضال) الى شلل(التحول الديمقراطي) الى شلل المجتمع المدني ومنظماته ....وكل تلك اللافتات تعمل بنفس طريقة الحكومة العشوائيةالقبلية غير المرتكزة على مفهوم الوطن أو المواطنة بقدر ارتكازها على مفهوم مجموعة المصالح المنتقاة ..على الرغم من وجود كثير من الملتزمين ألتزاما صادقا وواعيا بتلك القضايا ..لكن ما أن يصبح الفرد ضمن مجموعة الا واصطدم بكثير من المشاكل المحبطة من أناس يفترض فيهم القيادة والريادة (للوطن الحلم) والذي نسعى للتغيير من أجل اقامته ،وهذا السعي والنضال يتطلب منا مؤهلات فردية وجماعية عالية تجعلنا قادرين على تحقيق حلمنا بوطن العدالة والمساواة والحرية والكرامة ،فلا يمكن أن نناهض المشروع الانقاذي(الكاذب الكذوب) ونحن نكذب على مستوانا الفردي ولا يمكن أن نناهض العنصرية الدينية والحزبية والقبلية للنظام الحاكم وفي دواخلنا قبول وممارسة لتلك العنصرية في الأتجاه المضاد ،ولا يمكن محاربة الفساد المستشري استشراء السرطان في الجسد ما لم نعالج أنفسنا من كل مظاهر ذلك الفساد ...وهذه العملية تحتاج منا درجة عالية من التجرد والغيرية في مواجهة الأنانية والذاتية التي زرعت في المجتمع ورعيت وأينعت ..وذلك لايجابه ألا بحركة قوية للحقوق المدنية ،من أجل قيام دولة القانون لا دولة التلفون التي تسود الآن والتي يبحث كل فرد أو مواطن فيها عن (وسيط) حتى يحصل على مايريد بدلا عن نظام راسخ للدولة يقوم على حق المواطن للخدمة ،فالوظيفة تملأ( بتلفونات) المعرفة السلطوية أو العائلية أو الحزبية أو القبلية ،والمرابحة البنكية تخرج بذات الطريقة وكذلك رخصة القيادة ...واجراءات الجمارك .و...و...حتى يصل الامرلأقل معاملة رسمية في الدولة لا مكان لاحترام حق الجميع في نيل الخدمة المتساوية بطريقة عادلة ...فأذا كانت الخدمة وظيفة محترمة فلا مكان لأي مواطن ولو كان الأكثر تأهيلا مع سيل التلفونات والزيارات الشخصية لمعارف المتنفذين ،وهذه أحدى أوجه التهميش السياسي و الأجتماعي والاقتصادي الذي مارسه هذا النظام،وبنى به نظاما موازيا لنظام الدولة ..فالموظفون في الشركات الكبرى كشركات الاتصالات والبترو ل وغيرها هم جميعا فئات محددة من المواطنين ،يصعب اختراقها من قبل فئات ومجموعات أخرى أكثر ضعفا وأقل سندا أجتماعيا ودينيا وأسريا ....وهذا الأيقاع لم ينجو منه مؤيد أو معارض للنظام...بل على العكس أصبح كل يطالب بنصيبه من الكعكة بهذه الطريقة من حركات الهامش الى أحزاب التوالي الى الاحزاب الطائفية العريقة الى المليشيات المسلحة الموالية للحكومة ، ولو أردنا بناء وطن حقيقي علينا أن نعمل من أجل أن يكون المؤهل العلمي والمهني هو المقياس ويكون الشخص المناسب في المكان المناسب ،مع اعطاء جميع حق ذلك التأهيل بالتعليم الجيد المتساوي ،فالقصر الجمهوري لن ينصلح حاله الا اذا دخله علماء ومفكرين مؤهلين أكاديميا ووطنيا لحماية مصلحة المواطن الأضعف وليس أرتال الأرزقية التي تبني نفسها من عرق أولئك الضعفاء ..وأن النضال المسلح والسلمي يجب أن يمضي في هذا الأتجاه ،فصعود الحركات المسلحة للحكم هو أحد مظاهر فشل الدولة ،و ما اتفاقيات مشاركة الحكم ألا دليلا قاطعا ،أذ أثبت أنه لا قتال بالأنابة وأن كل يريد نصيبه من الغنيمة لذلك أعيدت دورة التهميش ودفع ذات الذين يدفعون الثمن من البؤساء في الأقاصي حياتهم وأمنهم وأستقرارهم ثمنا للصراع مرة أخرى ؛ فالنضال المسلح يجب أن يكون من أجل بناء وطن يسع الجميع وتكون المواطنة ذات الحقوق والواجبات المتساوية هي خط بناء ذاك الوطن كما فعل نلسون مانديلا في جنوب افريقيا ، وعلى الرغم من أن برنامج السودان الجديد الذي تحمله الحركة الشعبية من أصلح البرامج لبناء ذاك السودان ألا أن الحركة الشعبية كحركة مسلحة عجزت عن تنزيل ذاك البرنامج الى أرض الواقع سواء في تضييع الفرصة لبناء السودان الجديد عبر صندوق الأقتراع في الأنتخابات الماضية والذي كان سيكفي السودان شر الأنفصال أو في حكمها لجنوب السودان والذي يعد نسخة مستنسخة للحكم العسكري القابض الفاسد في شمال السودان ويتميز عليه بفسحة الحريات الاجتماعية والدينية للمواطن الجنوبي ، وفي أنه مازال في بداية الطريق وأمامه فرصة كبيرة لو كان جادا في بناء دولة المواطنة والعدالة والمساواة و الحقوق في الجنوب ...بينما فقد النظام الحاكم في الخرطوم كل فرصه للاصلاح ولا يمكن الحديث عن أي بناء وطني قبل أسقاطه ....ويبقى السؤال على من تقع مسئولية التغيير ؟؟؟؟ ستكون الأحزاب السياسية المعارضة بشكلها الحالي والحركات المسلحة هي قطب الرحى في اسقاط النظام بعد فشل المجموعات الشبابية المرتبطة بالتنسيق مع بعضها عبر وسائط التواصل الاجتماعي وحتى الآن ليس هناك سيناريو متخيل لهذا التغيير ،هل سيكون باتساع رقعة العمل المسلح أم بالانتفاضة السلمية؟ ،وهل تقبل المجموعات السكانية الوسطية الشمالية والتي تعتبرها معظم قوى الهامش مجموعات مركزية ذات سطوة واستعلاء ثقافي واجتماعي واقتصادي وديني فهل تقبل بتلك الحركات وطرحها ؟أم تنضم للمؤتمر الوطني وحكومته في مواجهتهم معتبرة أن الجوع والغلاء والفساد الذي تمارؤسه الأنقاذ أكثر امنا مما ستفعله تلك الحركات؟وهل تطولا تلك الحركات نفسها بحيث تصبح أكثر أقناعا لجميع السودانيين عبر برامج ورؤى واضحة لا تعتم على القبلية والجهوية كما يحدث الآن وهل يخرج منها قادة لهم من صفا الزعامة والكاريزما ما يجعلهم أهل لثقة جميع السودانيين كالزعيم الراحل جون قرنق؟ وهل تستطيع الأحزاب السياسية التقليدية ببناءها التقليدي أن تصمد أمام متطلبات بناء سودان جديد بعد الثورة لا مكان لزعامة السيد الذي تدين له الجماهير بالولاء لأنه الرمز المقدس لأن الجماهير قد وعيت لأنها تحتاج الى السياسي الخادم لقضاياها وحقوقها أكثر من المتكئ على تلك الحقوق لينال زعامة سياسية غير مستحقة ؟........ هذه الأسئلة و كثير من الأسئلة الأخرى ومكامن القلق تبقى مقلقة .... لكن بات من المؤكد أنه لن يكون هناك وطن مادام ذاك المؤتمر الوطني يعتقل السودان في زنزانة من الجحيم .وهذه هي الخطوة الاولى في صناعة أطار فكري مفاهيمي لحركة لدي وطن ....ومرحبا بالنقاش من أجل تطوير الفكرة أن كانت هناك أفكارا تستحق النقاش في هذا الطرح المتواضع !!!!!!!! مسارات