(يحث المجلس حكومة السودان و الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال للدخول في مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة، من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع) هكذا وضع مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي عبر القرار رقم (353) الحكومة السودانية أمام واقع طالما عملت علي الهروب منه أو عدم التعامل معه ويبدو أن الحوار مع الحركة الشعبية – شمال قد أصبح أمر لا مفر منه رغم أن قيادات بارزة في الحزب الحاكم لازالت تقف في محطة عدم الإعتراف بقطاع الشمال وعدم الدخول في أي تفاهمات مع حكومة دولة جنوب السودان ما لم تقم بنزع سلاح قطاع الشمال. ومضي القرار الأفريقي أكثر من ذلك عندما طلب بالإنطلاق من منصة - اتفاق نافع – عقار – الذي رفضه المؤتمر الوطني قالوا عنه أنه ‘‘أصبح نسيا منسيا ‘‘. (1) ويشكل القرار في حيثياته إضافة لرصيد حكومة الجنوب وخصم من رصيد حكومة السودان وخاصة أن الأخيرة كانت ترهن أي نجاح أي خطوة بنزع سلاح قطاع الشمال وعدم الإعتراف به القرار ألزم الحكومة السودانية بالدخول في حوار بلا أي شروط مسبقة وكان القرار نتاجاً لجملة من التحولات التي ساهمت في تغيير المعادلة القائمة ، بالنسبة للحكومة السودانية ظهرت العديد من الأصوات التي ترفض المواقف السابقة والرافضة لمبدأ الحوار مع قطاع الشمال وهناك تصريحات مطرف صديق حول اتفاق – نافع –عقار حيث قال مطرف : ( الزمن سيثبت أنه اتفاق جيد) ومضي سيد الخطيب في ذات الأتجاه الداعم لخط التفاوض مع قطاع الشمال ويمثل تيار – الخطيب – مطرف – تيار الواقعية السياسية وحتي إن بدا ضعيفاً في مقابل تيار الشعارات العريضة وقرع طبول الحرب ، التجارب الكثيرة أكدت أن الحكومة السودانية ترفض السئ ثم توافق تحت الضغط علي الأسوأ. (2) وكانت الحكومة السودانية قد أعلنت علي لسان وكيل وزراة الخارجية السفير رحمة الله محمد عثمان( أن أي جهة لا تستطيع أن تلزمنا بالتفاوض مع قطاع الشمال) رداً علي مطالبة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي للحكومة وقطاع الشمال بضرورة الشروع في مفاوضات بدون أي شروط مسبقة وطلب مجلس الأمن والسلم الأفريقي من الآلية الأفريقية دعوة الحكومة وقطاع الشمال بتسوية النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق في موعد لا يتجاوزالخامس عشر من فبراير المقبل. وبالمقابل أعلنت الحركة الشعبية – شمال أنها أبلغت الوساطة الأفريقية موافقتها علي الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة السودانية لحل النزاع في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وقال الصحفي المعروف محجوب صالح في عموده المقروء : ( طال الزمن أم قصر ستتحاور الحكومة مع قطاع الشمال لأن الأزمة الناشبة في الولايتين لايمكن حلها إلا عن طريق الحوار ). (3) ويختلف السودان وجنوب السودان حول مخرجات كل اللقاءات والقرارات وفي زاوية النظر إلي سير العملية التفاوضية ويذكر أن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقى كان قد مدد المهلة الممنوحة للسودان وجنوب السودان للتوصل الى اتفاق حول الخلافات القائمة بينهما خلال ستة اشهر ، السودان ينظر إلي المهلة بأنها نتاج لنجاح الدبلوماسية السودانية بإبقاء ملف المفاوضات في إطاره الإفريقي ، غير أن هناك من يري عدم صواب وجهة نظر الحكومة السودانية في هذه النقطة لأن خلاصات القرار الأفريقي تلزم الحكومة بالتخلي عن كل الشروط السابقة والدخول في حوارات غير مرغوبة وكانت مرفوضة بشدة ومع تحديد سقف زمني يصعب من مهمة الحكومة ويضيق عليها الخيارات ويصبح الرهان علي عامل زمن غير مفيد علي الصعيد العملي. بالنسبة لحكومة الجنوب يبدو الموقف مختلفاً ومغايراً عن مواقف الحكومة السودانية ، تري حكومة الجنوب أن الوقت قد حان لتطبيق الاتفاقيات السابقة بدلاً من الدخول في مفاوضات جديدة وطالب الرئيس سلفاكير ميارديت ميارديت من مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي العمل على تطبيق الاتفاقات الموقعة مع الخرطوم التي اتهمها بعرقلة العملية ، وقال فى خطاب للصحفيين "إن جولة المفاوضات ينبغي ألا تتواصل إلى ما لا نهاية، و علينا أن ننتقل من الكلام إلى الفعل ". (4) ويعتقد علي نطاق واسع أن الحوار مع الحركة الشعبية – قطاع الشمال قد يفجر العديد من الخلافات داخل مكونات المؤتمر الوطني ففي حين يري تيار ضرورة التعاطي مع الواقع يري تيار أخر كان قد ساهم في إفشال الاتفاق الإطاري الموقع بين الوطني والحركة الشعبية وكانت المحصلة إشعال نيران الحرب التي لازالت مشتعلة عدم الدخول في أي حوار مع قطاع الشمال . وقال الطيب مصطفي رئيس منبر السلام وناشر صحيفة الانتباهة و المحسوب علي التيار الرافض لأي حوار مع قطاع الشمال ..( ويفجأنا ويفجعنا مجلس السلم والأمن الإفريقي المنحاز لدولة جنوب السودان بقرار جديد يُشبه قراراته العدوانيَّة السابقة.. يفجعنا بقرار جديد يوجِّه حكومة السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال للدخول في مفاوضات مباشرة غير مشروطة من أجل التوصُّل إلى تسوية سياسيَّة للنزاع بينهما في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وذلك في تاريخ لا يتجاوز الخامس عشر من فبراير المقبل) وعزفت الأستاذة سامية أحمد محمد نائب رئيس البرلمان ذات اللحن الرافض وقالت..( وقالت إن قطاع الشمال إذا كان يمتلك قاعدة جماهيرية يمكنه تكوين حزب وممارسة السياسة، وأضافت: لكن عقار وعرمان على وجه التحديد شخصيتان غير مرغوبتين فيهما بالولايتين). (5) وتبدو الأيام القليلة المقبلة حاسمة في مسيرة الحرب والسلام بين السودان وجنوب السودان ،الحوار المباشر والخالي من الشروط المسبقة من أبرز ملامح الفترة المقبلة ، القضايا الخلافية الكبيرة -أبيي – علي سبيل المثال وصلت مرحلة إتخاذ قرارات صعبة ، وتدخل الحكومة السودانية الجولة القادمة من المفاوضات مع جنوب السودان وقطاع الشمال تحت ضغوط كثيرة وتحت ظروف باتت معقدة أكثر من أي زمن مضى. [email protected]