إليكم .......... الطاهر ساتي [email protected] تفاصيل الهامش ... إبداع..!! **هناك تفاصيل رائعة على هامش قصة الحب التي عاشها جاك و روز على ظهر السفينة تايتنك قبل ولحظة وبعد الغرق..ومن تلك التفاصيل، أحدهم يعزف جيتاراً بمنتهى اللامبلاة وكأن هناك آذان صاغية..وآخر يشعل سيجارة ثم يعيد العلبة والكبريت الي جيب البنطال، وكأنه سيشعل سيجارة أخرى من ذات العلبة وبذات الكبريت .. وثالث يجمع أمتعته ويحزمها ويحملها ظهره، وكأنه سوف يعبر بها المحيط ..وهكذا يضج سطح السفينة بالتفاصيل..والسفينة تواصل الغرق بهدوء رهيب، والنقاد يسمون تلك التفاصيل بالأمل، ولكنها - أملاً كان أو جنوناً - فانها رائعة..ولو لم يكن الحدث مأساوياً، لكانت تلك التفاصيل مضحكة للغاية.. إذ ليس من العقل أن تعزف لحناً لتطرب به أنفساً قاب قوسين أو أدنى من التلاشي..وكذلك ليس من العقل بأن تحتفظ بالسجائر والكبريت وأنت تنحدر الى قاع المحيط..وليس من المنطق أن تهدر وقتك في جمع أمتعتك وترهق بحملها ظهرك، بيد أن الناس من حولك يقفزون - بأوزان الريشة - بحثاً عن طوق نجاة..للأسف، جاك لم يستمتع بتلك التفاصيل المرتبكة، إذ شغلتها روز برومانسيتها..مات جاك وعاشت روز، ولكنها لم تعش الى يومنا هذا..ولو عاشت روز الى يومنا هذا، لإستمتعت ببعض تلك التفاصيل المدهشة في سفينة إقتصاد السودان ..!! **على سبيل المثال، في خضم حدث رفع الدعم عن الوقود، نتأمل المشهد التالي..مشروع قرار تنظيمي للمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم يمنع عضوية الحزب عن آداء شعائر الحج والعمرة هذا العام، وذلك للذين أدوا تلك الفريضة من قبل، وكذلك يلزم مشروع القرار تلك العضوية بالتبرع بالمبالغ المرصودة للحج والعمرة للفقراء و إفطار الطلاب في شهر رمضان، وذلك مراعاة للمنعطف التاريخي الذي يمر به إقتصاد البلد..ممتاز، إذ هناك في القوم من كان يحج كل عام ويعتمر في العام أكثر من مرة ، ولكن – حسب مشروع القرار - آن أوان التقشف والتجرد ونكران الذات والبذل والعطاء، بحيث لاحج بعد اليوم لمن حج مراراً، ولا عمرة بعد اليوم لمن إعتمر تكراراً، وميزانيات حجهم وعمرتهم يجب أن تذهب للفقراء والطلاب..والله كلام زي الفل، رغم أن مشروع القرار لم يحمل رقماً حقيقياً أو تقديرياً بحيث يمكن إعتباره تكلفة (حج البدريين)، ولكن نأمل أن يخرج رئيس الحزب بالولاية للناس والصحف مباهياً بخطاب من شاكلة: ( أيها الشعب السوداني البطل..لقد ضحت عضويتنا الرسالية بحج هذا العام، و زهدت فيعمرة رمضان، وتبرعت لكم بكذا مليار جنيه..لقد فضلناكم - أيها الفقراء - على غسل ذنوبنا، وآثرنا إطعامكم أيها الطلاب على تطهير نفوسنا..الله أكبر، ولانامت أعين زعماء المعارضة)، أوهكذا.. المهم يجب إستغلال هذا القرار إستغلالاً سياسياً، بالخطب والمهرجانات، حتى يعرف المخذلين وشذاذ الآفاق والطابور الخامس - والسادس برضو لو في - بأن كوادر الحزب الحاكم ضحت بالحج والعمرة معاً، رغم أنها أكثر أهل الأرض حاجة إلى (التعلق بأستار الكعبة)..هكذا المشهد أيها الأفاضل، مستفز جدا، ولايزال فيه البعض ينافق، رغم أن سفينة الحال قاب قاب قوسين أو أدنى من ( التوج )!! **ذاك مشهد، وهذا مشهد آخر، وما أكثر المشاهد الرائعة في خضم حدث رفع الدعم عن الوقود ..زيادة في تعريفة المواصلات بنسبة(30%)، وإتحاد عمال ولاية الخرطوم يرغي ويزبد، ولكن مرد غضبه ليس الزيادة من حيث المبدأ، بل يبرر آدم فضل إبراهيم - أمين علاقات العمل بالاتحاد - غضبه قائلا بالنص : ( لم يستشيرونا في زيادة تعريفة المواصلات، وكان يجب أن تتم هذه الزيادة عبر حوار ثلاثي بين شركاء الإنتاج الثلاثة : الحكومة وأصحاب المركبات واتحاد العمال )، هكذا رد فعل اتحاد العمال بالخرطوم..لاتتوقف عند مفردة (الانتاج) التى لامحل لها من الإعراب المنطقي في هذا الخطاب الغاضب، و لو كان هناك إنتاجا بين أولئك الشركاء - أوغيرهم - لما حدث ما نحن عليه..فدع الإنتاج الوارد ذكره مجازاً، وتأمل في (سر غضب اتحاد عمال الخرطوم)..إذ حواراً ثلاثيا - ثالثهم اتحاد الولاية - كان يجب أن يتم قبل إصدار القرار، ولكن حواراً ثنائيا - الحكومة وأصحاب البصات- قرر الزيادة التي تفاجأ بها الاتحاد الولائي..فالمفاجأة بالقرار هي (سر الغضب)،وليس محتوى القرار..وهكذا تترى مشاهد القلق والتوجس والغباء على هامش الحدث..ورغم مأساويتها، كم هي رائعة تفاصيل ما يحدث على هامش هذا الحدث العظيم، إذ هي تعكس بأن القوم سكارى وما هم بسكارى ولكن ( دا حق الناس والبلد )..!!