ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صور ونماذج للعداله التى تحققها دولة الشريعة!
نشر في الراكوبة يوم 27 - 09 - 2012


[email protected]
مدخل أول لابد منه:
لابد من ألأعتذار مقدما للأسهاب فى مثل هذه المواضيع التى تحتاج الى الكثير من التوضيح والأدله، على الرغم من حسن ظنى بالقراء المحترمين (متفقين) معى أو مختلفين،وفى قدرنهم على الأستباط وادراك المقصود دون اطالة، لكن حينما أرى هناك حاجه للمزيد من التوضيح فلابد أن أفعل ذلك، (فلأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم)).
مدخل ثان:
قارئ محترم كتب معلقا على أحدى مقالاتى بأنه أستمع للشيخ الغنوشى فى حديث على قناة الجزيره قال فيه ان الأسلام (دين ودنيا) ، ومن جانبى لا أكذب القارئ المحترم، وفى الحقيقه حديث الشيخ (الغنوشى) يتسق مع ما نقلته عنه من قناة فضائيه أخرى ، وكما ذكرت اعلاهافترض فى القراء المحترمين الذين يتعاملون مع الكمبيوتر والنت ومواقع التواصل الأجتماعى (الذكاء) ، ومن أنهم قادرين على ادراك الصدق من غيره، دون تفصيل منى أو تكرار على الرغم من أن مثل هذه المواضيع (الفكريه) والثقافيه تستحق الأطاله والشيخ (حسن البنا) مؤسس فكرة الأخوان المسلمين – سامحه الله وغفرله – قال بنفسه (الدين بحر ونحن كيزانه) – لذلك اصبحوا يلقبون (بالكيزان) وعليهم الا يغضبوا من اللقب الذى اختره لهم شيخهم.
مرة أخرى لا أود أن أخل فى مغالطات وتصديق أو تكذيب مع القارئ الكريم على ما سمعه فى قناة الجزيره وهو لا يختلف عن قول الشهيد الأستاذ/ محمود محمود طه، الذى يرى أن الأسلام كذلك صالح لكل زمان ومكان، اذا فهم الناس رسالته وقرآنه على نحو جيد وأعتمدوا على (التأويل) الذى دعى الرسول (ص) لأبن عباس أن يعلمه له ربه، لا التفسير (المعلب) المنقول من كتب صفراء قديمه الذى كان يناسب زمنا مختلفا ورجالا ونساء مختلفين.
سوف يصبح الأسلام صالحا لكل زمان ومكان، اذا فهم المسلمون ماذا تعنى الآيه (وأتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة).
معلوم أن مقابل (الأحسن) أمر (سئ،) لكن تقديرا لتلك (الشريعه) دون مجاملة أو نفاق وأعترافا منا بأنها كانت متقدمه على عصرها وزمانها، وسمحت للمرأة أن تعيش ولا تواد حية، مع حرمانها من الحقوق الأجتماعية والسياسيه، ومع امكانية زواجها وهى قاصر فى سن تسع أو 10 أو ثلاث سنوات، نقول هناك كما نصت الايه(أحسن) و(حسن) والمكشكله والسوء والقبح يتحقق حينما ريد انسان فى كامل عقله أن يعيد ذلك التشريع الذى كان (حسن) ليحكم اليوم الذى اصبح فيه الناس بالتجربة العمليه مستعدين للأحسن.
وكما ذكرت فى أكثر من مرة هل أحسن أن نتبع فهما لا تدعو له الشريعه موجود فى قرآن يقول (وأدع الى سبيل ربك بالحكمه والموعظة الحسنه وجادلتهم بالتى هى أحسن) أم فهم وتشريع ماخوذ من قرآن يقول :(فاذا انسلخ الأشهر الحرم فأقتلوا المشركين حيثما وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فاذا تابوا واستغفروا وأقاموا الصلاه فخلوا سبيلهم)، وهى من أوضح آيات (الشريعه) والتى يستشعر الحرج من مقاصدها كآفة دعاة الشريعه وأنصارها من غير المتطرفين والجهاديين فيحاولون أن يفسروها بغير معناها (الحقيقى).
والى جانبها الآيه الآخرى (عن يد وهم صاغرون).
ومهما يفعلوا ويراوغوا ويلفوا ويدوروا فمعنى تلك الآيات واضح ويعلم القاصى والدينى ما تعنى.
وما نقله القارئ المحترم على لسان (الغنوشى) الذى لآ أعتبره (حجة) بالنسبة لى وأنما مجرد (شاهد من اهلهم)، لا ينفى انه قال فى مكان آخر وبالتحديد على قناة فضائيه مصريه ردا على سؤال محدد طرح عليه :(لماذا لم تعتمدوا الشريعه الأسلاميه فى دستوركم)؟
فأجاب الغنوشى: (بأننا وضعنا مادة فى الدستور تقول أن الأسلام هو دين الدوله، والأسلام شامل والشريعه غير صالحه لكل زمان ومكان وقد شعر أحد الفقهاء حينما سافر من المدينه لمصر أن الفقه الذى كان سائدا هناك يحتاج لتغيير).
وما يؤكد قولنا هو أن يرجع المشكك الى الدستور التونسى وأن يبحث هل فيه مادة تتحدث عن (الشريعه) كما يصر أن يفعل (الأسلاميين) فى مصر؟
وشخصى الضعيف غير مطالبا بالبحث من جديد عن كلام سمعته بأذنى، ومن يغالط هو الذى يذهب ويبحث ويراسل (الغنوشى) لكى يؤكد أو ينفى هل قال ذلك الكلام أم لا؟ وما هو أهم من ذلك كله، اذا تأكد من أن (الغنوشى) قاله، هل سوف يغير رايه فى (الشريعه) أم سوف يكفر (الغنوشى) ويخرجه من المله، كما فعل بعض المسلمين فى عصور سابقه مع من هم اكرم من (الغنوشى) وكما سوف نستعرض لاحقا.
اقول للقارئ الكريم وعبره لباقى القراء المحترمين دعكم من ذلك كله، فألمفكر الأسلامى المستشار (طارق البشرى) مهندس (أخونة) الدوله المصريه الذى استعان به (المجلس العسكرى) المصرى بعد ثوره 25 يناير فى كثير من القضايا القانونيه والفكريه، قال بالأمس (حينما نتحدث عن الأسلام فأننا لا نتحدث عن الأسلام فى امريكا، وأنما الاسلام فى منطقتنا أى فى مصر لأختلاف الثقافات).
فاذا كان (البشرى) يرى ذلك، لماذا يفرض على أهل السودان أسلام (وهابى) ماخوذ بداية من المذهب (الحنبلى) قبل أكثر من 300 سنه ؟ وأسلام (الأخوان المسلمين) الذى جاء الينا من مصر، والقاصى والدانى يعلم اختلاف الثقافه السائده فى السودان بازاء الثقافه السائده فى مصر والسعوديه.
وماذا يعنى أن كآفة الشعوب العربيه والأسلاميه تقول عن الشعب السودانى بأنه شعب (طيب)؟
هل مقصود من ذلك (السذاجه) أم أنه شعب (متاسمح)؟ ومن اين أتى ذلك التسامح اليس من الثقافه (الصوفيه) التى قال عنها الشاعر (أزهرى محمد على) أن قريتهم كانت فيها (خلوة) مجاورة (لأندايه)!
ومن اين جاء هذا التسامح اذا لم يكن من خلال ذلك الفهم (الصوفى) الذى يؤمن بوحدانية الوجود وبأن لا فاعل لكبير الأشياء ولا صغيرها الا الله.
ولذلك فالصوفى لا يفرق عنده كثيرا شيخ الخلوه أو صاحب الأندايه، مثلما لا يفرق عنده القبطى والمسلم، لا كما هو سائد فى مصر ، المسلم لا يأكل فى اناء واحد مع جاره المسيحى، ولولا القانون (الوضعى) الذى يغيب عند أقل خلاف (لنفذ) المسلم شريعته فى المسيحى التى تقول له : (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم) أو الآيه الثانيه التى تقول (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِاليَوْمِ الآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ).
مدخل ثان:
نفس ذلك القارئ المحترم قال اننى اسشتهد دائما فى موضوع (الشورى) بالآيه (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ) التى قلت أنها اقل درجة من (الديمقراطيه) التى تعنى حكم الشعب بواسطة الشعب وتعنى قيام مؤسسات للحكم تنفيذيه وتشريعيه وقضائيه، منفصله عن بعضها البعض ولا تتدخل مؤسسه فى اختصاصات مؤسسه أخرى الا كما ينص القانون، على سبيل المثال التشريعات القضائيه يصدرها مجلس الشعب باعتياره ممثلا له، لكن التنفيذ يقوم به القضاء، الذى من حقه أصدار حكم بحل البرلمان الذى يصيغ القوانين، اذا تم تشكيله على نحو غير قانونى، وعلى رئيس الجمهوريه تنفيذ ذلك القرار والا تعرض نفسه للمحاكمه وللعزل من منصبه اذا كانت فعلا الدوله تحكمها الديمقراطيه.
وذكر القارئ المحترم آيه أخرى قال بأننا لا نذكرها وهى التى تقول (وأمرهم شورى بينهم).
فلماذا نحتاج لذكرها، والدليل الذى اتى به يعضد موقفى وفكرتى بأن (الشريعه) تقر (الشورى) لا الديمقراطيه كوسيلة للحكم، لكن المهم فى الأمر كيف تنفذ (الشورى) فى الشريعه؟.
أى كيفية (الميكانزيم) أو آلية تطبيق الشورى موجوده الآيه التى نستشهد بها وهى التى تقول (وشاورهم فى الأمر فاذا عزمت فتوكل على الله).وشرحنا تلك الآليه كما قرر (فقهاء) و(علماء) الشريعه بأن يعين الحاكم أو الوالى مجلسا يسمى (أهل الحل والعقد) تطرح عليه امور الدوله أو المحافظه أو المدينه، وبعد أن يستمع المسوؤل لآرائهم من حقه أن يعمل بها ومن حقه أن يهملها ويتخذ قراره منفردا، حتى لو كانت الأغلبيه ضد ما يرى.
هذه آلية (الشورى) التى يتشدق بها أنصار الشريعه اليوم، وفى ذات الوقت يتحدثون عن نظام مدنى وديمقراطى – خداعا وتضليلا- وينفون انهم يعملون على تأسيس دول (دينيه) كما يستهبل أخوان مصر ويستغفلون الليبراليين والديقراطيين، مستغلين عدم اهتمامهم بتفاصيل الدين الدقيقه واصبحوا يضغطون عليهم، ولا يرضون بالماده الثانيه فى الدستور التى تقول أن الأسلام دين الدوله وأن مبادئ الشريعه هى اساس التشريع ، وأنما يريدون أضافة عبارة فى نهاية كل ماده تتحدث عن الحريات والحقوق تقول: (على الا تتنافى مع أحكام الشريعه)، وأعترف احد (الأخوان المسلمين) بأنهم يقصدون من ذلك عدم تمرير القوانين والمواثيق الدوليه التى منحت المرأة والطفل حقوق غير متوفره فى (الشريعه) الأسلاميه ومن بينها تحديد سن زواج الفتاة وتجريم زواج الأطفال أو تشغيلهم.
هذه القوى (الظلاميه) المتخلفه لا يريدون الا يلتزموا فى هذا العصر الحديث بقوانين (محترمه) يسطت للبشريه حريات شاسعه كفلها لهم ربهم فى الأسلام (الأحسن) كما تنص الآيه (فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) ويرجحون بدلا عن ذلك فهما متخلف ومتحجر يناسب روح العصر وثقافته مأخوذ من تشريعات صدرت قبل 1400 سنه.
خلاصة الأمر اذا كانت (الشورى) بهذا الفهم الذى اوضحناه وبتفاصيلها التى ذكرناها جائزه فى حق (رسول) معصوم يأتيه الوحى، ويصححه اذا أخطا فى حالات نادره للغايه، فهل تجوز لملك أو رئيس أو حاكم ولايه فى هذا العصر الحديث الذى غلبت فيه أهواء النفس على الحق والعدل.
وكلنا شاهدنا كيف قام (البشير) ومعه شيخه الترابى باعدام 28 ضابطا خلال ساعات معدوده، دون توفير محاكمه عادله لهم ودون أن تسلم جثثهم لأهلهم حتى الآن، والسبب فى ذلك لأن (البشير) يظن بأنه (خليفة) الله فى الأرض ومن حاربه أو فكر الأنقلاب عليه، فقد حارب الله ورسوله كما نصت الآيه: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) .
وقام كذلك باعدام الشهداء ( مجدى وجرجس واركانجلو) بسبب عمله صعبه، وذلك تنفيذا للجزء المتبقى من الآيه (ويسعون في الأرض فسادا) ، فهو بحسب فهمه أن المتاجره فى العمله الصعبه ، اذا كان ذلك صحيحا ، يعد فى (الشريعه) فسادا فى الأرض مع ان فساد النظام ورئيسه أوضح من ضوء الشمس وأبسط مثال كيف استغل (رئيس نظام السودان) مقومات الدوله كلها من أجل الفوز بمنصب الرئاسه، سيارات وطائرات وتسهيلات وأعلام دون أن يوفر لمنافسيه 10% مما سمح به لنفسه.
سوف يخرج أحدهم ويقول لك تصرفات (فرد) أو نظام لا يمكن أن يحكم بها على (الشريعه) أو على المنهج، ونحن نرد عليهم كيلهم، بأن مايجوز فى حق (رسول) ، لا يمكن أن يعطي لأنسان عادى لكى يتصرف فى الدوله والناس كيفما يشاء، ومتى نحكم على (المنهج) اذا كان صالحا أو فاشلا اذا أستثنينا كل تجربه فى العصر القديم أو الحديث ولم نعتبرها حجة؟
ولدينا العديد من الأمثله والنماذج من العصر الحديث والقديم التى تؤكد غياب العدل فى دولة الشريعة التى كانت ضرورة مرحله، مثل حالة (الطوارئ) التى تفرضها الأنظمه فى الظروف الأستثنائيه أو مثل مرحله (الثوره) التى لا تلتزم بشرعيه قانونيه أو دستوريه، وأنما تعتمد على الشرعية الثوريه، ريثما تستقر الأوضاع.
أقرب مثال بالأمس حكمت محكمه فى مصر، بالسجن لمدة 15 سنه على ثلاثه مجرمين قتلوا شابا (مهندس) كان جالسا فى مكان عام يتحدث مع خطيبته، لأنهم ظنوه شيئا آخر، وقالوا انهم قاموا بواجبهم الدينى الذى تطالبهم به الشريعه (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر)، وهم (شيوخ) ملتحين، ومن قبل حكمت محكمه بثلاثة اشهرسجن مع ايقاف التنفيذ على (شيخ) سلفى وهو نائب برلمانى (كذب) وأدعى انه تعرض لأعتداء من جماعه نهبت منه مبلغ 100 الف جنيه، فأتضح انه أجرى عملية تجميل فى انفه، وبعده حوكم (شيخ) سلفى وهو نائب برلمانى كذلك، بسنة سجن مع ايقاف التنفيذ بعد ضبطه مع امراة اجنبيه فى (الخلاء) يمارس معها فعلا فاضحا.
هؤلاء هم الذين يرون أن (الحاكم) يجب أن يبائع والا يعزل الا اذا كفر وارتد مهما أفسد، لأنه يحكم الناس بأسم الله وكخليفة له فى الأرض، ولا يقتنعون بالتداول السلمى للسلطه وبان لا يبقى الحاكم لأكثر من دورتين لا تزيد عن ثمانى سنوات كما تفعل أنظمة (الغرب) الكافره وكما تنص دساتيرها لأنها تدرك بأن السلطه المطلقه تعنى مفسده مطلقه.
وكيف نستثنى (المنهج) ونبرأه وهؤلاء هم الذين يحكمون الناس ويشرعون القوانين – انظر لشكل الحكم الذى صدر فى حقهم كيف كان مخففا وكيف كان يحاكم البسطاء فى السودان فى ظل نظام يطبق الشريعه – وجميعا نعلم فى احدى الدول (الأسلاميه) الكبرى الفاحشة الغناء، كيف أن البسطاء الأجانب على مختلف الجنسيات الأجنبيه تقطع روؤسهم فى جرائم قتل وفى غير القتل كل يوم جمعه دون ادله كافيه أو توفير محاكم عادله وفى كثير من الأوقات يكون المقتول كفيل مخطئ لم يمنح القاتل حقه، بينما ابناء (الأكابر) من اهل الدوله تشترى حياتهم بالمال مهما كبرت جرائمهم وعظمت، والقانون الذى يحكم تلك الدوله هو (الشريعه)!
....................
مشكلة بعض المسلمين انهم يقدسون التصوص وبعض المفاهيم والأحكام، بصورة (وثنيه)، مع انه لا قداسة أو تنزيه عند المسلم لغير (الذات الألهيه)، ولذلك فأن بعض المتشددين اسسوا فكرا أو مذهبا سموه (القرآنيين) وهم يرفضون كآفة الأحاديث – صحيحها وضعيفها – ولا يعترفون الا بالقرآن وحده، مع أن هؤلاء تجدهم فى مقدمة الغوغائين الذين يهاجمون السفارات ويعتدون على من هم داخلها من سفراء وموظفين اجانب بدلا من ان يقدموا نموذجا متحضرا وراقيا موجها للطرف المسئ فى مكان بعيد عن تلك السفارات، اذا كانوا فعلا يحبون الرسول.
وسوف أكتفى بنماذج مختاره عن غياب العدل فى (دولة الشريعه) فى العصور الماضيه.
متجاوزا فى هذا المقام اسباب قتل الخليفة عمر بن الخطاب لأنه قتل على يد شخص غير مسلم هو عبد الرحمن بن ملجم لذلك لا يمكن أن نحمل مسوؤلية قتله لمسلم اذا كان من انصار (الشريعه) أم لا، ونكتفى باسباب قتل (عثمان بن عفان) على طريقة بشعه، فى دولة الشريعه دون مراعاة لحق أو عدل على ايدى مسلمين فى أزهى عصور الأسلام كما يقال، من أنصار (الشريعه) واسباب قتل (على بن ابى طالب) وثلاتهم هم الخلفاء الراشدون الذين جاءوا بعد ابابكر جميعا ماتوا مقتولين وأمتد القتل ليطال رقبة سبط الرسول (ص) الحسين.
تقول أحدى الروايات أن سبب قتل (عثمان بن عفان) كان:
((أن عمرو بن العاص حين عزله عثمان عن مصر وولى عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح وكان سبب ذلك أن بعض المصريين كانوا مقهورين من عمرو بن العاص ، ولا يستطيعون أن يتكلموا بسوء في خليفة ولا أمير، فما زالوا يعملون عليه حتى شكوه إلى عثمان لينزعه عنهم ويولي عليهم من هو ألين منه ، فلم يزل ذلك دأبهم حتى عزل عمرا عن الحرب وتركه على الصلاة ، وولى على الحرب والخراج عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، ثم سعوا فيما (بينهما) بالنميمة فوقع بينهما ، حتى كان بينهما كلام (قبيح)، فأرسل عثمان فجمع لابن أبي سرح جميع عمالة مصر؛ خراجها وحربها وصلاتها، وبعث إلى عمرو يقول له : لا خير لك في المقام عند من يكرهك، فاقدم إلي. فانتقل عمرو بن العاص إلى المدينة وفي نفسه من عثمان أمر عظيم ، (وشر كبير)، فكلمه فيما كان من أمره بنفس، و(تقاولا) في ذلك، وافتخر عمرو بن العاص (بأبيه) على أبي عثمان، وأنه كان (أعز) منه، فقال له عثمان: دع هذا فإنه من أمر الجاهلية. وجعل عمرو بن العاص يؤلب الناس على عثمان وكان بمصر جماعة يبغضون عثمان ويتكلمون فيه بكلام (قبيح) وينقمون عليه في عزله جماعة من (علية) الصحابة، وتوليته من دونهم أو من لا يصلح عندهم للولاية.
وكره أهل مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد عمرو بن العاص، واشتغل عبد الله بن سعد عنهم بقتال أهل المغرب وفتحه بلاد البربر والأندلس وإفريقيا.
ونشأت بمصر طائفة من (أبناء الصحابة) يؤلبون الناس على حربه والإنكار عليه، وكان عظم ذلك مسندا إلى (محمد بن أبي بكر الصديق) ومحمد بن أبي حذيفة ، حتى استنفرا نحوا من ستمائة راكب يذهبون إلى المدينة في صفة معتمرين في شهر رجب؛ لينكروا على عثمان، فساروا إليها تحت أربع رفاق، وأمر الجميع إلى أبي عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وعبد الرحمن بن عديس البلوي، وكنانة بن بشر التجيبي، وسودان بن حمران السكوني، وأقبل معهم محمد بن أبي بكر، وأقام بمصر محمد بن أبي حذيفة يؤلب الناس ويدافع عن هؤلاء وكتب عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى عثمان يعلمه بقدوم هؤلاء القوم إلى المدينة منكرين عليه في صفة معتمرين، فلما اقتربوا من المدينة أمر عثمان علي بن أبي طالب أن يخرج إليهم ؛ ليردهم إلى بلادهم قبل أن يدخلوا المدينة ويقال : بل ندب الناس إليهم فانتدب علي، رضي الله عنه لذلك فبعثه وخرج معه جماعة الأشراف وأمره أن يأخذ معه عمار بن ياسر، فقال علي لعمار فأبى عمار أن يخرج معه ، فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي، فأبى عمار كل الإباء، وامتنع أشد الامتناع، وكان (غاضبا) على عثمان بسبب (تأديبه) له على (أمر)، و(ضربه) إياه في ذلك، بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب ، فأدبهما عثمان (فتآمر) عمار عليه لذلك، وجعل يحرض الناس عليه، فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه عليه، فلم يقلع عنه ولم يرجع ولم ينزع ، فانطلق علي بن أبي طالب إليهم وهم بالجحفة، وكانوا يعظمونه ويبالغون في أمره ، فردهم وأنبهم وشتمهم، فرجعوا على أنفسهم بالملامة، وقالوا : هذا الذي تحاربون الأمير بسببه ، وتحتجون عليه به.
ويقال : إنه ناظرهم في عثمان ، وسألهم ماذا ينقمون عليه ؟ فذكروا أشياء منها أنه حمى الحمى، وأنه أحرق المصاحف، وأنه أتم الصلاة ، وأنه ولى الأحداث الولايات وترك الصحابة الأكابر، و(أعطى) بني أمية أكثر من الناس، فأجاب علي عن ذلك قائلا : أما الحمى فإنما حماه لإبل الصدقة لتسمن، ولم يحمه لإبله ولا لغنمه ، وقد حماه عمر من قبله، وأما المصاحف فإنما حرق ما وقع فيه (اختلاف)، وأبقى لهم المتفق عليه ، كما ثبت في العرضة الأخيرة ، وأما إتمامه الصلاة بمكة فإنه كان قد تأهل بها ونوى الإقامة فأتمها، وأما توليته الأحداث فلم يول إلا رجلا سويا عدلا، وقد ولى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، عتاب بن أسيد على مكة وهو ابن عشرين سنة، وولى أسامة بن زيد بن حارثة وطعن الناس في إمارته فقال : إنه لخليق للإمارة . وأما إيثاره قومه (بني أمية) فقد كان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، يؤثر قريشا على الناس، ووالله لو أن مفتاح الجنة بيدي لأدخلت بني أمية إليها.
ويقال : إنهم عتبوا عليه في عمار ومحمد بن أبي بكر، فذكر عثمان عذره في ذلك، وأنه أقام فيهما ما كان يجب عليهما. وعتبوا عليه في إيوائه الحكم بن أبي العاص ، وقد نفاه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى الطائف فذكر أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان قد نفاه إلى الطائف ثم رده ، ثم نفاه إليها ، قال : فقد نفاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، ثم رده.
وروي أن عثمان خطب الناس بهذا كله بمحضر من الصحابة ، وجعل يستشهد بهم فيشهدون له فيما فيه شهادة له. ويروى أنهم بعثوا طائفة منهم فشهدوا خطبة عثمان هذه، فلما تمهدت الأعذار وانزاحت عللهم ولم يبق لهم شبهة أشار جماعة من الصحابة على عثمان بتأديبهم، فصفح عنهم وتركهم ، رضي الله عنه ، وردهم إلى قومهم فرجعوا خائبين من حيث أتوا ولم ينالوا شيئا مما كانوا أملوا وراموا، ورجع علي إلى عثمان فأخبره برجوعهم عنه وسماعهم منه، وأشار على عثمان أن يخطب الناس خطبة يعتذر إليهم فيها مما كان وقع من الأثرة لبعض أقاربه ، ويشهدهم عليه بأنه قد تاب من ذلك ، وأناب إلى الاستمرار على ما كان عليه من سيرة الشيخين قبله، وأنه لا يحيد عنها كما كان الأمر أولا في مدة ست سنين الأول ، فاستمع عثمان هذه النصيحة ، وقابلها بالسمع والطاعة ، ولما كان يوم الجمعة وخطب الناس، رفع يديه في أثناء الخطبة، وقال : (اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك ، اللهم إني أول تائب مما كان مني. وأرسل عينيه بالبكاء فبكى المسلمون أجمعون وحصل للناس رقة شديدة على إمامهم ، وأشهد عثمان الناس على نفسه بذلك، وأنه قد لزم ما كان عليه الشيخان أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، وأنه قد سبل بابه لمن أراد الدخول عليه، لا يمنع أحدا من ذلك ونزل فصلى بالناس، ثم دخل منزله وجعل من أراد الدخول على أمير المؤمنين لحاجة أو مسألة أو سؤال ، لا يمنع أحد من ذلك مدة .
. قال الواقدي: فحدثني علي بن عمر عن أبيه قال : ثم إن عليا جاء عثمان بعد انصراف المصريين فقال له : تكلم كلاما يسمعه الناس منك ويشهدون عليك، ويشهد الله على ما في قلبك من النزوع والإنابة ، فإن البلاد قد تمخضت عليك ، ولا آمن ركبا آخرين يقدمون من قبل الكوفة فتقول : يا علي اركب إليهم. ويقدم آخرون من البصرة فتقول : يا علي اركب إليهم. فإن لم أفعل قطعت رحمك واستخففت بحقك ؟! قال : فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها وأعلم الناس من نفسه التوبة فقام; فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس ، فوالله ما عاب من عاب شيئا أجهله، وما جئت شيئا إلا وأنا أعرفه، ولكن ضل رشدي، ولقد سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم يقول : من زل فليتب، ومن أخطأ فليتب، ولا يتمادى في الهلكة ، إن من تمادى في الجور كان أبعد عن الطريق. فأنا أول من اتعظ، أستغفر الله مما فعلت وأتوب إليه، فمثلي نزع وتاب، فإذا نزلت فليأتني أشرافكم، فوالله لأكونن كالمرقوق، إن ملك صبر، وإن عتق شكر، وما عن الله مذهب إلا إليه.
قال : فرق الناس له وبكى من بكى ، وقام إليه سعيد بن زيد فقال : يا أمير المؤمنين، الله الله في نفسك ! فأتمم على ما قلت.
فلما انصرف عثمان إلى منزله وجد به جماعة من أكابر الناس، وجاءه مروان بن الحكم فقال : أتكلم يا أمير المؤمنين أم أصمت ؟ فقالت امرأة عثمان - نائلة بنت الفرافصة الكلبية - من وراء الحجاب : بل اصمت ، فوالله إنهم لقاتلوه، ولقد قال مقالة لا ينبغي له النزوع عنها.
فقال لها : (وما أنت وذاك ! فوالله لقد مات أبوك وما يحسن يتوضأ) . فقالت له : دع ذكر الآباء . ونالت من أبيه الحكم، فأعرض عنها مروان ، وقال لعثمان : يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت ؟ فقال له عثمان: بل تكلم فقال مروان: بأبي أنت وأمي لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع منيع ، فكنت أول من رضي بها وأعان عليها ولكنك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين، وخلف السيل الزبى، وحين (أعطى الخطة الذليلة الذليل)، والله لإقامة على خطيئة يستغفر منها، خير من توبة تخوف عليها، وإنك لو شئت لعزمت التوبة ولم تقرر لنا بالخطيئة ، وقد اجتمع إليك على الباب مثل الجبال من الناس. فقال عثمان: فاخرج إليهم فكلمهم، فإني أستحي أن أكلمهم . قال : فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضا ، فقال : ما شأنكم ؟ كأنكم قد جئتم لنهب ، شاهت الوجوه ! كل إنسان آخذ بأذن صاحبه ، ألا من أريد ؟ جئتم تريدون أن تنزعوا (ملكنا من أيدينا)، اخرجوا عنا، أما والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم أمر يسوءكم ولا تحمدوا غبه، ارجعوا إلى منازلكم، فوالله ما نحن مغلوبين على ما بأيدينا . قال : فرجع الناس، وخرج بعضهم حتى أتى عليا فأخبره الخبر، فجاء علي مغضبا حتى دخل على عثمان فقال : أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحويلك عن دينك وعقلك، وإن مثلك مثل جمل الظعينة سار حيث يسار به، والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه ، وايم الله إني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك، وغلبت على أمرك.
فلما خرج علي دخلت نائلة على عثمان فقالت : أتكلم أو أسكت ؟ فقال : تكلمي . فقالت : سمعت قول علي أنه ليس يعاودك، وقد أطعت مروان حيث شاء.
قال : فما أصنع ؟ قالت : تتقي الله وحده لا شريك له، وتتبع سنة صاحبيك من قبلك، فإنك متى أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الله قدر ولا هيبة ولا محبة، فأرسل إلى علي فاستصلحه، فإن له قرابة منك وهو لا يعصى.
قال : فأرسل عثمان إلى علي فأبى أن يأتيه، وقال : لقد أعلمته أني لست بعائد.
قال : وبلغ مروان قول نائلة فيه، فجاء إلى عثمان فقال : أتكلم أو أسكت ؟ فقال : تكلم.
فقال : إن نائلة بنت الفرافصة ، فقال عثمان: لا تذكرها بحرف فأسوء لك وجهك، فهي والله أنصح لي منك.
قال : فكف مروان .
عموما تطور الأمر ووردت رواية تقول أن (الخارجين) على عثمان طلبوا منه أن يسلمهم مروان، حتى وصل الأمر الى رجوع الجيوش التي تريد خلع عثمان الى بلادها ثم عادوا مرة اخرى و عسكروا خارج المدينة
و دخلوها بالسلاح واغلظوا الكلام لعثمان وهو على منبر رسول الله و شتموه و قالوا (نعثل) و تجرأوا عليه جدا وهددوه بالقتل، و هو لا يعبأ بهم، و اسكتوا من تكلم بتأييد عثمان من الصحابة في المسجد كمحمد بن مسلمة و زيد بن ثابت ثم رموا الناس بالحجارة هم وعثمان حتى سقط مغشيا عليه من على منبر رسول الله، فحمله الناس الى بيته ثم حاصروا عثمان في بيته و منعوا دخول او خروج اي شخص منه و الجيوش كانت في الثغور و الامصار، و لم يكن هناك جيش في المدينة، فلم يكن هناك من يحميه من مثل هؤلاء واكد عثمان على باقي اهل المدينة من الصحابة و ابناءهم (و منهم علي و ابنيه الحسن و الحسين و عبد الله بن عمر و ابي هريرة و زيد بن ثابت و عبد الله بن الزبير) الا يتعرضوا لهم حتى لا يكون هناك سفك للدماء بين المسلمين و لم يدر بخلد احد ان يصل الامر الى القتل و حصاره حوالى شهر او اربعين يوم و منعوا عنه حتى الماء يشربه واصبح صائما و فتح المصحف يقرأ فيه فدخل عليه بضع عشر رجلا ما فيهم احد من الصحابة أو ابناءهم الا محمد بن ابي بكر و قتلوه.
و يقال ان محمد بن ابي بكر كان ضمن قاتليه، و يقال انه تاب و رجع.
حدث هذا الفعلا الشنيع البشع الذى لو كان فى هذا الزمان لتمت احالته للحكمه الجنائيه فى لاهاى ، فى (دولة الشريعه) وفى بداياتها ومع الخليفه الثالث.
وكان ضروريا نقل هذه الروايه بكاملها راجيا من الأذكياء ومن يهمه دينه، التوقف مليا عند كل عباره أو كلمه وضعت داخل قوسين، فى دولة (الشريعه) وفى زمن ثالث الخلفاء الراشدين الذى يقال عنه أنصع وأزهى عصور (الدوله الأسلاميه)، ولقد توقفت شخصيا طويلا عند عبارة وردت على لسان مروان بن الحكم عن (على بن ابى طالب) قالها أمام الخليفة الثالثه عثمان بن عفان وهى : (أعطى الخطة الذليلة الذليل) !! ولا داعى للتعليق أكثر من هذا.
فما هو العدل الذى توفره دولة (الشريعة) فى العصر الحديث اذا كان ذلك حالها فى أزهى العصور واقربها للرسول (ص)؟ وماذ تقدم للعالم غير القتل وسفك الدماءن طالما كل من فهم جانب من الدين أو مر على تفسير (لواقعه) أو ىيه وفهمها من خلال ثقافته وبيئته، ارتدى (قفطانا) أو اعفى (لحية) وشعر بأنه يمتلك الحقيقه وحده ومن حقه فرض الوصايه على الآخرين ومن حقه أن يحدد لهم الوسيلة التى تحكمهم حتى لو كانت لا تناسب عصرهم وتهدد وحدتهم الوطنيه.
اما قتل (على بن ابى طالب) فكان سببه كما هو معلوم وكما نقل:
((لما قتل عثمان، بويع علي بن أبي طالب للخلافة بالمدينة المنورة في اليوم التالي لقتل عثمان فبايعه جميع من كان في المدينة من الصحابة والتابعين والثوار. يروى إنه كان كارها للخلافة في البداية واقترح أن يكون وزيرا أو مستشارا إلا أن بعض الصحابة حاولوا إقناعه فضلا عن تأييد الثوار له ويروي ابن خلدون والطبري أنه قبل خشية حدوث شقاق بين المسلمين يروى أن أول من بايع كان طلحة والزبير وفي تاريخ الطبري أول من بايع مالك الأشتر النخعي، وتقول بعض المصادر أن أقارب عثمان والأمويين لم يبايعوا علي وتوجهوا إلى الشام، كما تقول أن بعض الصحابة مثل سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وغيرهم لم يبايعوا بالولاء ولكن تعهدوا بعدم الانقلاب ضده وحول صلاته على عثمان يختلف المؤرخون أيضا فتذكر بعض المصادر التاريخية أن جماعة من الصحابة استأذنوا عليا لدفنه ولكن من المؤرخين من ذكره ضمن من شاركوا في تشييعه والصلاة عليه ومراسم دفنه ولكن البعض الآخر لم يذكره ضمنهم بل حتى أن بعض الروايات لا تذكر استئذان علي في دفنه.
وهكذا استلم علي الحكم خلفا لعثمان، في وقت كانت دولة (الشريعة) الإسلامية حين إذ تمتد من المرتفعات الإيرانية شرقا إلى مصر غربا بالإضافة لشبه الجزيرة العربية بالكامل وبعض المناطق غير المستقرة على الأطراف. ومنذ اللحظة الأولى في خلافته أعلن علي أنه سيطبق مبادئ الإسلام وترسيخ العدل والمساواة بين الجميع بلا تفضيل أو تمييز، كما صرح بأنه سيسترجع كل الأموال التي (اقتطعها عثمان لأقاربه والمقربين له من بيت المال) وقام علي بعزل الولاة الذين عينهم عثمان وتعيين ولاة آخرين يثق بهم، مخالفا بذلك نصيحة بعض الصحابة مثل ابن عباس والمغيرة بن شعبة الذين نصحوه بالتروي في اتخاذ القرار أرسل علي عثمان بن حنيف الأنصاري بدلاً عن عبد الله بن عامر إلى البصرة بحسب الطبري وابن الأثير، وفي البداية والنهاية أنه أرسل سمرة بن جندب، وعلى الكوفة أرسل عمارة بن شهاب بدلاً عن أبي موسى الأشعري، وعلى اليمن عبيد الله بن عباس بدلاً عن يعلى بن منبه، وعلى مصر قيس بن سعد بن عبادة وبدلاً عن عبد الله بن سعد، وعلى الشام سهل بن حنيف بدلاً من معاوية بن أبي سفيان.
بعد استلامه الحكم ببضعة أشهر، وقعت معركة الجمل التي كان خصومه فيها طلحة والزبير ومعهما (عائشة بنت أبي بكر) زوج الرسول (ص) الذين طالبوا بالقصاص من قتلة عثمان، رغم تشكيك البعض في مصداقية هذا الادعاء حيث تقول روايات أنهما حرضا على قتله - طلحة والزبير - لذلك يعتقد البعض أن أغراضهما من وراء مقاتلة علي هو تحقيق أطماع سياسية، خاصة مع ادعائهما المبايعة مكرهين وهروبهما إلى مكة، بالإضافة إلى تصريح أسامة بن زيد بأنهما بايعا كارهين، ويقال كذلك لأن عليا رفض توليتهما البصرة والكوفة، حيث طلبا منه الولاية لكنه أبقاهما معه كمستشارين. بعدها طلبوا السماح لهم بالذهاب إلى مكة لآداء العمرة فسمح لهما وحين ذهبا التقيا عائشة وقرروا المسير إلى البصرة رافعين شعار الانتقام لعثمان فساروا من مكة إلى البصرة بعشرة آلاف مقاتل وتحرك إليهم علي ولقيهم على مشارف البصرة، وفي البداية والنهاية يذكر ابن كثير أنهم انطلقوا إلى البصرة وكان علي بالمدينة عازما على الذهاب إلى الشام لقتال معاوية، فغير وجهته إلى البصرة واستخلف على المدينة تمام بن عباس وعلى مكة قثم بن عباس، وحين وصل أرسل عمار بن ياسر إلى أهل الكوفة يستنفرونهم للقتال فانضم منهم الكثير إلى جيش علي وفقا للطبري. تختلف الروايات حول وقائع المعركة لكنها انتهت بمقتل طلحة والزبير وانتصار علي، وعودة عائشة إلى المدينة. وحول سبب عدم قيام علي بالاقتصاص من قتله عثمان فالبعض يرى أنه كان صعب لاختلاط القتلة بجيش ومؤيدي علي الذي لم يكن لديه ما يكفي من القوة والسيطرة الكافية لتطبيق الحد فانتظر حتى تهدأ الفتنة وهذا ما قاله علي لطلحة والزبير في بعض الروايات. قام علي بعد معركة الجمل بنقل عاصمة الخلافة من المدينة إلى الكوفة نظرا لموقعها الاستراتيجي الذي يتوسط أراضي الدولة الإسلامية آن ذاك، ولكثرة مؤيديه هناك
كان معاوية بن أبي سفيان - والي الشام في عهد عثمان- قد (أعلن رفضه تنفيذ قرار العزل) كما امتنع عن تقديم البيعة لعلي، وطالب بالثأر لابن عمه عثمان ويشكك أيضا الكثيرين في أهداف معاوية المعلنة حيث يرون معارضته كانت لأطماع سياسية حين انتهى علي من معركة الجمل توجه إلى الكوفة فدخلها ثم أرسل جرير بن عبد الله إلى معاوية يدعوه للمبايعة والطاعة لكن معاوية رفض المبايعة إلا بعد الاقتصاص من قتلة عثمان عاد الرسول إلى علي برفض معاوية، فتوجه علي بجيشه إلى الشام وعسكر الجيشان حين التقيا بموقع يسمى صفين، ثم بدأت مفاوضات بين الطرفين عبر الرسائل، واستمرت لمدة مائة يوم لكنها لم تأتي بنتيجة، فبدأت مناوشات بين الجيشين أسفرت عن قتال استمر لمدة أسبوع فيما يعرف بمعركة صفين بدا جيش علي على مشارف الانتصار وجيش معاوية على وشك الهزيمة، فاقترح عمرو بن العاص -وكان في جيش معاوية- عمل حيلة وهي أن يقوم الجنود (برفع المصاحف على أسنة الرماح)، مطالبين بالتحكيم وفقا (للشريعة الإسلامية). يقول ابن خلدون أن عليا حذر المسلمين من الخديعة إلا أن جماعة ممن صاروا فيما بعد من الخوارج أصروا على القبول بالتحكيم وهددوه بالقتل ووافق بعد إلحاح منهم، وعندما أرادوا حكما اختاروا أبي موسى الأشعري لكن علي رفضه لعدم ثقته به وتخليه عنه فيما سبق ورشح الأشتر النخعي إلا أنهم رفضوه واستقر الأمر على الأشعري، رفض جنود علي من الخوارج التحكيم معتبرين أن معاوية كافر بخروجه عن طاعة الخليفة الشرعي وبهذا يجب قتله، واعتبروا التحكيم (خروج عن حكم الله والاحتكام بحكم البشر) - رغم أن تأكيد بعض المؤرخين على أنهم من رشحوه - فذهبوا لعلي (يستتيبوه) ويحثوه على قتال معاوية ونقض اتفاق التحكيم لكنه رفض، مما أدى إلى انسحاب الخوارج من جيش علي. وأورد ابن كثير في البداية والنهاية رواية تقول أن علي وافق على التحكيم وعارضه بعض الناس. في هذة الأثناء اختار معاوية عمرو بن العاص حكما من طرفه، واجتمع الحكمان لإيجاد حل للنزاع، فدار بينهما جدال طويل، واتفقا في النهاية على خلع معاوية وعلي وترك الأمر للمسلمين لاختيار الخليفة. خرج الحكمان للناس لإعلان النتيجة التي توصلا إليها، فأعلن أبي موسى الأشعري خلع علي ومعاوية، لكن عمرو بن العاص أعلن خلع علي وتثبيت معاوية بعد حادثة التحكيم عاد القتال من جديد واستطاع معاوية أن يحقق بعض الانتصارات وضم عمرو بن العاص مصر بالإضافة إلى الشام وقتل واليها محمد بن أبي بكر.
وأخيرا قاتل علي الخوارج وهزمهم في معركة النهروان حيث انسحبوا من جيشه ثم قاموا يقطعون الطرق ويسألون الناس حول ارائهم في الخلفاء الأربعة فيقتلون من يخالفهم في الرأي بشكل بشع.
ورغم أن علي لم يقم بأي فتوحات طوال فترة حكمه إلا أنها اتصفت بالكثير من المنجزات المدنية والحضارية منها تنظيم الشرطة وإنشاء مراكز متخصصة لخدمة العامة كدار المظالم ومربد الضوال وبناء السجون وكان يدير حكمه انطلاقا من دار الإمارة، كما ازدهرت الكوفة في عهده وبنيت بها مدارس الفقه والنحو وقد أمر الإمام علي بن أبي طالب أبا الأسود الدؤلي بتشكيل حروف القرآن لأول مرة ويعتقد بعض الباحثين أنه أول من سك الدرهم الإسلامي الخالص مخالفين بهذا المصادر التاريخية الأخرى التي تقول أن عبد الملك بن مروان هو أول من ضرب الدراهم الإسلامية الخالصة. في عهده أيضا نشط عبد الله بن سبأ وأتباعه الذين عرفوا بالسبئية والتي يعتقد البعض أنهم أصل حركة التشيع، والبعض الآخر يقول أنهم أول من قال بتأليه أئمة الشيعة، وآخرون يشككون في وجود السبئية من الأساس. يروى أن علي بن أبي جمعهم وأمر بحفر الأخاديد وأضرم فيها النيران وأعدمهم بالحرق ولم يبق منهم إلا القليل.
يعتبر العديد من الكتاب الباحثين أن علي لم يكن رجل سياسي ناجح أو لم يتمتع بالمرونة السياسية المناسبة. قال عنه ويلفرد مادلونغ أنه كان متمسك بتعاليم دينه بشدة وغير مستعد للتنازل عن مبادئه من أجل المنفعة السياسية.
على بن ابى طالب (يستتاب) فى (دولة الشريعه) دون تقدير لأسمه ومكانته وما قاله عنه الرسول (ص) مثل ، (انا مدينة العلم وعلى بابها).
وهل هناك اساءة للرسول (ص) أكثر من مثل هذا الكلام الذى قيل عن على بن ابى طالب؟
معلوم أن الدخول لمدينة خاصة فى سابق الزمان، لا يكون الا من خلال (الباب).
وفى دولة (الشريعه) يجوز نقض العهود والرجوع عنها، كما راينا من الذين ضغطوا على (على) لكى ينقض عهده.
وفى دولة (الشريعه) وفى أزهى ايامها (يتآمر) عمرو بن العاص، بعد أن أتفق مع (ممثل) على وهو (ابو موسى الأشعرى) لعزل الخصمين لصالح (المسلمين)، وذلك نفسه تآمر، فاذا بموسى يعزل عليا، ويثبت عمرو بن العاص موكله معاويه.
هل أدركنا لماذا ينقض العهود كل حاكم يدعى بأنه يحكم (بالشريعة) كخليفة لله فى الأرض فى العصر الحديث؟
وهل يعلم المخدوعين والمضللين الى اين يساقون والى اين تذهب دولهم طالما كان الشخص الذى يدعو لتطبيق الشريعه يعتبر نفسه (موكلا) من الله لفرض ارادته على العباد؟
ومن المؤسف جدا أن يخرج احد اؤلئك (المنافقين)، ويدعى أن الشريعه تساوى وتعدل بين المسلم والكافر فى دوله واحده أو بين الرجل والمرأة وبين الحر والعبد.
مع أن المسيحى ليس من حقه أن يصبح رئيسا للدوله وكذلك المرأة.
وأن أكبر اساءة للأسلام أن يقارن ويتصارع مع افكار انسانيه ليبراليه أو أشتراكيه، وأنصار (الشريعه) لا يهمهم ذلك من اجل السلطه والجلوس على الكراسى.
فالأسلام دين ويجب أن يعرض نفسه فى مواجهة المسيحيه واليهوديه والبوذيه والهندوسيه، وأن يقنع اتباعه الآخرين بأنه الدين (الحق)، اما فى المنافسه السياسيه فيجب أن تكون بين افكار انسانيه يمينيه ومحافظه ويساريه واشتراكيه ، وبغير ذلك فأن كل من يقحم الدجين فى السياسه فهذا يعنى أنه يعمل لتأسيس دوله دينيه لأنه من غير الدين واستغلاله والمتاجره به ودغدغة مشاعر البسطاء لا يستطيع أن يقدم برنامجا مقنعا يحقق سعادة الناس جميعا وخاصة مواطنيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.