قبل ثلاث سنوات تقريباً كان لي موضوع بجريدة الرائد بعنوان (القتال وقوفاً انتحار يا مسيرية). وهذه عادة عندهم لا زحفاً كالتماسيح دليل شجاعة واستبسال. قلت هذا بمناسبة المواجهات التي كانت بينهم وبين الحركة الشعبية (الحشرة) كما قال المشير لاحقاً. والأهل بالشمالية يقولون (الحشرة القشرية) المؤذية للنخيل قبل المشير بكثير. لو كان يطاع لقصير أمر.. وفيه قلت ان هذه العادة لا تصلح مع الرصاص. لأنها تجعل من المسيري هدفاً سهلاً للقتل ، وقبلي اختار سلاطين باشا اسم (السيف والنار) ليعبر عن علة هزيمة الأنصار في المهدية. وقد بدا لي أن أقول بالعنوان (انتحار). كما قلت من قبل. ثم عدلت إلى (هزيمة) لأن الانتحار يقف عند حد المقاتل والهزيمة تتعدى ذلك إلى السودان قاطبة (تاريخاً، وحاضراً، وأحفاداً). ومناسبة هذه الكلمة (الموت...) أن المشير البشير قال قبل أيام (قدمنا 18 ألف شهيد واليوم مستعدون لتقديم 18 ألفا أخرى). وقال اليوم (انه سيلحق بالشهيد ابراهيم شمس الدين والزبير). هذا القول يصرف عن ذهن المحارب المهمة الأساسية في المعارك وهي النصر بهزيمة العدو لا الموت من أجل الشهادة.. وبالتجربة أباد المدفع الرشاش 10 آلاف أنصاري في ساعتين بكرري. عدا عثمان دقنة الذي نأى برجاله عن الانتحار فكمن في مضيق بين جبلين في الطريق إلى أم درمان لتقديره أن العدو سيتلهف للوصول إلى أمدرمان بعد الابادة. وقد كان الأمر كما توقع. فأخرج كتشنر أفضل جنوده ليصلوا بالبر الأسرع. فلما بلغوا المضيق انقض عليهم رجال عثمان دقنة من كل جانب فارتبكوا وولوا هاربين إلى البواخر ليحتموا بها. بعد أن خلفوا وراءهم أكثر من 40 قتيلاً. وبذا كان انتصار السيف على النار بالتفكير والتدبير كما كان بشيكان حقاً (الرأي قبل شجاعة الشجعان) (هو أول وهي المكان الثاني) كما قال المتنبي قبل 1000 عام. وحقاً (الرأي في بعض المواضع يغني عن جيش كثيف). كما قالت العرب قبله بكثير. وقول المشير سابقاً ولاحقاً لا يتفق وهذا. ولا قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) ان لم تخني الذاكرة: (لا تتمنوا الموت لكن ان لقيتم العدو فاثبتوا). ولا قول المسلمين المعهود في الفتوحات (الاسلام. أو الجزية، أو الحرب. فإن كانت كان النصر أو الشهادة والجنة). بتقديم النصر. وما لنا نذهب بعيداً في الحرب العالمية الثانية قال المذيع يونس بحري عراقي كان يعمل بالقسم العربي لاذاعة برلين. قال: يا عرب قفوا مع ألمانيا لا انجليزي وفرنسا لأن ألمانيا ما كانت مستعمرة لكم. ولو هزمت ألمانيا ستعيد دول الاستعمار استعماركم. أ.ه قوله. قالوا له: أنت بقولك هذا تدعو إلى الهزيمة واضعاف الروح المعنوية. مجرد كلمة. مقابل رجال في السودان في الخنادق بأبيي وغيرهم في الفنادق بأديس. مفارقات دليل تلفت وفرقة. فالجيش بهذا يده مغلولة. أو (من يقرر الأمر بأديس. ومن يعلم الأمر بأبيي) كما قال اسحق أحمد فضل الله. ليعبر عن هذا التردد. وقال «كادقلي تدخلها قافلة بحراسة الجيش السوداني بحجة أنها قافلة غذاءات والحقيقة أسلحة. ثم يدعها ويعود من حيث أتى» (الانتباهة 2011/6/18م). هذا ما ظهر وما خفى أعظم. لماذا؟! قول الناس: (حصوننا مهددة من الداخل). والآن بعد أن هز المجلس الوطني كرسي وزير الدفاع بطرح صوت الثقة. واعتراف المشير بخطأ سياسة التلطف (الانبطاح في رأي الأستاذ الطيب مصطفى). والأخذ بسياسة رفع العصا. والحشرة الشعبية. وبعد قوله على الملأ لرئيس وفد المفاوضات بأديس بعد ده يا ادريس عبد القادر لا حريات أربع . وبعد أما ندخل نحن جوبا أو تدخلوا أنتم الخرطوم. وبعد قتل 1093 من المعتدين (الانتباهة 4/22 ص1. نعم الآن بعد كل هذه البعدية عادت هجليج سبحة لالوبة ودقة نوبة. وغذاء ودواء. ومن أوضح التجارب في هذا الموضوع في الحرب العالمية الثانية قال قائد روسي بعد اقرار خطة الهجوم لجنوده ضعوا في ذهنكم أن المهمة ليست الموت بشجاعة ولكن الحرب بشجاعة. وهو ذات ما قلت بالعنوان باللفظ والمعنى. المرجع كتاب مترجم بعنوان (نجمة) عام 1958م. بقى أن أسأل: لماذا استبد سلفاكير باحتلال هجليج مخالفاً بذلك باقان وغيره، استبداد عبد الناصر عام 1967م برد الضربة الأولى لا المبادرة بالأولى مخالفاً بذلك عامر وأركان حربه إلا أن غاية ناصر كانت النكسة. وغاية كير هدفان: الأقرب تدمير آبار هجليج. وقد تمَّ لغفلة أو تغافل وزير الدفاع. والأبعد إبادة المقاتلين من القبائل الأخرى وعلى رأسها النوير. لأن قوام الجيش من القبائل لا الدينكا لينفردوا بحكم الجنوب. وهم يعلمون أن دخولهم الجيش لا عن رغبة فكراهتهم للدينكا موروثة. وودهم للشمال معهود. ولكن لمجرد ملئ فراغ بحكم طبيعة اقتصاد الرعي الذي لا يحتاج إلى طاقة. ولا يملأ فراغاً. وان أقول: إن النصر يصنع بالرأي. المتمثل والماثل في فهم العدو ورفع معنويات الجنود. بالقول والعمل وخلوص النية. وقديماً قيل (العينة من بدوها) و(الجواب من عنوانه) (والله يخت الخائن) قولوا: آمين يا سامعين. والله من وراء القصد