بالمنطق وبانت عورتها..!!! صلاح الدين عووضة [email protected] * قبيل مجيئ الإنقاذ بقليل كنا نجلس إلى البروف حسن الفاتح قريب الله - بداره- في إطار استعدادنا لنيل درجة الماجستير.. * كان يُدرِّسنا مادة المنطق من بين مواد الفلسفة المقرَّرة علينا في العام الدراسي التمهيدي قبل تقديم البحوث.. * وداره هذه هي التي كنا ننتقل إليها نحن - طلاب الدراسات العليا (السبعة)- عوضاً عن أن ينتقل إلينا هو في الجامعة.. * في الوقت ذاك كان التعليم فوق الجامعي - في بلادنا- لايزال محافظاً على (رصانته) ، و(نزاهته) ، و(صرامته).. * وقبل أن أشير إلى دواعي كلمتنا هذه - مقرونة بالفقرة السابقة - أجد نفسي مدفوعاً إلى تقديم اعتذار إلى روح البروف الراحل بأثر رجعي.. *ورغم إن الفعل هذا هو أقل شجاعة من ذاك الذي قام به أستاذ (المنطق الرياضي) بجامعة كامبردج - حين اعتذر عن تدريسه نظرية خطأ طوال عشرين عاماً - إلا أنه أفضل من أن لا يتم أبداً.. * فقد كنت (أُناكف) البروف قريب الله كثيراً في ماهو مسلمات عند المتصوفة دونما سند (منطقي) وهو أستاذ (المنطق).. * ومن المسلمات هذه اعتماد التصوف نفسه - بكل ما يحفه من غيبيات- وسيلة للتقرب إلى الله بغير ما أنزل الله.. * هكذا كنت أحاجج الراحل - عليه الرحمة - في ذاك الزمان.. * وعند ظهور نتيجة الامتحان فوجئت برسوبي في مادة المنطق هذه رغم نجاحي في المواد الأخرى.. *فلم يخامرني شك مطلقاً - آنذاك- أن (مناكفتي) تلك هي السبب في رسوبي المذكور.. * وأسررت بشكي هذا إلى إدارة الدراسات العليا فأُخبرت أن لا مناص من إعادة الكرة لدى البروف قريب الله ذاته.. * فأعدت الكرة مكرهاً.. * ونجحت بتقدير لم أكن أتوقعه.. * وانتقل الشيخ قريب الله إلى رحمة مولاه قبل أن أستجمع في دواخلي (فضيلة الاعتذار) كيما أذهب إليه.. * وهأنذا أفعل الآن بغير كثير (نبل).. * ولكن الدراسات العليا في زماننا هذا حُفَّت ب(لغط) لم تألفه بلادنا من قبل.. * ويتزايد اللغط هذا مع تزايد معدلات (إعلانات التهاني) على صفحات الصحف.. * ومدققة لغوية التحقت بصحيفة كنت أعمل بها - عقب نيلها شهادة (الماجستير) في اللغة العربية - كنا نُضطر إلى أن(نُصحِّح) لها كثيراً مما (تُصحِّح).. * ثم اُضطرت الصحيفة نفسها إلى الاستغناء عنها قبل الفترة الاختبارية.. * ويوم الأول من أمس أزاح تحقيق صحفي جريء (ما تبقى) من (ورقة التوت) ليطلع الناس على (عورة) دراساتنا العليا كما هي .. * فليس التعليم الجامعي وحده هو الذي أضحى (فضيحةً ) وإنما ما (تحته) وما (فوقه) كذلك.. * أي التعليم قبل الجامعي وبعد الجامعي.. * وصار كل شيء ب(ثمنه) بما في ذلك بحوث شهادتي الماجستير والدكتوراة.. * وامتلأت بلادنا- فجأة- بحاملي الدرجات العلمية (العليا) بينما تهوي هي نحو الدرجات الأخلاقية(الدنيا).. * فبحث شهادة الدبلوم - مثلاً -ب(500ج)... * وبحث شهادة الماجستير ب(1000ج)... * وبحث شهادة الدكتوراة ب(1500 ج)... *أما شهادة سمعة السودان نفسه فهي (ماتسواش) !!!!! الجريدة