.. [email protected] لن يتحقق الاستقلال الحقيقي الا اذا تخلينا عن تعالينا ورعونتنا ..وما معناه انتبهنا الى حل مشاكل الفقراء ، ثم تواضعنا على دستور ونهج يجمعنا على كلمة سواء ! ولن ينصلح حال السودان الا اذا توحد الحزب الاتحادي الديمقراطي وأنصلح حاله ! الكلام أعلاه ليس للسيد فيدل كاسترو الزعيم الأشتراكي المعدم الذي تقاعد أخيرا لأخيه في كوبا وبات معلما للثورة طويلة التيلة هناك بعد أن حكم بحزبه الصخري الذي بات مسيطرا على البلاد وحده لا معارض له ولا انقسامات فيه منذ عام 1959 فقط لاغير ! بل هو لزعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي اصبح كانتونات تتفاوت بين الأصل والصورة ومن لم تصله يد التحميض أو فشلت كل المحاليل لتوضيح ماهية قسماته ! والتصريح هو ليس للشيخ مرشد الأخوان في الجمهورية الاسلامية الاخوانية الشقيقة والشريك في الحكم من الباطن في مصر الدكتور محمد بديع ، بل هو لمرشد طائفة الختمية في السودان وما جاورها من بلاد القرن الأفريقي وما ملكت يمينه من عقار في كل أنحاء المعمورة ! وقد تحدث مولانا أخيرا بعد طول صمت وتأمل ، بل و تذّكر سماحته مشكورا استقلال السودان الذي خرج عنه الاستعمار وتركه ارثا مقسوما بين طائفتين ، توزعتا النفوذ فيه بالتساوي شرقا وغربا وشمالا ، انسانا وحقولا ونخيلا ! وهما طائفتان من الدوحة الشريفة ،ابناؤهما ليسوا كبقية الرعية والتابعين و لم يكونوا يجلسون على مقاعد الدراسة القاسية التي يتململ فيها ابناء الرعاع ، فكان أنجال الأسياد ، اما افردت لهم مدارس خاصة واما ابتعثوا للخارج حتى لا تتلوث عقولهم بتراب العلم الشعبي الذي يغبّر أفكارهم ،وربما يدفع بهم للتواضع مثل بقية البشر من ابناء العامة ! فترسل لهم المصاريف في لندن والاسكندرية التي يتحصلها الجباة من الخلفاء ورؤساء الميات ويدفعها مزارعو السخرة قبل أن يوفروا قوت أولادهم منها ، بل وقبل سداد فريضة الزكاة لمستحقيها شرعا أكثر من اصحاب السرايات وراكبي الرولزريوس ! فنقول لمولانا بناء على كل ذلك ، من حقه جدا أن يتسأل اين الاستقلال الذي لا يرى بالعين المجردة ، مثلما من حق العلمانيين أن يحضونا في الدستور المرتقب الذي يحسنا سيادته للتوافق عليه ، ويجاهدون من أجل فصل الدين عن الدولة ، ولطالما حلم أهلنا من مريدي مولانا بالجنة لأنهم باسوا الأيادي الطاهرة وظفروا بفاتحة ابو علوة ، التي عادة ما تصرف في سراي ابوعبده ، الذي يطمع ايضا أنصاره في متر من ا لجنة مقابل كل متر حطب يقطعوه لتنظيف مشاريع الدائرة المغلقة الخير على بيوت السادة ! أوليس من حق العساكر ايضا بعد كل ذلك الجهل واستمرار التجهيل أن يحكمونا ليحررونا من تقبيل الايادي بالانحدار قسرا الى لعق ( البوت )؟ وحينما لا يستطيع الزعيمان كبح جماح رغبتهم في المال والحكم ، ثم يسوقون من المبررات ما يجعل حتى مثقفي حزبيهم ، اما فريق مستسلم لارادة القداسة التي لا ترد ،واما متمرد ا منقسما يسعي لمصالحه ، فيصلي خلف السادة كارها ، ولا يكتفي بالفتات من عرق الشعب المسفوح على موائد اللئام ! وحينما يقيم ابن مولانا المدلل ستة اشهر خارج البلاد متجولا في العواصم المخملية ، وهو المحسوب على شراكة النهب المصلح للحكم ويتقاضى راتبا من جيب الفقراء الذين يرق لهم قلب مولانا اليوم، ولعله لا يعرف ان كانوا يقيمون في كسلا تلك المدينة الوحيدة التي يخرج لها الخليفة الأكبر متجشما وعثاء السفر لزيارتها مرة كل ربع قرن ، أم أنهم يقيمون في دارفور التي لم تطأها اقدامه ربما ولا مرة في عمره المديد ؟ مثلما يجهل ابنه المساعد الرئاسي بلا أعباء ان كانت الحرب تدور في جنوب النيل الأزرق أم في جنوب سينما كلوزيوم ! أوليس بعد كل ما سلف أن من حق (الأخوان الأسلاميون ) ان يحكومننا مدى الحياة ، ليعتقوننا من حكم العوائل وتؤول السلطة لأبناء راكبي الحمير والكارو وساكني الجالوص مثلما سخر نافع علي نافع ،حتي تدور عليهم النعمة فيمتطون الفارهات ويسكنون العوالي كنوع من قسمة العدالة الاجتماعية التي تحقق لنا الاستقلال بضربة واحدة مع نيل الشهادة موتا بداء صبرنا على عهدهم الطاهر حيث أضعنا ثلث مساحة الوطن والبقية في الطريق ، مثما يرى مولانا ضياع الاستقلال من بين ايدينا راجعا لتعالينا على ذاتنا ، ورعونتنا في ادارة أنفسنا ، وقد نال هو شخصيا وأمثاله من الساسة والقادة المخلصين شهادة براءة الذمة من مشاركتهم في ضياعه ! وأصبح المتهم في ذلك كله هو الشعب المجرم في حق نفسه وفي حق وطنه الذي خرج من محطة الاستقلال عن الأجنبي وركب قطار استغلال الحكم الوطني والذي كان مشواره محاقا على الذي تركه الكفار ، ولم يحافظ عليه لا السادة الذين في يدهم الجنة للأتباع والأنصار ولا السياسين العلمانيين الذين وعدونا بالتحرر من سطوتهم بالليبرالية المنشودة ، فأكمل الكيزان الناقصة وبشراكة نجلي الزعيمين الذين حضر والديهما مخاض الاستقلال وقد تركاه وليدا ناقصا ليشهد ابناؤهم الذين تولوا الزعامة بعدهم موته قبل أن يخرج من حاضنة السنوات الأولي ! فعلا كل ما قلته كان حقا ، يا مولانا ..وأنت المشارك في حكم وطن بلا استقلال ، فبماذا تنصحنا دام فضل فضيلتكم ؟ فكلنا آذان صاغية !