: أحد زملاء الدراسة بالجامعة كان دائم الشكوى من تسلط زوجة خاله ،كان يقضى معهم عطلة نهاية الاسبوع وفى كل مرة كان يسرد لنا الزميل عقب عودته الى الداخلية شكلاً من اشكال التعسف الذى كانت تمارسه تلك المرأة ضدهم ، فيقول انها كانت تستقبل اى فرد من اهل زوجها عند الباب بعبارات مثل ( انتو جيتو و ديل جو - ديل مشوا - ديل قعدوا وقاموا وغيرها من عبارات عدم الترحيب ) وفى نفس الوقت كانت تتعامل بكرم وتغدق على اهلها ومنسوبيها بطيب الضيافة والاستقبال ، وكذلك الخال او الزوج كان دائما يقابل شكاوى اقربائه المتكررة بتبرير تصرفات زوجته تجاه اهله مهما عظمت بعبارات يا جماعة المرأة تمر بظروف حمل او المرأة ضغط ومشاغل البيت كتيرة عليها اعذروها ، احيانا يواجه شكاوى الاهل المتكررة باتهامهم مباشرة بالتآمر واستهداف زوجته لذا كان هذا الزميل واقرباء الزوج يطلقون على قريبهم لقب (حاج مبرر) هذا اللقب ذكرنى بسلوك بعض المؤسسات السياسية والتشريعية والنقابية والمهنية والاعلامية التى اصبحت وظيفتها الاساسية التبرير للسياسات والقرارات الحكومية التى تثير الجدل والتصدى لردود الافعال وليس اعانة الحكومة لصناعة الحدث او الفعل فى حد ذاته، وتبدو الحكومة احيانا كانها تفكر فى ايجاد المبرر قبل اتخاذ القرارات الخطيرة بدلا من البحث فى جدوى وانعكاسات القرار كذلك احيانا نجد ان وجود قوالب جاهزة من المبررات من انتاج مكنات التبرير التى اشرنا اليها يقلل من همة وحماس الجهات المسؤولة لمعالجة بعض القضايا ووضع التدابير اللازمة لتفادى احداث وازمات محتملة مثل الاحداث المؤسفة التى شهدتها مدينة نيالا فى الايام الماضية وغيرها من الازمات التى مرت بها البلاد والتى كانت تلوح فى الافق. أكبر عملية تبرير استباقى مارسها الحزب الحاكم هى التصريحات التى كان يطلقها منسوبو الحزب قبيل اجراء الاستفتاء على حق تقرير مصير جنوب السودان بالتقليل من شأن التداعيات الاقتصادية الناجمة عن انفصال الجنوب وقدرة عائدات التنقيب العشوائى عن الذهب لسد الفجوة قد تكون عائدات الذهب العشوائى احدى البدائل ولكنها ليست البديل الانسب بدلا من الزراعة وقطاع الثروة الحيوانية ولا يمكن ان تعتمد عليها الدولة فى سد العجز فى الموازنة العامة ببساطة لان هذا النشاط نشاط عشوائى لا يمكن تقدير حجم عائداته بالارقام واعتماده فى موازنة الدولة ، ويبدو ان الحزب الحاكم صدق قبل الآخرين الحملة الاعلامية التبريرية التى اطلقها بنفسه بانكار حدوث تداعيات للانفصال حيث مضت الحكومة فى الصرف الادارى ومارس الحزب الحاكم سياسة التضليل الاقتصادى باستحداث وزارة للتعدين قبيل الاستفتاء اخذت تبشر الناس بقدرات التعدين العشوائى للذهب على سد فجوة خروج البترول واتخذ وزير المعادن السابق من الصحف ووسائل الاعلام ساحة لحملته الاقتصادية حيث كانت تقاريره اليومية تنشر فى الصحف مثل نشرة احوال الطقس وذلك قبل ان يتفاجأ الحزب الحاكم قبل الآخرين بانفصال الجنوب وانكسار المرق الاقتصادى وتشتت الرصاص. أيضا ربما المؤتمر الوطنى هو من اسس وابتدع منبر السلام العادل الذى يتزعمه الطيب مصطفى مع بداية تنفيذ اتفاقية السلام الشامل لتهيئة الرأى العام لقبول نتيجة الاستفتاء وامتصاص الغضب الجماهيرى وردود الافعال المحتملة فى حال افضت نتيجة الاستفتاء الى انفصال الجنوب ثم ما لبث الوطنى ان انشغل بتسارع الاحداث والازمات ونسى المولود غير الطبيعى فى انبوب الاختبار يكبر ويتضخم بطريقته الخاصة واصبح ينافس ويهدد ويمثل خطر على الحزب الذى ابتكره من اجل خلق مبررات والتخفيف من وقع احداث كان يتوقع حدوثها وكذلك ما يعرف بأحزاب الوحدة الوطنية التى يغدق عليها الحزب الحاكم بالمناصب وربما الاموال تعتبر واحدة من آليات التبرير والملاحظ ان هذه الاحزاب لا تتحرك الا بعد حدوث الازمات للتعقيب او لابداء ردود افعال واتخاذ مواقف مساندة للحزب الحاكم واحدث (مكنة) تبريرية اطلقها الحزب الحاكم هى نتائج الدراسة التى كشف عنها رئيس القطاع السياسي للمؤتمرالوطني الدكتور الحاج آدم يوسف بحسب وكالة سونا ( الأول من اغسطس) عقب اجتماع القطاع لبحث تداعيات احداث نيالا كشف عن (وقوف القطاع على بعض الدراسات الإحصائية وإستطلاع الرأي العام والتي قال عنها رئيس القطاع السياسى البلاد وقال دكتور الحاج إن مثل هذه الدراسات والإحصائيات يحرص القطاع على إستصحابها في كل القضايا ويركز على مواطن الضعف والحفاظ على الكسب السياسي ). بالرغم من انه ليست لدى معلومات عن الجهة التى اعدت الدراسة والفئات التى شملتها وحجم التأييد ....هل وصل الى النسبة 99% ؟ وهل يوجد من بين الآراء من ادلى برأيه على طريقة رأى الشيخ ابو سن فى اداء المفتش الانجليزى ( كويس الا انه طول ) ؟ اعتقد ان اهتمام الحزب الحاكم بمراكز البحوث وقياس الرأى العام ورصد اتجاهاته واستطلاع الرأى العام لمعرفة ردود الافعال ورأى الجمهور فى بعض القضايا التى تتصل بمعاش وحياة ومستقبل المواطنين وتقييم اداء المؤسسات التنفيذية والسياسية فهى ممارسة سياسية راشدة تعكس نضج ووعى سياسى كبير ربما لم تتوفرلكثير من مؤسساتنا الحزبية ولكننى اخشى ان ينوم الحزب الحاكم على ضوء نتيجة هذه الدراسة فى العسل ويصبح هذا التأييد الكبير بمثابة مخدر يقلل من همة ونشاط الحزب والاجهزة التنفيذية فى المضى قدما فى سياسات الاصلاح السياسى والاقتصادى واننا نشيد بنهج الحزب الحاكم فى اتباع وسائل علمية وعملية فى الرصد وقياس اتجاهات الرأى العام لتقييم ادائه السياسى ونطالبه باجراء المزيد من الدراسات قبل تبنى مواقف سياسية مسبقة بشأن القضايا والازمات التى لها تأثير مباشر على الاوضاع السياسية والاقتصادية والامنية بالبلاد كما نطالبه باعانة الاجهزة التنفيذية باجراء الدراسات قبل الشروع فى اتخاذ القرارات الخطيرة مثل قرار وزير الكهرباء الخاص بزيادة تعرفة استهلاك الكهرباء الذى الغته لجنة تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية والتى اوصت باجراء دراسة فى هذا الشأن بعد صدور القرار. وذلك لاننا نريد ان تأتى القرارات والسياسات التى تتبناها الدولة وفقا للدراسات التى قال الحزب الحاكم انه يحرص على اجرائها كما نأمل ان تصدر تلك القرارات والمواقف عن اصالة ومبادرة وسبق للاحداث والازمات وليست كردود افعال او تحت الضغوط الداخلية والخارجية. الصحافة