بالمنطق (وين الملايين ) ..؟!! صلاح الدين عووضة * هنالك لعبة للصغار في بلادنا اسمها (سك سك) أو (السكوكية) .. * ويسمونها في مصر (الإستغماية) .. * وقواعدها أن يختفي طفل في مكان ما ثم يبحث الاخرون عنه .. * فمن يعثر عليه منهم - ثم (يسكه) حتى يقبض عليه - فهو الفائز .. *وفي قريتنا كنا نضحك على طفل مكث مع أهله شهرين (فقط)- بمصر- ثم عاد مدمناً للعبة (الاستغماية) .. *ومبعث ضحكنا هو صراخه في المختفين من أقرانه (انتو مستخبوش فين ؟) ... * ولو افترضنا الآن أن عضوية الحزب الوطني بمصر كان قد طُلب منها أن تلعب لعبة الصغار هذه لما كانوا اختفوا مثل اختفائهم ذاك عقب سقوط نظام مبارك.. * ملايين من الأعضاء (المفترضين) - أو الافتراضيين - لم يُعثر على واحد منهم يقول انه منتسب إلى الحزب الوطني.. * ونحن لا نعني هنا (الكبار) من الأعضاء هؤلاء الذين عرفهم الناس عبر مناصبهم التي تقلدوها.. * وإنما نعني منسوبي الحزب من عامة الناس الذين كانوا - حسبما يُقال - يصوتون لصالح الحزب الوطني في الانتخابات ليفوز بالنسبة المئوية (إياها) .. * أين اختفت العضوية المليونية لهذا الحزب؟! .. * فلا هي ظهرت أيام كان الحزب يحتاجها إبان تظاهرات ميدان التحرير.. * ولا هي ظهرت حين كان (يظهر) رئيسها (مزنوقاً) على شاشة التلفزيون الرسمي و(قفاه يقمِّر عيش) .. * ولا هي ظهرت كذلك عندما (شطب) الواقع الجديد حزبها بجرة قلم لتقول: (إحنا هنا، إحنا الملايين) .. * فهي (فص ملح وداب) .. * وكانت أبرع لعبة (إستغماية) يلعبها كل فرد من أفراد الحزب هذا طوال حياته.. * والجن الأزرق (ذات نفسو) لا يمكن أن يعثر الآن على المكان الذي (استخبّى) فيه الذين كانوا يهتفون لمبارك حتى الأمس القريب.. * وفي تونس كان قد اختفى بالسرعة ذاتها أعضاء حزب التجمع الدستوري الديمقراطي حين انتفض الشارع ضد زين العابدين بن علي .. * وفي ليبيا اختفى (بتوع) الكتاب الأخضر .. * وفي السودان - من قبل - أضحى كل عضو من أعضاء الاتحاد الاشتراكي عبارة عن (الرجل الخفي) - أو (المرأة الخفية) - عندما ثار الشعب ضد نميري.. * وكذلك من كانوا يُسمون ب (كتائب مايو) .. * وطلائع مايو.. * وأعضاء الوحدات الأساسية.. *(كلو) اختفى في غمضة عين.. * وكانت أغرب لعبة (سكوكية) جماعية تُلعب في السودان.. * فالملايين الذين كانوا يقولون (نعم) لجعفر نميري -كيما يفوز بنسبة (99%) - دخلوا (الشقوق!!) في لحظة واحدة ولم يبق ظاهراً منهم إلا ذوو (الحجم الكبير) .. * والتفسير المنطقي الوحيد للإختفاء العجيب هذا أنه لم يكن هناك ملايين (من أصلو) .. *لا في عهد مايو ، ولا مبارك ، ولا ابن علي ، ولاالقذافي ، ولا علي صالح .. *الملايين الوحيدة التي لها وجود (حقيقي) هي تلك الدالة على ما هو (منهوب) من أموال .. * أما (البشرية) التي نعنيها فلا وجود لها إلا في (خيال) أجهزة الإعلام (الرسمي) .. *وأبلغ دليل على ذلك أن الملايين هذه تختفي - بقدرة قادر- حين يكون الحاكمون في أمس الحوجة إليها.. *وإلا ؛ فلماذا تنجح الثورات المشار إليها إذن ؟! .. *اللهم إلا أن نقول أن (القلة) قد غلبت ( الكثرة) .. *علماً بأن القلة هذه ليست بذات (عدة ) و(عتاد) و........(بمبان) .. *أو أن نقول - في تفسير آخر- أن الملايين هؤلاء قد (خِرموا) فجأة للعبة (السكوكية) على أن يكونوا هم الذين (يستخبوا) .. *ولكنه اختفاء إلى ( الأبد) لا يجدي معه مثل صراخ ابن قريتنا (انتو مستخبوش فين ؟!!!!) . الجريدة