لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعاة الشريعه يسيئون للأسلام مثل خصومه تماما!
نشر في الراكوبة يوم 04 - 09 - 2012


[email protected]
مداخلات بعض القراء المحترمين عن (الشريعه) والفرق بينها وبين (الأسلام) جعلتنى اشعر بالحاجه الماسه للمزيد من الكتابه فى هذا الجانب المسكوت عنه والذى يبتعد عنه المثقفين ويتركون المجال ( للأغبياء الذين يتصدون لدين الأذكياء) من طبقة من يسمون (بالعلماء) و(الفقهاء) الذين لا ينهلون من ثقافة العصر ولا يؤمنون بالتطور ويعيشون فى عصور الظلام والتخلف.
ولا بد بداية من الأقرار بأن (الأسلام) دين شامل و(حق) ويجب أن يحترم كباقى الأديان، لكن هذا لن يحدث الا اذا فرقنا بينه وبين (الشريعه) التى هى جزء من الأسلام، وكل رسول كانت له شريعته التى تناسب زمانه ومكان نزول رسالته وثقافة الأمه التى نزلت فيها تلك الرساله والأخذ فى الأعتبار اعرافها الحميده، كالكرم الذى كان عليه العرب ايام الجاهليه وخير مثال لذلك (حاتم الطائى)، الذى اكرم الرسول بنته حينما اسرت فى أحدى المعارك تقديرا لسيرة والدها العطره الذى لم يكن حيا عند ظهور الأسلام.
أحد اؤلئك القراء المحترمين قال أن الشيخ (راشد الغنوشى)، زعيم حركة النهضه التونسيه، تراجع ونفى ما قاله من قبل على الهواء فى احدى القنوات الفضائيه المصريه بلسانه من أن (الشريعة غير صالحه لكل زمان ومكان) وكان كلامه ذاك ردا على من سأله لماذا لم تضمن (الشريعه) فى الدستور التونسى، فقال الغنوشى: " يكفى أن يقال الدوله (مسلمه) ولا داعى ان يقال دستورها (الشريعه)، لأن الشريعة ليست صالحه لكل زمان ومكان، والأسلام دين شامل والشريعه جزء منه، والفقه يختلف من مكان لآخر، حتى أن أحد الأئمه حينما خرج من المدينه ووصل مصر، شعر بالحاجه لتغيير الفقه الذى كان سائدا هناك".
"أنتهى كلام الشيخ راشد الغنوشى".
ومع تحفظنا على قوله "يكفى أن تكون الدوله (مسلمه)"، فهذه متاجره بالدين، فالدوله لا تكون مسلمه أو كافره ولا تدخل الجنة أو النار، وأنما البشر، وتلك ثقافة تهدد الوحدة الوطنيه لأى بلد فيه تعدد أديان و(افكار) ومذاهب مختلفه فالوهابيه نظرتهم للأسلام تختلف عن نظرة (المتصوفه) بل تناقضها تماما، وتلك الثقاقه التى تتبنى (دينا) للدوله تستفز اصحاب الديانات الأخرى وتجعلهم مواطنين (درجه ثانيه)، لكن اذا صح فعلا أن الشيخ (الغنوشى) قد تراجع عن قوله - وهذا ما لا أظنه - لكن يبقى أن الدستور التونسى لا توجد فيه، مادة أو نصا يؤكد الألتزام بالشريعه، كما فى مصر، التى لا يدرك عامة المسلمين فيها وبعض الأقباط والليبراليين، خطورة قبولهم (بالشريعه) كمادة ثانيه فى الدستور على (الديمقراطيه) وعلى مدنية الدوله وعلى الحريات مستقبلا، وفى ذات الوقت غير مستغرب من الشيخ / راشد الغنوشى أو كل من ينتمى لتيار (الأسلام السياسى) اذا كانت النهضة فى تونس أو الأخوان المسلمين فى مصر أو (المؤتمر الوطنى) فى السودان ومن أجل السلطه أن يتنكروا لأقوالهم وأن ينفوها وأن يكذبوا ويتخلوا عن آخر ورقة توت تسترهم، حتى لو كانوا مقتنعين بعدم صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان وأستحالة تطبيقها فى العصر الحديث، كما قال الشيخ الغنوشى يومها ولم يجبره أحد على الأدلاء بذلك القول، أما ماهو ايسر عليهم من ذلك كله هو أن يخرج احدهم ويقول لك كلام ذلك (القطب) أو القيادى غير ملزم لباقى المسلمين أو لأعضاء حركته.
المهم فى الأمر فأن كل من يدعو لتطبيق (الشريعه) كما نزلت فى القرن السابع فى هذا العصر، لن يخرج من طائفتين، اما أن يبقى مع المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون، أو يصبح مثل جماعة (طالبان) الذين يلتزمون (بالشريعة) حقيقة كما نزلت فى القرن السابع فيترصدون ويقتلون كل من يجدونه من الكفار، ومن يوالونهم، اذا انسلخت الأشهر الحرم أم لم تنسلخ، وللأسف لأن (الأمريكان) وغيرهم من الدول الغربيه، لا يفهمون أن (الشريعه) تطالب المسلم بقتل (الكفار) حيثما وجدهم لكى ينفذ (فريضه) تعبديه مثل الصلاة والصيام والحج والزكاة هى (الجهاد) لذلك يفاجأون من وقت لآخر بجندى من قوات (كرزاى) يفتح النار على جنودهم ويحصد عدد من اؤلئك الأمريكان أو الأستراليين، لكى يكسب أجرا مضاعفا، واذا قتل أصبح شهيدا تنتظره أحدى بنات الحور الجميلات فى سن الثلاثين على ابواب جنة الفردوس، يأكل العنب والتفاح ويشرب من انهار اللبن والعسل والخمر.
لذلك اقول ان من ينادى بتطبيق (الشريعه) وكان (صادقا) فى دعوته، فهو مشروع (ارهابى) مؤقت، وقنبله يمكن أن تنتفجر فى أى وقت لأن لوثة الأرهاب مغروسة داخله مثل السرطان، ومن غذاه بذلك الفهم هم طبقة من يسمون (بالعلماء) و(الفقهاء) الذين حصلوا على فهمهم الدينى من الكتب الصفراء القديمه.
وهذه مناسبه أعود فيها للرد على قارئى محترم آخر طلب منى التدليل على الفرق بين (الأسلام) و(الشريعه) وكيف أن الأسلام يدعو للحريه والديمقراطيه على عكس (الشريعه)، كما ذكرت.
وهذا ما أوردته فى أكثرمن مره فى مقالاتى.
فقد كتبت من قبل أن القرآن فيه آية رائعه للغايه وفى الحقيقه كل القرآن رائع اذا وضع فى سياقه الصحيح وفهمت آياته فهما سليما يراعى عاملى الزمان والمكان حتى نستطيع أن نقول عنه صالح لكل زمان ومكان، وقلنا هنالك آيات أصبحت صالحه (للتعبد) فقط، عند التلاوة أو اداء الصلاة، لكن لا يصح العمل بمعانيها وما تدعو اليه لأنقضاء الحاجه اليها، مثل الآيات التى تتحدث عن الرق وعن نكاح الأئماء.
تلك الآيه الرائعه هى التى تقول (وأتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم)، وهنا اشاره لطيفه الى أن رب العزة يقول لنا هذا القرآن الذى هو كله من عندى فيه (حسن) و(أحسن).
والغرض من ذلك الأمر الذى قد يبدو فيه (تناقض) عند البعض، هو احترام (بشرية) الناس، لا أن يخاطب (روحانيتهم) فقط، كما تفعل (المسيحيه)، وفى ذات الوقت يقدم لهم (المنهج) للأنفتاح على تلك (الروحانيات) بلا حدود وللترقى نحو (الكمالات) فى اعلى السموات، وأن كان الوصول الي (الكمال) بصورة حاسمه، أمر مستحيل، وقد فهم (العارفون) ذلك، وقالوا (وعند المنتهى شد الرحال).
على سبيل المثال احترام بشرية (البنى آدم) تظهر فى (التشريعات) التى تمنحه الحق فى المطالبه بتطبيق (القانون) على من أخذ ماله أو تعدى عليه لفظيا أو جسديا وهذا متاح فى (الأسلام)، لكن ذلك الأنسان الذى تعدى أحدهم على ماله أو اصابه فى جسده بجرح قاصدا متعمدا أو اساء اليه بلسانه، يمكن أن يكون (أخلاقيا) وروحانيا ويسمو نحو الكمال، (بالعفو) عن ذلك المخطئ دون المطالبه بتعويض يدفعه له أوحكم يصدر من محكمه.
أما (المسيحيه) فهى تطالب معتنقيها (بروحانية) مفرطه، دون الأعتراف (ببشرية) الأنسان خاصة اذا كان فى بدايات عهده فى الألتزام بالقيم الدينيه وضرورة وضع منهج (عملى) يدرجه نحو (الكمالات)، فالأنجيل يطالب المسيحى قائلا ( من أخذ ثوبك فاعطه رداءك كذلك) و(من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر)، لكن هذا لا يحدث فى الواقع كثيرا، واذا ضرب (المسيحى) أحد على خده الأيمن فلن يدر الأيسر، بل سوف يقتص من ضاربه، مع أن (دينه) لم يمنحه ذلك الحق ويعتبره عاصيا!
وبالعودة الى اتباع "الأحسن" فى القرآن وكمثال لذلك ما تدعو له الآيه (أدع الى سبيل ربك بالحكمه والموعظه الحسنه وجادلتهم بالتى أحسن)، لاحظ هناك مجادله بالتى (أحسن) ومجادله بخلاف ذلك.
و(الأحسن) فى القرآن آية (الديمقراطيه) الواضحه ((فذكر أنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) وآية أخرى (وما على الرسول الا البلاغ).
وآية ثالثه أكثر ديمقراطيه وبسطا للحريات وهى التى تقول: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وهذه دعوة للحريه أكثر من الليبراليه نفسها بل هى (علمانيه) وزياده.
فهى تقول للنبى وللدعاة وللفقهاء من بعده ليس من حقكم التدخل فى اعتقاد أى انسان وأجباره على أعتناق الأسلام، بل من حقه أختيار الكفر.
وقلنا تلك الآيات كلها نزلت فى (مكه) الا قليلا جدا، لأسباب التداخل والتماذج بين الفترتين، (المكيه والمدنيه) مثل التماذج الذى يحدث عند التقاء نهر النيل الأزرق بألأبيض ، تجدهما يسيران جنبا الى جنب وفى ذات الوقت يحتفظ كل منهما بلونه، حتى يتقدما قليلا نحو الأمام فيمتزجا ووبصبحا (نيلا) واحد ، ولا تستتطيع أن تميز أو تحدد بسهولة ويسر، النقطه المفصليه التى التقيا فيها وذابا فى بعضهم البعض.
،وقلنا تلك الحريه والديمقراطيه وحق الأختيار، جعل ا(مكه) تكاد تكون خاليه من المنافقين.
الذين ظهروا فى المدينه وبعد نزول (الشريعه) التى اخافتهم وأرعبتهم وأدخلتهم الأسلام عنوة دون اقتناع، لأن (الشريعة) ما كانت تسمح للكافر أن يكفر، بل لا تسمح بأعتناق اى دين آخر غير الأسلام، قالت الايه (فاذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) وآية أخرى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاَخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) ، ومن قبل ذكرنا أن شرح الآيه (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) كما جاء فى صحيح البخارى (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)، يعنى أن تأتوا (بالكفار) والسلاسل على اعناقهم لكى يؤمنوا.
الا نسئ للأسلام كل حينما نقول أن الحريه التى اعطاها للناس كافة فى الايه (فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر) ، حينما لا تختلف عن (الشريعه) التى تطالب المسلمين بأن يأتوا باؤلئك الكفار والسلاسل على اعناقهم لكى يؤمنوا، غصبا عنهم؟
وكيف نرد على من يتهم (الأسلام) وقرآنه بالتناقض، اذا لم نميز له بين (الأسلام) وبين (الشريعه) التى كانت ضرورة مرحله مثل (الشرعية الثوريه) التى يعمل بها الثوار وقد يتخللها عنف وحالة (طوارئ) وحينما يستقر النظام وتثبت اركانه ويعم الأمن يعود الناس الى (الشرعية الدستوريه) والى بسط الحريات.
والسبب فى النزول بالناس من قيم الأسلام (الأصيله) التى بسطت لهم حريات عريضه لم تحدث من قبل الى (الشريعة) التى تقيدهم وتجبرهم على دخول الأسلام، هو التاكد بالبيان العملىمن صعوبة تعامل اؤلئك الناس مع تلك القيم الراقيه وعدم كفاءتهم لنيل تلك الأستحقاقات ، لأنهم كانوا خارجين لتوهم من جاهليه ومن مجتمع فظ القوى فيه مثل السمك يأكل الضعيف.
وهذا لا يعبر عن تناقض، وأنما تبقى تلك القيم (الأصيله) والتى عبر عنها القرآن بأنها (الأحسن)، حلما واملا يعم الكون، حينما يستعد المجتمع ويصبح جاهزا لنيل تلك الأستحقاقات التى كفلها له الأسلام.
وتبقى (الشريعه) فقها وحكما وممارسه تناسب ذلك المجتمع الخارج لتوه من جاهليه ومن قبليه ومن رغبة فى استرقاق الآخرين واستعبادهم وسبى نسائهم، والذى كانت توأد فيه المرأة حية وبخلاف ذلك لا تتحقق بشرية الآدميين ولا تحترم ارادة التطور والتدرج التى جعلت خالق الكون يخلقه فى ستة ايام، بدلا من ثانية واحده وهو قادر على ذلك.
ومن لا يفرق بين (الأسلام) كدين شامل لكل الناس أو بين (مستويين) فيه بالفهم الذى كان عليه فى مكه، وبين (الشريعه) التى لا تعطى الأنسان (حريته)، فهو يسئ للأسلام تماما كخصومه أو كمن لا يفهمونه ، لكى نحسن الظن بهم.
وقلنا أن (الشريعة) لا تعرف الديمقراطيه ولا تعترف بها، ونهجها فى السياسه هو (الشورى) وقلنا أن فهم (العوام) والبسطاء للشورى بأن يشاور الحاكم أو المسوؤل شعبه ورعيته وأن يلتزم بتنفيذ ما اشاروا له به وأجمعوا عليه، فى الحقيقه هذا فهم خاطئ، (فالشورى) بنص الآيه التى تقول (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين)،يعنى على الحاكم أن يشاور رعيته وفى (الشريعه) والفقه ليس كآفة (الرعية) كأن يعمل استفتاء أو انتخابات يشارك فيها جميع المواطنين كما فى العصر الحديث، وأنما (يشاور) مجموعه (منتقاة) من المحكومين يسمون أهل (الحل والعقد)، يشاورهم ويطرح عليهم امور الدوله ويستمع اليهم، لكنه غير ملزم، بالأخذ برأيهم حتى لو كانوا اغلبيه لأن الآيه تقول له( فإذا عزمت فتوكل) يعنى اذا مالت نفسك الى قرار ما حتى لو لم يتوافق مع رأى اهل الحل والعقد، فأمض فيه متوكلا على الله.
فهل يعقل أن نعمل بفهم للحكم صدر على ذلك النحو قبل 1400 سنه ونرفض، فهما توصل اليه العلماء والخبراء والباحثين بعد تجارب طويله وحروبات وصراعات واختلافات.
وجعل من حق الناس المشاركه جميعهم فى انتخابات حرة ونزيهه وشفافه لأختيار من يحكمهم وفق ما يطرحه من برنامج يحل مشاكلهم ويوحد دولتهم لا أن يمزقها، وحدد الطريقة التى يعزل بها الحاكم اذا افسد أو قصر من خلال البرلمان أو المحكمه الدستوريه، وجعل نظام الحكم مؤسسى لا فردى أو سلطوى فى زمن لا يحكم فيه (أنبياء) أو ملائكه وانما بشر عاديون، يحبون ويكرهون ويطمعون، تمنع الشريعه عزلهم مهما اخطاءوا أو تجازوا استنادا على فقه كان صالحا فى زمانه، يحرم الخروج على الحاكم، طالما كان مسلما مهما فعل بشعبه وبلده.
وكأن (الأسلام) يعادى العلم والتطور، مع ان رب العزه قال عن نفسه (كل يوم هو فى شأن).
ومن الفهم الخاطئ والخلط الغريب، أن يقول لك احدهم وهو شخص عادى مثلك لا رسول أو ملك أن (الشريعه) هى حكم الله، وهى فى الحقيقه فهم (البشر) لقول الله فى (القرآن) وما قال به (الفقهاء) – هو فهمهم – لما جاء فى كتاب الله، فى زمن بعيد كانوا يظنون فيه أن (الكرة الأرضيه جالسه على قرن ثور) كما ورد فى تفسير بن كثير.
وهل يعقل أن نأخذ برأى اؤلئك الناس، ووقتها كان اثبات الجريمه بالدلائل والقرائن والشهود ووجود المتهم فى مكان الجريمه والأعتماد الأكبر على الحلف على المصحف فى وقت امتلأ بشهود الزور فى كل مكان ويمكن أن يكون من بينهم اصحاب غرض، فى وقت نرفض فيه (العلم) والمنطق، فى زمن ال DNA ، الذى أكد براءة الكثيرين بعد مرور سنوات عديده.
وحتى خلال ذلك الزمن الذى كان فيه الناس قريبون من (الرسول) ولما له من مكانه وما يضفيه عليهم من بعد روحى وفى عصر خليفته الثانى، كانت نوايا البعض (سيئه)، كما حكت الفصه، قيل أن الخليفه/ عمر بن الخطاب، أرسل أثنين من (الصحابه) لحل مشكله بين زوجين من اقاربهما، عملا بالأيه التى تقول (وأن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله و حكما من أهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما).
ففشل الصحابيان فى التوفيق بين الزوجين ووقع الطلاق، فأمر عمر بن الخطاب بجلدهما وقال لهما أن الله قال: (أن يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما)، فأنتما لم تريدا اصلاحا، ولو اردتا ذلك لوفقكما الله.
قيل أن احدهم اعترف (لعمر) بأنه فعلا كان يتمنى أن يطلقها الزوج، لكى يتزوجها بعده.
الشاهد فى الأمر أن نظام المؤسسات هو الأصلح لعصرنا، لا نظام (الخلفاء) و(النوايا) الحسنه والمظاهر، التى ربما تكون خادعه ومضلله، والتكبير والتهليل الذى قد لا يتجاوز الشفاه، وجميعا سمعنا عن قصة ابن عمرو بن العاص، الذى ضرب مصريا ووالده كان واليا على مصر، وقال للمصرى (أنا ابن الأكرمين).
وقبل أن اواصل الشرح وتوضيح الفرق بين (الأسلام) كدين شامل وبين (الشريعة) التى تعنى نظام حكم مؤقت، اقول بأنى أعرف شابا من اسرة سودانيه سعوديه كان مسلما بل متطرفا فى تدينه، لكنه من النوع الذى يقرأ ويبحث للوصول (للحق) فوصل به الأمر الى أن أصبح (مسيحيا) لا اقول مرتدا، فكل انسان من حقه أن يختار (دينه)، وكانت مبررات ذلك الأخ أن (المسلم كلما تمسك بدينه اصبح عنيفا، والمسيحى كلما تسمك بدينه اصبح لطيفا).
ربما يكون هذا صحيحا .. لكن هذا الآخ لم يجد من يفهمه الدين الأسلامى على وجه صحيح ولم يميز له بين الدين الشريعه، ولو فهم بأن الشريعه رغم انها تدعو للعنف وللقتل وللتمييز بين المسلمين وبين اصحاب الديانات الأخرى وبين الرجال والنساء، لكنها كانت ضرورة مرحله، ومن يدعى بان الشريعه (صالحه لكل زمان ومكان) فليبين لنا (بصدق) ومنطق اين تلك المساواة التى تدعو لها، وهى اذا طبقت على نحو صحيح دون لف أو دوران ، تجعل المرأة المتعلمه فى العصر الحديث الحاصله على درجة الدكتوراة فى القانون والتى تخرج الرجال محامين ووكلاء نيابه، وربما كانت (قاضيه) حينما تتقدم للشهاده، لكنها تعتبر على النصف من (الفراش) الأمى الذى ينظف لها مكتبها كل يوم؟
وذكرنا من قبل بأن (المرأة) فى الشريعه ليس من حقها أن تسافر لزوجها فى بلد ثان أو لأداء الحج وحدها، حتى لو كانت عجوز لا يرغبها الرجال.
فكيف يسمح دعاة تطبيق (الشريعه) فى السودان ومصر للمرأة اذا كانت وزيره أو مسوؤله أو باحثه، أن تسافر لوحدها الى امريكا أو غيرها من البلدان وأن تقيم فى فنادف يقدم فيها الخمر، بل ربما أكثر من ذلك؟
سوف يجيب البعض أن تصرفات الأنظمه يجب الا تحسب على الأسلام، ونحن نقول المشكله ليست الأنظمه التى تستغل الدين وتتاجر به، فذلك واضح ومعلوم، لكن الحقيقه هى صعوبة تطبيق الشريعه بصورتها الحقيقيه فى العصر الحديث بل استحالة ذلك.
واذا عمل على تطبيقها (النميرى) أو (البشير) أو الصادق المهدى أو غيرهم من حكام عرب أو اعاجم، فلا سبيل أمامهم الا أن (ينافقوا) ويكذبوا و(يدغمسوا) ، ولن ترى تلك (الشريعه) الا فى جلد (السكارى) والفتيات صغار السن اللواتى يرتدين زيا يعتبر غير شرعى.
أو أن يصدق الحاكم فى تطبيق تلك (الشريعه) كما نزلت فى القرن السابع ويصبح (بن لادن) جديد، يجاهد ويحارب ويقتل ويفجر فى الجهات الأربع.
والأسلام الشامل كما قلنا يدعو للحريه السياسيه والأجتماعيه وللمساواة بين الناس، جميعا ويرفض الرق والأستعباد، لذلك رفضه أهل مكه رغم قناعتهم بصدق (الرسول) وأمانته.
قيل أن اهل مكه وكبار سادتها، فى بداية محاربتهم للأسلام لجأوا الى نقد وضع (اجتماعى) أقره الأسلام، كانوا يشعرون بأنه سوف يجلب لهم مؤيدين كثر، بحسب ثقافة ذلك المجتمع، وأعرافه فقالوا أن (محمد) يحرض علينا عبيدنا، ويجعلهم ساده مثلنا، فلما شعروا بالخطر وبدأ الأسلام فى التنامى وأن دعوتهم تلك لم تمنع كثير من سادة قريش للدخول فى الأسلام، اتجهوا الى جانب آخر وقالوا (للنبى) ليس لدينا مانع فى دخول الأسلام شريطة أن تميز بيننا وبين (عبيدنا)، وحينما رفض (الرسول) ذلك، وقال لهم أن الناس سواسية كأسنان المشط، غيروا اسلوب محاربتهم الى (المتاجره) بالدين كما تفعل تيارات (الأسلام السياسى) الآن، وقالوا أن (محمدا جعل الآلهة الها واحدا).
الشاهد فى الأمر نفس ذلك الدين الذى رفض (الرق) والعبوديه، جاءت (الشريعه) لتعترف بذلك الرق وتلك العبوديه وتمارس فى حق الرجال والنساء، خاصة الذين يؤسرون ويسبون من الدول التى قوتلت بالسيف، لكى تدخل الأسلام (عنوة)، صحيح ان (الشريعه) نظمت ذلك الرق بصورة افضل مما كان عليه فى الجاهليه وعملت على التخلص منه باستخدامه كفاره، وهذا امر طبيعى بفضل (التطور)، لكن تلك العبوديه وذلك الرق سوف يعودان مرة أخرى اذا استرجعنا ذلك الزمان وعملنا بذات الشريعه، ودعونا لدولة (الخلافه) كما يتوهم بعض السلفيين والمغالين ومن بينهم أخوان مسلمين، الذين يظهرون الأعتدال والوسطيه ويضمرون التشدد والغلو، حتى يمكنهم الله من الكون ومن رقاب خلقه، كما يتوهمون.
وسوف تعود النساء الى عصر (الحريم) والجوارى وما ملكت الأئمان وأن تعاشر المرأة معاشرة الأزواج دون عقد ودون اعتراف بحقوق الزوجه المعروفه، وقد لا يصدق البعض أن هذا (الجريمه) لا زالت قائمه حتى الآن ويعمل بها فى بعض الدول (العربيه) التى تسمى (أسلاميه) وأن كانت على نحو محدود ولا يجهر بها.
وسوف يستعبد الرجال ويسترقون ويطلق سراحهم ككفاره أو بالبيع لسيد آخر، واذا قتل عبد من دوله فى حرب عارضه، يقتل مقابله عبد من الدوله الثانيه حتى لو لم يكن له ذنب.
وما هو أعجب من ذلك أن (العبيد) فى السابق لم يكن تمييزهم بلونهم وأنما يأخذون من الدول التى يحاربها المسلمون وينتصرون عليها (روم) و(فرس)، لكن فى غالبية الدول التى تسمى (أسلامية) اليوم خاصة (العربيه)، فالعبيد هم اصحاب البشرة السوداء!!
وخصوم الأسلام أو الذين لا يفهمونه، مثل المنادين بالشريعه كلاهما لا يعرف (الأسلام) جيدا ويسئيون اليه بنفس الدرجه .. فالأسلام وجد تلك العبوديه، وكان من الصعب الغائها بجرة قلم، لكن رب العزه أدخر للأنسانيه ما يجعلهم يتخلصون منها بتطور الحياة وبفهم عميق للدين لا (الشريعه) التى كانت (تقنن) الرق وتجعل (للعبد) أو للخادم (ضمانه) تقدم عند بيعه لمشتريه مثل التلفزيون وهى ثلاثه ايام فى روايات أخرى أربعه أو خمسه، يعنى من حق المشترى استرجاع ذلك العبد أو تلك الخادم خلال تلك الثلاثه ايام اذا ثبتت عدم صلاحية أحدهما.
ولابد أن يدرك خصوم (الأسلام) بصعوبة التخلص من تلك (العبوديه) فى ذلك الزمان الا بالتدرج الذى تحدثنا عنه كثيرا والأسلام يراعى (بشرية) البنى آدم كما ذكرنا،، نذكرهم بأن الرئيس الأمريكى (ابراهام لنكولن) الذى سمى بمحرر العبيد، حينما أطلق دعوته للخلاص من الأسترقاق ومنعه، بعد 1000 سنه من ظهور الأسلام، فى بداية الأمر صعبت حياة الحريه لأؤلئك العبيد، فتسلقوا اسوار قصور اسيادهم عائدين مرة أخرى، راضين بالعبوديه بأختيارهم، حتى تطور الأمر رويدا رويدا ليصبح من بين احفاد اؤلئك السود الذين كانوا يستعبدون رئيسا.
الشاهد فى الأمر أن النفس البشريه ترفض السلوكيات المشينه مثل استعباد الآخرين وزواج الفتيات القاصرات، لكن مخطئ من يريد استعادة ذلك الزمان وفرض شريعته، وهؤلاء هم انصار (الظلام) وغالبية المنتمين لتيارات (الأسلام السياسى) وحلفاؤهم من سلفيين ومتطرفين .. ومخطئ من يحاكم ذلك الزمان بقيم وأخلاقيات اليوم التى تطورت بعد تدرج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.