[email protected] افضل مايمكن أن توصف به مواقف الاحزاب السياسية المعارضة وتحركاتها الجماهيرية خلال الفترة الماضية انها تسير بسلحفايئة.. خاصة تجاه تحركات قوى الشباب الرامية لإسقاط النظام.. ولكن عزا المراقبون تلك السلحفائية وضبابية المواقف لحالة الصدمة التي تعيشها تلك الأحزاب بعد تفكك التجمع الوطني الديمقراطي (تجربة التحالف السياسي الأولى في عهد الإنقاذ).. وتباين مواقف بعض من تلك الأحزاب تجاه النظام، ومن ثم موقف حزب السيد محمد عثمان الميرغني من تحالف قوى الإجماع الوطني وهرولاته المتكررة للإرتماء في حضن الشمولية مكيدة في تلك الأحزاب التي تحالفت في جوبا، واقصته بعيدا عن مسرح السياسة، وتارجح موقف الصادق المهدي الذي بات لايقوم بشيئ سوى تقديم المبادرات للنظام. فالمشهد السياسي الحالي يوضح جليا ان النضال المسلح يمضي على قدم وساق وربما يكون في مقدمة سباق النضال المدني في إقتلاع النظام.. وهنا مربط الفرس.. وهو الأمر الذي لم تعيه تلك الأحزاب بل وعمدت تجاهله، ان تحالف الجبهة الثورية يستند على قاعدة جماهيرية مدنية في اطراف البلاد التي تشتعل.. وأن قوى الهامش باتت بديلا سياسيا للنظام وان جماهيرية قوى المعارضة المدنية تراجعت قليلا وخاصة بعد مواقفها الضبابية تجاه مجريات الاحداث التي وقعت مؤخرا ونتج عنها تحولات كبيرة خاصة في مناطق النزاع.. ووسط مجموعات الشباب. فالندوة التي اقيمت قبل اسابيع في دار حركة (حق) وتناولت رؤى الشباب تجاه وثيقة البديل الديمقراطي التي قدمتها قوى المعارضة المدنية في الخرطوم ولم تشمل موقف الحركات المسلحة التي تحمل السلاح ، تأكد من النقاش الذي اداره ممثلو المجموعات الشبابية ان عملية إقصاء المعارضة المسلحة عن تلك الوثيقة كان الفخ الذي وقعت فيه قوى المعارضة وخصم منها كثيرا .. وهو مسلك بعيد بعض الشيئ عن النهج الديمقراطي، وقد تنجم عنه كارثة حال سقط النظام وحان وقت تشكيل الحكومة الإنتقالية، وهو الأمر الذي فات من قبل على زعماء الأحزاب ونبههم له الامين العام للمؤتمر الشعبي في الاجتماع الذي عقد في مقر الحزب الوطني الإتحادي وتحدث به الترابي لوسائل الإعلام حينها . والآن.. تنشط الحركات المسلحة في عمل عسكري في مناطق النزاع ومسرحه مدينة كادوقلي الإستراتيجية بالنسبة للنظام في الخرطوم.. بينما يستعد الشباب لإنعاش ذكرى اكتوبر ربما بملحمة جديدة تذهب بنظام البشير، كل هذا والمعارضة السياسية تغط في سبا عميق وجل ما تحدثه هو عقد مؤتمر صحفي يشجب ويدين قيادتها مواقف النظام امام الكاميرات.. بات على المعارضة ان تتحرك بشكل جدي وان تحاول رتق ما تهتك من نسيج قواعدها الجماهيرية عبر فعل سياسي يوازي المرحلة وإلا ستفيق يوما وتجد قطار التغيير قد فاتها ويصبح حالها كحال الميرغني والمهدي متكئين على جماعات دينية بلا سند سياسي لأن الشباب قد ضاقوا ذرعا بكثرة التنظير وتذبذب مواقف القيادة. مذكرة التفاهم التي وقعت في كمبالا بين قيادة الجبهة الثورية وقيادة الحركة الإتحادية تؤكد وقطعيا أن حزب الحركة الوطنية قادم وبقوة ليحتل مكانه الطبيعي في مسرح السياسة السودانية الذي اكتظ بالمهرجين.. ولكنه قادم هذه المرة عبر قيادة مستنيرة واعية لفظت كيانات البيوت والطائفية والاسياد.. وقامت بما عجزت عنه المعارضة التي تركض خلف الديمقراطية وتنتهكها في ابسط المواقف.