كنا وقتها ونحن صغار نسوق خطواتنا وسط الزحام في ميادين المولد وكان همنا الأول هو الفوز بقطع الحلوى وأشكالها المزخرفة ومذاقها اللذيذ من طعم السمسم والفول السوداني الذي يسيل له اللعاب ولكن عندما كبرنا وصرنا نميز ونعرف السبب أو المقصد الذي من أجله تقام هذه المناسبة العظيمة وعند دخولنا حلقات الذكر وسماع صوت المنشد الديني وهو يؤدي وصلته في الإنشاد والجموع تصلي علي الحبيب المصطفي في روحانية صادقة وهيام وزخم مجموعات الطرق الصوفية المختلفة والأناشيد والمدائح النبوية والتي يؤديها رجال متخصصون في هذا النوع من ضروب الفن ولهم أصوات جاذبة وجميلة ودافئة ومحببة وهم يصلون علي الحبيب المصطفي حتى فقشات الدراويش البهلوانية المذهلة وهم يبدعون في أدوارهم الرائعة يعطي هذه المناسبة نكهة خاصة وألق يتجلي في ذكري الرسول الكريم (ص) ولكن ما نشاهده علي قنوات ساهور تجعل الإنسان في حيرة من أمره ، النساء يرقصن أمام الكاميرات وسط الرجال وهن كما الدراويش يلفن نصف دائرة وفتيات في عمر الزهور وسط صفوف الرجال وأخريات يلوحن بالسبح ويتمايلن وسط الشباب وأمام عين الكاميرات يا للهول وأخريات يزرفن الدمع السخين في دور تمثيلي يخلع منهن ثوب العفة والحشمة والكبرياء والعالم أصبح اليوم قرية صغيرة بالصورة والصوت في لحظات تجوب كل أنحاءه وهذا هو السودان للعيان باين في وجوه القنوات وكاميراتها الذكية تبث لنا هذا السخف النسائي والهرج والمرج والرقص والأدوار الكوميدية في مثل هذه مناسبات لا يعقل ،،،، جمال الروح الذي كانت تتدثر بيه المرأة السودانية والشابة المحتشمة أين اختفى ولماذا خلعن ذاك الثوب الذي كان يميزهن من دون نساء العالم بزي قومي جميل ينضح عفة وشموخ وكبرياء والذي كتب عنه الشعراء بصدق المشاعر أجمل الأشعار وغنوا له وحملوه في حدق العيون فخرا واعتزاز أما العبث والصخب والمظاهر الغير لائقة التي نراه في هذه المناسبة العظيمة قد تفقدها قيمتها وتفرغها من محتواها الأصلي ولكن لا يفوت علينا أن نرى في وسط هذا الغبار الكثيف روح صادقة ومحبة للرسول الكريم وهي تحي ذكراه العظيمة وتخلدها كما نرى أن هذه المناسبة فتحت آفاق للتسوق والتجارة والكسب للرزق مقاومة لظروف الحياة القاسية ومريرة ،،،،،،،،،،،،، فتحي أبودبارة المجمعة السعودية [email protected]