تعقيب على مقال ناصف صلاح الدين بعنوان "العميد ود ابراهيم يرفض لقاء البشير ويخلي منزله الحكومي" الفاضل الهاشمي [email protected] كتب الاستاذ ناصف صلاح الدين مقال بعنوان "العميد ود ابراهيم يرفض لقاء البشير ويخلي منزله الحكومي" نجده فى الرابط التالي: http://www.alrakoba.net/articles-act...w-id-27524.htm لا اعرف عن ناصف صلاح الدين الكثير ولكني توقّفت عند عبارات المقال التي تخلق من ودابراهيم شخصية اسطورية وتمجّده من حيث لا يحتسب الكاتب. وهذا مؤشر بؤس واقع الحال عندنا أكثر من موقف ناصف الفكري والاخلاقي لذلك وجب القول انني لست بصدد تبخيس مسعاه. ملاحظاتي هنا حول صناعة واختراع مزعجتين ينخرط فيهما الكاتب فى صناعات الخطاب السائد بدون رويّة. لاحظ ان العبارات التى تعلي من شأن البطل العسكري العميد الجديد تجاور واقع الخيبة الماثل وحثالته فى ذات اللحظة والآن!! يصدر المقال من خلفية عزيزة عن انحياز فئات من الجيش والشرطة لمصالح خارج المؤسسة. لا غرابة فى مؤآزرة المصالح، أيّ مصالح، حتي وان بدت متناقضة مع موقف المؤآزر الطبقي. انحياز تلك الفئات للشارع فى سياق الرياح التى دفعت سفن حركات التحرر الوطني وحركات المقاومة السياسية والثقافية مابعد الكولونيالية كانت لحظات تاريخية نفسية عزيزة لدى أجيال شاركت فى تشييد أحلام قومية فى المنطقة وفى تاريخ الثورات السودانية وتغنّي بها شعراء وفنانو الشعب وبابطالها ومنها "دوّخ العِدا فى محاكمها". من ذات الدقن يفتل لنا الكاتب ناصف صلاح الدين ان ودا ابراهيم الشجاع (ياله من اسم يوازي اسماء شبيهة كود الزين الكان وحيد امّو الخ) قال لمعتقليه "امامكم خياران إما ان تذهبوا بي للدروة او اطلاق سراحي وما عاوز جيش معاكم" !! وفى مكيدة "ما عاوز جيش معاكم" ينفصل البطل من موقعه الايدلوجي كحزبي عريق معروف مقرّب لبطل اليوم على سبيل ومنطق السحر والسحرة والاسطورة وكأنه خارج ديناميات حزب المؤتمر الوطني وفشله وفساده وهوانه. لقد انطلت اللحظة علي الكاتب وبسذاجه عرّف ودابراهيم بأنه غير سياسي رغم ان مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية تقول "ان البشير ارسل في طلب ود ابراهيم لتناول الغداء معه الجمعة الماضية للخروج من المأزق" وأنه "أسهم في إحباط مساعي انقلابية سابقة لصلاح قوش" . ومن باب صناعة الابطال يعلو نجم ودابراهيم "اضافة لكاريزميته وشعبيته الطاغية وسط الجيش بفضل كفاءته العسكرية وتحلق عدد كبير من الاسلاميين حوله ، صار اقرب للشخصية الاسطورية" ويمضى كاتبنا قائلاً "الرئيس ما زال يكن كثير من الاحترام والتقدير للرجل الذي أسهم في إحباط مساعي انقلابية سابقة لصلاح قوش كما اخبر البشير بذلك إسحاق أحمد فضل الله". ويستمر نسج خيوط الاسطورة لبطل قادم "ود ابراهيم رفض لقاء الرئيس بمفرده واشترط وجود كل المجموعة المتهمة بالتخطيط للانقلاب" .... حتى تكتمل الخيوط الدرامية للعميد النقي العفيف الذى لم يتبلّل بماء الفساد الذى ألقى نفسه فيه بشعبيته وكارزميته يقول الكاتب ان ود ابراهيم "اتصل بشقيقه علي وطلب من اسرته مغادرة المنزل الحكومي بحي المزاد" ... ود ابراهيم العفيف غير السياسي "كان ينتدب دائماً للمهمات الصعبة"... ثم "كان على رأس سبعمائة من الضباط وجهوا قبل عامين (عقب انفصال الجنوب مباشرة) مذكرة احتجاج شديدة اللهجة للرئيس البشير تحتج على أوضاع القوات المسلحة وسوء الإدارة فيها. بل تمضي الى ابعد من ذلك عندما طالبت القيادة السياسية بتجنيب البلاد الحروب المتوقعة بضرورة تحقيق وفاق وطني".. وفجأة وفى ذات المقال يبرز الجانب السياسي فى شخصية ود ابراهيم الذى "ورد اسمه في الصحف بأعتباره اقوى المرشحين لتولي وزارة الداخلية في التشكيل الوزاري العام الماضي" !!! وتستمر وصفة تناقض البطل وقربه من النظام : "هو شخص قريب جدا من الرئيس البشير وعمل معه بصورة لصيقة جدا كمسؤول أمنه الخاص لمدة تزيد على السبع سنوات ، كذلك يعرفه الرأي العام داخل الحزب باعتباره قائد (فرقة الدبابين)، معروف بالصرامة والحزم والتشدد وهو شخصية اجتماعية محبوبة ولكنه قليل الكلام ويؤثر الصمت... استعان به البشير مؤخرا في استرداد هجليج بمعاونة اللواء كمال عبد المعروف". ثم ان ود ابراهيم غير السياسي "يحظى بشعبية طاغية وسط الاسلاميين ربما احست السلطة بخطره بعد ان اقام افطارا بمنزله ببحري في رمضان الماضي شهده نحو ألف من الاسلاميين المطالبين بالاصلاح (السائحون) كان بمثابة إنذار للسلطات خاصة بعد حضور غازي صلاح الدين للافطار الاخير." ونكون ازاء صناعة بطل وكأن الكاتب الصحفي لا يد له في وصف الدراما التي يكتبها عن ود ابراهيم كبطل جديد للاسلام السياسي ذي الرؤوس التنينية وكأن تراجيديا الواقع السوداني وبؤسه التي افترضها الكاتب لا مفر لها الا ان تخرج لنا من رماد الاسلام السياسي جمراً ابراهيمياً وقّاداً يتلبّس البطولة والعفّة من خطاب يرضع من ثدي اكتوبر وابريل التى تظهر بعض فئات الجيش القابضة على الجمر وهى تصدر من الخيران (خور عمر احد نماذجها البائسة وليس خور طقّت) وتنحاز للشعب الى حين (وما ادراك ما الشعب؟؟) كون الشباب صغار الضباط (الذين سرعان ما يصعّدون أنفسهم طبقياً فيصبحوا الوية واركاناً بين عشية وضحاها) هم الرسل المخلّصة والقائدة لبقية النخب السودانية العاطلة. ... وتأتي الاطروحة كما أراد لها عبدالوهاب الافندي فى مقال آخر يحلم بالاصلاح كون "قيادات الجيش الملتزمة" النضيفة "قررت قلب النظام والتخلص من القيادات التي توصل كثير من أنصار النظام إلى أنها فاسدة وفاشلة ومقصرة". مرة أخري اود التأكيد ان المقال جميل وفيه ملاحظات تعكس الواقع لكن تبدو فيه ورطة صناعة بديل قديم معتّت ، ورطة مبنية فوق فرضية بين السطور فحواها ان الجيش (كوحدة واحدة صماء خالية من التناقض والمصالح الضيقة والايدلوجية) مع الشعب وتنحاز اليه حين الطلب. وهذا ما ذهب اليه الافندي فى مقالة سابقة وهو ذات الطريق الملولوة التى تسلكها نخب الاسلام السياسي فى مصر اليوم ازاء مبدأ الحرية والديمقراطية الخادعة. حسن الظن العريض وقلة حيلة الكاتب ساقتاه نحو الخفّة والانسياق وراء فرضية عفّة بطل خانته خبراته وتمرّسه رغم قربه من البشير والاسلاميين ، بطل أغمض عينيه عن فساد البشير وزمرته فتم الكيد له من حيث لا يحتسب. ورطة المقال انه يصدر من فرضية أن لا خلاص للشعب السوداني الا من بطولات تحاك له من ذات نخب نازية الاسلام السياسي !! اما عن تطهّر البطل الصوفي والمنقذ الجديد أنه وبعد الاف السنين من خدمة الاسلام السياسي ومعايشته للفساد وبعده عن مقارعته قد "اتصل بشقيقه علي وطلب من اسرته مغادرة المنزل الحكومي بحي المزاد" !!! ولأن الكاتب يود ان يزيدنا من الاسطرة أقر بسذاجة ان "ود ابراهيم لم يعرف عنه أي نشاط سياسي، حيث اقتصرت مهامه على العمل العسكري، حيث كان ينتدب دائماً للمهمات الصعبة" وكأن السياسة شيئ آخر لاعلاقة له بالعمل العسكري والمهمات الصعبة الانتحارية التى تكون خارج الحزبية والقناعات السياسية الحزبية والايدلوجية الراسخة من عيار عين اليقين العسكري الايدلوجي الخالص لوجه دين الجيش والعسكريتاريا!!! لكن دينه وديدنه السياسي ظهر فجأة قبل عامين من حيث لا حيث "منذ ان كان على رأس سبعمائة من الضباط وجّهوا قبل عامين (عقب انفصال الجنوب مباشرة) مذكرة احتجاج شديدة اللهجة للرئيس البشير تحتج على أوضاع القوات المسلحة وسوء الإدارة فيها. بل تمضي الى ابعد من ذلك عندما طالبت القيادة السياسية بتجنيب البلاد الحروب المتوقعة بضرورة تحقيق وفاق وطني" ... وهكذا يتطوّر البطل المهني البرقراطي بمنطق النشوء والتطور العسكري قبل عامين الى اسطورة للخلاص والوفاق الوطني!! ودابراهيم الاسطورة غير السياسي يظهر فى مشهد آخر سياسي ويرد "اسمه في الصحف بأعتباره اقوى المرشحين لتولي وزارة الداخلية في التشكيل الوزاري العام الماضي" . وتسوقنا صناعة المقال الى ان "آخر المناصب التي شغلها هو الملحق العسكري للسودان بنيروبي لمدة أربعة أعوام قبلها كان مسؤول أمن رئاسة الجمهورية وخدم بجنوب السودان فترة الحرب مدة اثني عشر عاما، وهو شخص قريب جدا من الرئيس البشير وعمل معه بصورة لصيقة جدا كمسؤول أمنه الخاص لمدة تزيد على السبع سنوات ، كذلك يعرفه الرأي العام داخل الحزب باعتباره قائد (فرقة الدبابين)، معروف بالصرامة والحزم والتشدد وهو شخصية اجتماعية محبوبة ولكنه قليل الكلام ويؤثر الصمت. استعان به البشير مؤخرا في استرداد هجليج بمعاونة اللواء كمال عبد المعروف ، ود ابراهيم يحظى بشعبية طاغية وسط الاسلاميين ربما احست السلطة بخطره بعد ان اقام افطارا بمنزله ببحري في رمضان الماضي شهده نحو ألف من الاسلاميين المطالبين بالاصلاح" ... ترى لماذا فات على هذا الكاتب من أين لهذا العميد العفيف طاهر اليد اطعام ألف نسمة فى منزله المتواضع وبماهيته المتواضعة وفى افطار واحد!!!!