كنت اود ان اكتب عن اتفاق الفجر الجديد «وزوغة» الاحزاب منه وطبعا هذه عادتها مع الحكومات الدكتاتورية لا تستطيع ان تجابهها، فتغافلها حتى تنتهي المدد الإلهية فتنهار الدكتاتوريات من داخلها وتتصدع، عندها لا تجد منشأة تتكيء عليها فتنهار فجأة حتى ولو برصاصة تقع خطأ على طالب فتستغلها الاحزاب من وراء حجاب وعلى خوف لتقوم المظاهرات وتسقط الحكومة الدكتاتورية، وتأت الاحزاب لتصنع امجادها على حساب الثوار الآخرين الذين لا أبواق لهم ولا بواكي.. ولكن ظروف أزمة جبل عامر أخذت مني الوقت والمقال وهذا الاسبوع نويت ان افرد هذا المقال عن الفجر الجديد.. ولكن ايضا هزت مشاعري بعض المقالات والاخبار والاقتراحات التي قرأتها في جريدتي الصحافة، رأيت ان اعلق عليها للأهمية لأنها مرتبطة بحدث جبل عامر.. استلف بروفيسور عبدالله عووضة حمور عمود الاستاذة الكبيرة آمال عباس في 2013/1/16م، العدد «6989» ليخط مقالا بعنوان الناس على دين ملوكهم آدم وأدروب مثالا...! سرد البروف تجربتين قيّم من خلالهما المجتمعين الشرق ودارفور، الاولى تحكي عن امرأة من غرب السودان «شحادة» اعطيت جنيها فرفضته ثم اعطيت آخر فنزعته بقوة دون اشارة بكلمة شكر، وقال البروف ذهبت ولسان حالها يقول ولا كتر خيرك. والتجربة الاخرى عاشها هو شخصيا كما يقول ان شحاذا من شرق السودان سأله وقال في نيتي كما يقول ان اعطيه جنيها ولم تكن عندي الفكة فرد عليه الشحاذ كما يقول البروف لا عليك كأنك اعطيتني..ولكي يسند نظريته الناس على دين ملوكهم لقاعدة تاريخية اشار الى حروب المهدية والتي كان جُل قادتها ووقودها من الشرق وغرب السودان فقد اشار الى انسحاب عثمان دقنة من معركة كرري والكمين الذي نصبه في الطريق في مضيق بين الجبل فلما اتى الانجليز ومتلهفين الوصول الى امدرمان انقض عليهم فرسان دقنة من كل جانب فقتلوا منهم 47 شخصا، واشار ايضا الى المربع الانجليزي الذي كسره عثمان دقنة، لكنه عندما تحدث عن ابناء غرب السودان في جيوش المهدية رغم انه اظهر شجاعتهم ولكنه ختم مقاله بانتحارهم ، حيث قال هذا بشكل عام والغاية لا بعد والعاجلة ألا يعيد فرسان المسيرية والرزيقات تجربة كرري اعنى الانتحار بشجاعة بل الحرب بشجاعة عثمان دقنة .. وكأنه سخر من كلمة والي جنوب دارفور عندما قال في خطاب له ان ولايته تطلب من الرئيس البشير دفرة فقال بهذا اللفظ قال الوالي دفرة ووضعها بين قوسين.. انتهت قاعدة نظرية البروف الناس على دين ملوكهم آدم وأدروب مثالا..! لقد تحدث البروف عن امرأة من غرب السودان وارجع سلوكها المشين على انها من دارفور، كيف عرفت انها من دارفور وانت قلت انها من غرب السودان؟!! مع ان غرب السودان حيز جغرافي واسع يشمل شمال كردفان وجنوبها، ثم دارفور كلها، وربما تكون هذه المرأة من غرب افريقيا وليست من دارفور، وكما تعلم تشابه قبائل الحدود هل تستطيع ان تفرق بين قبائل الحدود في الحبشة وارتريا وقبائل السودان، بل هل تستطيع ان تفرق بين النوبيين المصريين في صعيد مصر والنوبيين السودانيين من دناقلة ومحس وحلفاويين.. ثم كيف بك وأنت بروفسير تبني نظريتك على حالة واحدة وتعممها على ثمانية ملايين نسمة..؟!! وكيف تجربة واحدة في كرري مات فيها البعض بشجاعة وقاتل الآخر باستراتيجية او تكتيك حربي تستطيع ان تعممها على انها انتحار وتصير مثالا لمعظم حروب المهدية، تحدثت عن المعركة الهزيمة كرري ولكنك لم تتحدث عن معارك الانتصار علي الشلالي وهكس وحصار محمد سعيد جراب الفول في الابيض والانتصار في بارا وفتح الخرطوم ومقتل غردون.. ألم تكن كل هذه الحروب والانتصارات فيها جاءت بتكتيك سوداني جُل قياداته وقواته من الغرب ودارفور بالذات..؟!! ما لكم كيف تحكمون..؟!! يقول البروف هذا في رأيي سبب قريب السبب الابعد المسبب للسبب القريب المباشر هو الطبع المركوز ..!! يا بروف حرام عليك من تجربة امرأة شحاذة من غرب السودان، ولسبب موت بشجاعة في معركة كرري استخلصت الطبع المركوز في الرد بالإحسان على الجميل بالحمق والانتحار لشعب بأكمله.. لم يملأ عينك كل جهاد هذه الامة في العلم والعمل من اطباء ومهندسين ومحامين واعلاميين وسياسيين وعمال ومزارعين وفنيين مهرة من دارفور، اضافوا لهذا السودان الكثير الا هذه المرأة الشحاذة وهذا الموت بشجاعة ثم اني سائلك يا دكتور هل سألت نفسك لماذا جاءت هذه المرأة تشحذ في الخرطوم..؟!!! هل رأيت امرأة دارفورية في الستينات والسبعينات تشحذ في شوارع الخرطوم..؟!! بذمتك اجب على رؤوس الاشهاد.. هذه الخرطوم يا بروف كانت جميلة ونظيفة لأهلها وما «مالية» عين احد في ريف السودان ، ايضا لهم قراهم وباديتهم ومدُنهم الصغيرة النظيفة .. ولكن لماذا جاءوا الخرطوم؟!! اعتقد ان امانتك العلمية ستجيب على هذا السؤال وكفي.. اما الانتحار بشجاعة والله لأول مرة اسمع سوداني وعالم يصف الموت في كرري بإنه انتحار «سيبك من كلمة بشجاعة المضافة للتحلية»..!! وهل بهذا التقييم نستطيع ان نصف استشهاد زيد بن حارثة، وجعفر بن ابي طالب وعبدالله بن ابي رواحة في معركة مؤتة بإنه انتحار ..؟!! يا سبحان الله.. اما دفرة التي «تتريق» على والي جنوب دارفور بها فقد سبقتها كلمات وهي من ادب هذا النظام لا اراك علقت عليها...!! ، لحس الكوع، والدغمسة، وجينا بالقوة، والجاك مشمر لاقيهو عريان، هل ازيدك يا بروف ؟! الوطن محتاج لمعالجات ليس محتاجا لنظريات مثل الناس على دين ملوكهم هذه النظرية سقطت بالتقادم والتدافع، كم الآن من خرج على دين ملكه في عالم الربيع العربي.. هذه النظرية عمرها اكثر من ستمائة عام...!! ما صلح وعاش فيه حمور لا يستقيم للبروف عبدالله ان يعيش فيه، ولا لابنه من بعده.. لقد قرأت للبروف عدة مقالات في هذه الصحيفة واصدق قرائي القول اني من اشد المعجبين بكتاباته واتمنى من الله ان اكون قد فهمته خطأ ويا ليت لو افحمنا بمقال عن الامر لأفهمه صاح.. الخبر الثاني وهو في جريدة الصحافة 2013/1/18م، العدد «6991» مدير جهاز الامن محمد عطا ارسل طائرة خاصة لنقل جنازة الفنان الراحل محمود عبدالعزيز من الاردن.. اولا نسأل الله له الرحمة، لكل مبدع سوداني فني ادبي علمي عمالي يستحق التقدير من الدولة ولكن ما نرجوه الا يكون التقدير بعد الموت بارسال طائرة ولكن برعاية المبدعين وهم احياء لا اموات..! وبمناسبة هذه الطائرة لقد مكثنا اربعة ايام بلياليها في منطقة بني حسين بين القتل والجثث وبيننا والي شمال ووسط دارفور والجميع يستغيث بطائرة واحدة من القوات النظامية وخاصة الجيش لاجلاء الجرحى واغاثة المتضررين على الاقل طائرة واحدة ترهب المتحاربين بصوتها وتجلب عليهم بضجيجها كما تفعل بالمتمردين..! اربعة ايام بلياليها والوالي كبر يستغيث بطائرة ولا مجيب كان كل تحركنا بهيلوكوبتر من اليونميد واليونميد التي اصبحت دولة داخل دولة تستفيد من خدماتها الحكومات...!! والطائرة الثانية مؤجرة بثلاثين مليون جنيه بالقديم في الساعة كما ذكر السيد الوالي، كلما يهبط علينا السيد والي شمال دارفور الا ويعدنا ان ناس الجيش وعدوه بطائرة تأتي بعد قليل.. والى ان سافرنا الى الخرطوم ولا طائرة الا طائر يطير بجناحيه في السماء وهذا ليست مهمته إغاثتنا وانما التأكد من الوفاة الحقيقية لموتى جبل عامر لينقض على فريسته التي جاءته حلالا بلالا لأنها لم تدفن بعد.. فيا عطا اعطوا مما اعطاكم الله في مثل هذه الحالات..!! الاقتراح الثالث والذي قرأته في الصحافة في نفس العدد 2013/1/18م، هو اقتراح مقدم من عضو في هيئة علماء السودان ان يكون هناك دور للجيش لحماية الشريعة، واقترح المكاشفي طه الكباشي ان يكون للقوات المسلحة دور في حماية الشريعة الاسلامية وابطال اي قانون يتعارض معها.. وان يكون هذا التدخل بصورة مؤقتة لمدة شهرين.. والآن عاد إلينا قاضي المحاكم الناجزة من جديد وتعلمون ان هذا الرجل ظهر في خواتيم سني نميري الاخيرة، وان شاء الله مقدمه يكون فأل خير للجميع.. لقد استغربت لمثل هذا الاقتراح للآتي ان الجيش له مهمتان حماية الحدود ورعاية الدستور، فاذا ما اتفق السودانيون على دستور مهما كان هذا الدستور فعلى الجيش حمايته الا اذا كان مولانا القاضي يحرض ويدعو للانقلابات العسكرية.. اما حكاية لمدة شهرين ويسلمها لكم «تجدها عند الغافل» يا مولانا، اتدري ما هو الاتفاق بين عبود وعبدالله خليل ..؟!!! الجيش يستلمها شهيرات ثم يعيدها ومعروف لم يسلمها الجيش الا بالنزع وتكرر سيناريو الشيوعيين مع نميري، وهكذا البشير مع الترابي إلى يوم (الليلة) انت قول انقلاب وأسكت..!! يرجعني امر الجيش الى رحلتنا الى جبل عامر، في الستينات من القرن الماضي كانت لنا مشكلة قبلية في بلادنا سالت بسببها دماء وتنادي الفريقان وقبل المعركة الفاصلة وجد الناس في الصباح الدبابات في كل ركن معظم الناس لا يعرفون ما هذه المصائب وكان قائد القيادة الغربية البرقدير حمد النيل ضيف الله وانجلت المعركة. قبل تدخل الجيش لحماية الشريعة وهي الآن محروسة بأمثال مولانا المكاشفي طه الكباشي ومحمد عثمان صالح والزبير أحمد الحسن وآخرين نرجو من قياداته اصدار الامر لمن يلزم بالتدخل لفض الاشتباك بين الطوائف القبلية المتحاربة في دارفور وفي كل مكان في السودان وبحيادية كاملة، واعتقد ان القرآن الذي نزل بالشريعة يأمر بذلك.. (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما).. ولا رأيك شنو يا مولانا ، اطال الله عمرك وإن شاء الله عودتك الى الاضواء تكون حميدة لأهلك السودانيين.. وعائدة بكل جديد. [email protected]