فى ظرف أقل من (24) ساعة وردت مطالبات للحكومة وقطاع الشمال بالجلوس للتفاوض (دون شروط مسبقة)، فالمطالبة تطابقت عندها رؤية الإتحاد الأفريقى وأكثر من (350) منظمة إنسانية فضلا عن الولاياتالمتحدةالأمريكية والتى أطلقتها سفيرتها بالامم المتحدة سوزان رايس لدى مخاطبتها الخميس الماضى جلسة نقاش خاصة بمجلس الأمن الدولى حول السودان ، مطالبة الخرطوم بدء مفاوضات (بدون شروط) مع (قطاع الشمال) في جنوب كردفان والنيل الازرق ، ولكن دعونا نتساءل أولا ماذا يعنى إتفاق هذه الأطراف فى مطالبتها الطرفين الجلوس للتفوض بدون شروط مسبقة ؟ وما الجديد الذى جاءت تحمله أمريكا لجعل الجلوس ممكنا ؟ وهل الجلوس نفسه مقبولا لدى الطرفين ؟ ، تقول قيادت سياسية من الحزب الحاكم فضلت حجب أسمائها أمريكا سببا لكل البلاوى التى وقع فيها السودان من إنشطار وحروب ووضع إقتصادى مزرى وعدم إستقرار ، وحصار مفروضا على حكومته منذ عشرين عاما يقوده جيشا جرارا من المبعوثين الدوليين ورجالات السلك الدبلوماسى وخبراء (السى أى إي) ومجموعات الضغط المختلفة فعليها الكف عن ممارسة سياسة الكيل بمكيالين ، فيما يقول آخرون علينا قبول أمريكا بشكلها الجديد فى دورة أوباما الجديدة التى أعلن فيها إنه يدعم السلام بدلا عن الحرب أى (الجزرة بدلا عن العصا). مراقبون يشيرون إلى أن الحكومة السودانية ستجلس مع (قطاع الشمال) عاجلا أم آجلا للتحاور ولا تحتاج لدعوة من أمريكا أوغيرها فقط عندما تنتفى تلك المبررات (الواهية ) التى يتعلل بها كل طرف حسب تأكيدات قيادات سياسية ل(الصحافة) فضلت حجب أسمائها ،إلا أن (قطاع الشمال) نفسه قال على لسان أمينه العام ياسر عرمان عقب جولة أمريكية وأوربية لوفده انهم دفعوا بافكار جديدة دعوا فيها الى توحيد منبري (جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور) ، الحكومة الأمريكية من جانبها رفضت الخطوة بشدة وقالت أن المطروح الآن منبر أديس أبابا لحل المشكلة فى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، أما الدوحة لحل مشكلة دارفور وتقرأ الدعوة الأمريكية الأخيرة للمعارضة السودانية لتوحيد الرؤية مقصود بها تقديم الدعم الكامل لحلحة قضايا السودان بالحوار والطرق السلمية ،فيما يقول ل(الصحافة) الدكتور/ الفريق شرطة جلال تاور كافى الخبير والمحلل المعروف ليس هنالك جديدا فالحوار والتفاوض للحكومة مع قطاع الشمال وفق القرار الأممى 2046 ولم يحدد أصلا شروطا مسبقة، فالمطالبة نفسها لا جديد فيها ،إلا أن كافى عاد قائلا العملية الإنسانية هى سببا رئيسيا لدعوة الحوار بلا شروط مسبقة من خلال الحوار السياسى ، فيما يقول ل(الصحافة) مسؤول المشورة الشعبية فى النيل الأزرق سراج عطا المنان ما يهمنا نحن فى الولاية الإستقرار ،نحن مع الحوار مع أبناء الولاية الذين يحملون السلاح كأفراد وليس قطاع الشمال الذى لازال يتبع لدولة جنوب السودان ، إلا أن ممثل الكتلة البرلمانية لنواب الحركة بالبرلمان عباس جمعة يقول ل(الصحافة) نحن (5) نواب للحركة الشعبية ولازالت مساعينا جارية لإضفاء الشرعية القانونية من الداخل للحركة الشعبية ،ولكننا حتما نحن مع السلام والحوار ،من جانبه يقول ل(الصحافة) عبد الرسول النور الحاكم الأسبق لكردفان الكبرى (السياسة بما تستطيع وليس بما تحب ) وزاد إذا كانت الحكومة السودانية تتفاوض مع دولة الجنوب وتتهمها بدعم قطاع الشمال وحركات دارفور فلماذا لا تفاوض (قطاع الشمال) مباشرة بمشاركة أهل المنطقتين فى الداخل والخارج ، كما تفاوض حركات دارفور والشرق وهم سودانيون وأكد النور أن قضايا السودان لا يحلها إلا (الحوار والتفاوض ) مطالبا بإشراك أبناء المنطقتين فى الداخل والخارج فى العملية التفاوضية ،وعاد النور مؤكدا أن الجلوس للتفاوض مهم جدا لكسر حاجز عدم الثقة بين الطرفين فإن توصل الطرفان لإتفاق فذلك المطلوب وإلا فليسجل ذلك للحكومة بإنها سعت ولم تنجح . ،فالقرار الأممى (2046) والذى تدعمه أمريكا بقوة وينص (على الحكومة السودانية والحركة الشعبية (قطاع الشمال) أن يتعاونا مع الآلية الأفريقية الرفيعة من اجل التوصل إلى تسوية عبر المفاوضات على اساس اطار عمل اتفاق 28 يونيو 2011م حول الشراكة السياسية والتدابير الأمنية والسياسية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان) ، فلابد لنا من الوقوف على رؤى الأطراف حوله ،والى جنوب كردفان أحمد هارون قال ل(الصحافة) فى حوار سابق أن الحكومة ستحاور قطاع الشمال (حول المنطقتين) مادام القطاع يملك تفويضا من حاملى السلاح من أبناء المنطقتين وزاد (الحكومة ستتحاور معهم وإن أوكلوا محاميا) إلا أن تلك التصريحات ووجهت بحملة (شعواء) كادت أن تقلب عليه الطاولة! تجاوزت تلك الحملة العرمرم التى أثيرت ضد مساعد رئيس الجمهورية نافع على نافع رجل الإنقاذ القوى نفسه عند توقيعه بأديس أبابا الإتفاق المعروف (إتفاق نافع وعقار)، رغم قناعات الرجلين ويساندهما قطاع عريض من فئات المجتمع المختلفة ! إلا أن الحملة التى ظل يقودها التيار الرافض للحوار مع الحركة الشعبية كانت الأقوى بل منظمة ومخططة ومعدة جيدا ! ، فيما لا زال (إتفاق نافع وعقار) نفسه يثير جدلا فى داخل أروقة الحكومة السودانية والحزب الحاكم بين مؤيد ورافض له إلا أن الرؤية الرسمية أكدها الدكتور نافع بنفسه فى حوار له مع برنامج فى الواجهة بتلفزيون السودان قائلا (من يقول أن إتفاق نافع عقار هو حل الأزمة ، يحاول أن يشعل الأزمة في داخل المؤتمر الوطني) وزاد وقعناه وقتها كأجندة قد تقود لاتفاق أو لا، ولم نوقع اتفاقا وأخضعناه لنقاش حر وغلب رفضه، قائلا (التمسك) بالإتفاق محاولة للبحث عن محاذير، مؤكدا أن المطلوب الآن هو (فك الارتباط) ، فيما يقول قطاع الشمال ان قرار مجلس الامن 2046 واتفاقية 28 يونيو 2011 المعروفة بإتفاق (نافع وعقار) يجب اخذهما كنافذة لانتقال سلمي شامل وليس (حلا جذئيا) بمشاركة جميع القوى السياسية السودانية ومنظمات المجتمع المدنى ،وأكد عرمان أن الخيار المطروح (تغيير النظام ) . المجتمع الدولى نفسه أدرك بأن إستخدام العصا لا تزيد السودان إلا تعنتا ومزيدا من (الجرجرة) وإبتعادا عن الطرق السلمية ،كم من القرارات الدولية التى تجاوزتها الحكومة عقباتها ،وكان آخرها القرار الدولى (2046) ولذلك لجأ المجتمع الدولى لإستخدام (الجذرة والمحفزات والكلمة الطيبة بل الرقيقة)، فما كشفته وزيرة التنمية البريطانية لين فيزرستون من دعم مالى كبير للسودان عبر برامج التنمية الدولية البريطانية يهدف إلى مساعدة ( 800) ألف شخص للوصول لمصادر مياه شرب نظيفة بحلول عام 2015 إعتبره مراقبون واحدا من المحفزات فضلا عن نشاط آخر مكثف لشركات أمريكية بتوجيه من حكومتها لتنفيذ مشروعات إقتصادية وعلى رأسها (805) ملايين دولار لتنفيذ مشروعا للسكر بسنار ، إذا هل أدركت أمريكا مؤخرا أن قرار مجلس الأمن الدولى 1990 الصادر فى 2011 هو الأفضل والأقرب للحل السلمى وقد نص صراحة على إنه (لايمكن حل النزاع فى جنوب كردفان والنيل الأزرق (عسكريا) ، مشددا على ضرورة الحل السياسي عبر المفاوضات) . (جنوب كردفان والنيل الأزرق) هما أساس إتفاق التعاون المشترك بين السودان وجنوب السودان سيما فى بند (الترتيبات الأمنية ) والتى ترتبط إرتباطا وثيقا ب(تحديد المنطقة العازلة) بمساحة (40) ألف كيلو متر بطول أكثر من (1300) كيلو (حدود المنطقتين الدولية مع دولة الجنوب ) ويقول (قطاع الشمال) أن قواته فى الفرقتين التاسعة فى جنوب كردفان والعاشرة فى النيل الأزرق تسيطران على 40% من المنطقة العازلة ، إلا أن ملابسات عملية فك الإرتباط نفسها لا تحل المشكلة حسب المداولات التى بذلت فيها الآلية الأفريقية جهود مضنية ، فالحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) لازال سياسيا جزء لا يتجزء من الحركة الشعبية لتحرير السودان بجناحيها (قطاع الجنوب وقطاع الشمال) ولفك الإرتباط بين القطاعين لابد من عقد المؤتمر العام للحركة المتوقع إنعقاده فى مايو 2013 وفق دستور الحركة الصادر بجوبا فى مايو 2008 وقد رصدت أمريكا ودولا أوربية مبلغ (24) مليون دولار لإقامة المؤتمر ولكن المطلوب أيضا خطوة أخرى يتم بموجبها فك إرتباط (جنوب كردفان والنيل الأزرق) بقطاع الجنوب سياسيا أيضا ،وخطوة ثالثة مهمة جدا (فك الإرتباط العسكري) بين الجيش الشعبى لدولة الجنوب وأبناء المنطقتين فى الفرقتين (التاسعة والعاشرة) والفرق الأخرى بداخل الجنوب على أن يعقبه تنفيذا على واقع الأرض ،وهذا ما ترجوه الحكومة السودانية ولكنه سيعود وبالا على حكومة الجنوب لأهمية أكثر من (50) ألف عسكرى فى خلق التوازن عسكريا فى ظل إنعدام الثقة بين قيادات الجنوب فيما بينها من جهة وبين حكومة الجنوب نفسها مع حكومة السودان من جهة أخرى ،وهنالك من الخطوات العملية المهمة بإن يكتفل المجتمع الدولى بكافة النفقات ومتأخرات وإستحقاقات من يشملهم فك الإرتباط من أبناء السودان ،إلا أن العملية فى مجملها تفتقر للثقة المتبادلة بين الأطراف الثلاثة . [email protected] (الصحافة) 28 يناير 2013