[email protected] بالرغم من حالة الانهيار التام التي زج بها الاسلاميون البلاد خلال فترة حكمهم للبلاد ، و أحداثهم تصدعات في خارطة البلاد الجغرافية و التاريخة و الاقتصادية و السياسية , حتى أصبحت مغادرة الاسلاميين للسلطة ضرورة من أجل الحفاظ علي ما تبقي من الوطن جغرافيا ، و من أجل اصلاحه سياسيا ، و انعاشه اقتصاديا. و بالرغم من اكتمال كل العوامل التي توجب التغير , الا ان التغير الذي ننشده من أجل المحافظة علي البلاد ، ليس هو التغير الذي سوف يأتي عن طريق الدبابات ، هذا و من جانب اخر ، ان يكون التغير عن طريق الدبابات ، وتقف ورائه الحركة الاسلامية ايضا ، فهذه هي الكارثة بعينها و انفها و لسانها و ان يكون التغير عن طريق دبابة ، و يصل من خلاله " صلاح قوش " الى سدة السلطة ، فهذه ما لا يقره منطق و لا عقل . التغير من خلال الانقلاب أساسأ كمبدأ " مرفوض " سواء كان يقف من ورائه حركة اسلامية بزعامة " قوش" , أو كان انقلاب يقوده أي رجل ، ولو كان بوزن " نلسون مانديلا " ففكرة الانقلاب لديها تبعات علي كل المستويات المحلية و الاقليمية و الدولية ففي الجانب المحلي ، الانقلاب يعني استمرار الفاشية العسكرية التي عاني منها السودان كثيرا" , و التي بالضرورة سوف تؤدي الى استمرار الأزمة الفكرية العميقة السائدة ، ذلك انه من غير المستطاع ان تكون هناك تغيرات سلمية في السودان يمكن ان تحدث من خلال " انقلاب عسكري " فمنذ الاستقلال و البلاد لا تعرف سوي عقلية الانقلابات العسكرية ، الأمر الذي يؤدي الى اقحام هذة المؤسسة في الحياة المدنية و السياسية و هو الامر الذي لا تجيده الشاهد ان البلاد قد عانت من الانقلابات العسكرية كثيرا ،بل ان المؤسسة العسكرية السودانية هي التي افشلت التجارب الديمقراطية الماضية_على قلة تجربتها و عدد السنين المقتطعة التي حكمت فيها_ ، فالمؤسسة العسكرية كانت علي استعداد لأن تقلب مقاليد الحكم في البلاد لأسباب تتعلق بعدم الاستقرار السياسي و التدهور الاقتصادي , الذي انتجته الفاشية العسكرية نفسها بشكل أو بأخر , فقلب نظام الحكم من قبل العسكرالفاشست لا يستطيع ان ينتج سوى نفس الأزمة مرة تلو المرة , نتيجة لافتقارها الاجماع الفكري مما يجعل الطابع القمعي هو السمة البارزه لحكمها و نتيجة لذلك وبسبب التعقيدات السياسية التي شهدها السودان و فشل النخبة الذي لازمه ، الأمر الذي أدي ألي ارتماء النخبة أما في احضان " الطائفية" أو احضان الفاشية العسكرية ، فانه و حتى كتابة هذه السطور و بالرغم من ان السودان قد نال استقلاله منذ 56 عام ، فان السودان و حتى هذه اللحظة لم يشهد طول فترة استقلاله " دستور ثابت " . و كأنما كان ماضيا علينا _بسبب فشل النخبة و تقاليد احزابنا الطائفية و الدينية_ تدخل الفاشية العسكرية السافر في السلطة , و كأنه مكتوب علينا ان نبقي بمعزل عن الاستقرار السياسي و بعيدا عن التطور الديمقراطي لتحقيق ديمقراطية فاعلة تساهم في استقرار البلاد و تفجر طاقاته من أجل دفع عجلة النماء و الاستقرار السودان الان يمر بنفق مظلم ، و لن تجدي مع الازمة أي انقلاب سواء نفذته الحركة الاسلامية أو الجيش ، أو أي جهة اخري , فتعقيدات الوضع الذي افرزه ائتلاف الاسلام السياسي و الجيش هو نفسه الذي انتج هذا المأزق , الفاشية العسكرية و الدينية لم تكن عقيدة شاملة من أجل الوصول الى صيغة حكم تساهم في الاستقرار ، لأنها تنكر مبدأ المساواة و حقوق الأنسان , فقد غلب الطابع الديني علي النزعة القومية ، فمصدر الشرعية كان بالنسبة لهم هو " الدين " و ليس الأمة ، و حقهم في التمكين .الدين و التمكين هما كانا في حد ذاتها مبرران للحكم , و كان علي الفاشية الدينية و العسكرية خلال السنين التي حكمتا فيها السودان ان تثبتا بجلاء ان صراعهما مع الثقافات داخل السودان ، هو مدي احقيتهما للحكم بسبب العامل الديني ، و بالتالي فقد كانت الحرب بالنسبة لهما حالة طبيعية,والتي لن تكن بأي حال من الأحوال حالة مرضية , و لذلك و بسبب هذا العنصر لم يلجأ الاسلاميون لجعل الوحدة جاذبة حتى لو أدي ذلك الى تغيير الجغرافيا و التاريخ. أزمة السودان لن يحلها انقلاب "قوش" و لن يحلها التفاف الاسلاميين علي السلطة بوجه اخر أزمة السودان لن تحلها الا ثورة شاملة علي كل النظم و المظاهر التي أدت بنا ألي الوقوف علي حافة الهاوية أزمة السودان سوف تحل من خلال الديمقراطية و لا شئ غير الديمقراطية القائمة علي أساس الحرية و المساواة من أجل الوصول الى كتابة دستور دائم يضمن الحقوق لكل التكوينات العرقية و الاثنية و الدينية المكونة للقومية السودانية أزمة السودان لن تحل الا من خلال ثورة تقر مبدأ العدالة الاجتماعية , و تعتبر ان المواطن هو أساس السلطة أزمة السودان سوف تحل من خلال ثورة سلمية ، و التي سوف تطرح " البديل " فالبديل سوف يطرحه النضال , فمن خلال النضال سوف نعرف من هو البديل