[email protected] فى بداية التسعينات القرن الماضى وقبل الانتخابات الاولى فى جنوب افريقيا (1994 م ). وزعت مفوضية الدستور اوراقا كثيرة عبارة عن استمارات تستكتب الناس عن مايريدوه فى دستورهم القادم ، الدستور السابق وضعته الاقلية البيضاء . وعندما أشرق فجرالديمقراطية وغمر البلاد بالنور. شرع الجنوب افريقيون في اعادة ترتيب الأمور في بلادهم. بدأوا بدعوة كل القوى السياسية احزابا ومنظمات مجنمع مدني وغيرهم. واجتمعوا ليحددوا ماذا يريدون وكيف يحققونه. اتفقوا على كيفية انتقال السلطة من النظام السابق إلى ديمقراطية يشارك فيها الجميع كل حسب قواعده. واتفقوا على شكل و ألوان العلم الجديد وبالطبع حظى الدستور بأولوية قصوى. وزعت مفوضية الدستور اوراقا كثيرة عبارة عن استمارات تستكتب الناس عن مايريدوه فى دستورهم القادم وعليهاهنالك عنوان بريدى وهواتف وفاكسات . وتم مناقشة الامر على اوسع نطاق وأستأنسوا بدساتير العالم الحر. وكتب الناس ( قانونيون ومهتمون وغيرهم ) اراءهم وصدر دستور تم اجازته واعتمد .ويعمل به الآن فى جنوب افريقيا وهو دستور مثالى يستأنس به من يريد وضع دستور جيد . دستور اعطى الحريات وصانها وتوافق مع كل المواثيق الدوليه واعتمد احدى عشر لغة رسمية فى الدولة . فإن كنت فى كيب تاون فهنالك الانجليزية والافريكانية والكوسا . أوفى ناتال شرق البلاد هنالك الزولو والانجليزية . وشمالها الأفريكانا والتسوانا والسوتو وهكذا. والملفت للنظر ان الدستور نوقش واجيز لكن ذلك لم ياخذ سنوات طويلة ولم تجرى عليها التعديلات الكثيرة التى اغرمنا بها فى السودان . ان الدستور هو النظام الاساسى والقانون الذى تقوم عليه هياكل الدوله ويحدد تعاملاتها مع غيرها ومع اجهزتها وبينها وبين شعبها وبين افراد الشعب فيما بينهم . ويحدد نوع الحكم فى الدوله (ملكى اوجمهورى ) ومصادر التشريع ومن ثم تشتق القوانين التى لا تتعارض مع مواد الدستور واللوائح التى لاتخاف هذه القوانين او الدستور . لابد ان نتذكر ان القوانين تنشئ المراكز او تحافظ عليها وان ثبات القانون امر هام وحيوى لبناء الثقة فى الدولة وبين الافراد فى علاقاتهم فيما بينهم ومع الدولة . لقد اقترحنا وكتبنا وعدلنا واستبدلنا ولغينا الكثير من القوانين وللغرابة الدساتير ايضا . كان يمكن ان يصدر دستور واحد قبيل الاستقلال ويسرى منذ اول يناير 1956م . وان احتاج الامر يمكن إجراء تعديلات قليلة. لكن يظل الدستور واحدا ثابتا يكسب الشعب ثقته فى قوة دولته وثباتها على مبادئها الاصيلة . وتحافظ على احترام الدول الأخرى مهما تغير الحكام.فهنالك معاهدات دولية ومواثيق والكثير من الإتفاقيات. الدولة السودانية موجودة منذ اكثر من اربعة الاف عام ومن قبل ترهاقا وبعانخى وسوف تتواصل الى ان يرث الله الارض وما عليها .لماذا لا تتواطأ القوى السياسية وكل القانونيون والمهتمون والمختصون على دستور واحد ثابت دائم لنتفرغ للتنمية ومعالجة مشكلات البلاد المعقدة. ارجو الا تتحججوا بصياغة الدستور حتى نتفرغ للتنمية.هكذا ندخل في غلوتية البيضة ام الدجاجة اولا. ربما كان الاجدى ان نبحث عن الدستور الذى حكم به ترهاقا وندخل عليه بعض التعديلات . انه دستورحقق به دوله قوية . وحكم به بعانخي وواصلت الدولة قوتها وازدهرت وتقدمت في الفنون والمعمار .دولة تعتني بالخيول مما يعني ان هنالك تشريعا ما يمنع الإساءة إليها . حكم بعانغي السودان و مصر. تري هل كان سيحقق ذلك لو انشغل هو ورجاله سنوات بتفاصيل التفاصيل في مواد الدستور؟