نحن الآن داخل دائرة وهمية محاصرين بداخلها .. تحتوينا وتكاد تخنقنا .. الرؤية عتمة .. كوة الضوء الصغيرة تطل على سرداب طويل مظلم .. النفق مُخيف .. يتقطر فتات النار .. تشعر وكأن الدنيا توشك أن تكون على أبواب الخواتيم .. أصوات هامدة خفيضة تحسها حساً .. تخنقها العبرات .. تحاول الصراخ .. الصياح .. ولكن عتمة الطريق وسواد الرؤية وقسوة الجلادين الواقفين فوق رؤوسنا .. يتقطر الجبين عرقاً من الحر وكأنك في خباء بئر أو في صحراء العتمور .. الأحلام ساكنة على مقصلة سوداء .. هل تصدقون أننا نبحث عن من يتحدث باسمنا من خارج النفق .. نحن من إكتوى بالنار وعاش تلك العذابات .. ولا نستطيع أن نبوح ببعض ألمنا .. إننا نضع لبنة للعبث حينما تتراخى أطرافنا عن الهتاف .. حينما تُخرس ألسنتنا عن الكلام الطليق ..كلام الأحرار .. ونرجع الكرة أخرى أننا نستحق ذلك وذلك .. فقد تحملنا الفظاعة والهجاء ونقص الدواء والموت بالجوع والأخطاء .. الأمر سيان والفارس في الحرب لا ينظر لثيابه أهي مُلطخة بالدماء أم لا .. فذلك من فروض الحرب وشرعتها .. والحرب منتصر أو مهزوم .. الأمر كله محفوف بالخطر .. أن ياتيك الموت من السماء أو سيفاً من فوق الأرض .. فأنت ميت لا محالة .. بنينا تلك الأصنام المصنوعة التي تدوس على رقابنا .. والتي تبيع وتشتري باسمنا ..حتى الأرض .. حتى العرض .. حتى المرض يحاربونه إنابة عنا .. وصوتنا بالوكالة .. وقديماً قيل : أقرت العرب فذلت .. وهل أكثر من أن ترى الباطل يتوالد ويتكاثر ويتناسل .. والأرض كل الأرض .. تخضع وتخنع للباطل ألم يكن الباطل زهوقاً .. المجتمع المدني قر وذلّ وكل شعبة من شعاب أرضي جيلنا وما يليه نسوا شموخ أرضهم وجريان نهرهم .. وهدير شلالاتهم .. فسكتوا وأخرست كلمة العدل .. وضاع معنى العدل بين الأباطيل .. ولكأني أرى الهلاك لأمتي على يد القوم .. أولم تهلك الأمة البابلية ؟؟ أولم تبيد الأمة الفرعونية .. إذاً إلى متى الإعراض عن المصادمة .. هل غلب الناس الصنم فظلوا عليه عاكفين ؟؟ أم هذا ما وجدتم عليه أباءكم الأولين .. كلا .. أنتم أحفاد بعانخي الذي غزا مصر .. وأنتم أحفاد المهدي وثورته . متى ما انتفضتم فالله يكلأكم بالليل والنهار وكان حقاً على الله نصر المؤمنين .. الأمر ليس للتسلية .. الأمر يحتاج إلى خلخلة ... ووضع بذرة .. وسقيا .. وتعب .. من يحلم بالتغيير بدون أن يندمج في الثورة وأهدافها .. وأن يجاوز المطامع الفردية إلى مصلحة الجماعة .. فلن ينال المُبتغى .. وسيظل يدور في فراغ وفراغ كبير بلا تجارب ولا عِبر وسيكون بعقل الأحمق وطول الأخرق ونجوى العاجز .. وتفاؤل الغلط وهلوسة المجنون .. المفاتيح الحقيقية لطرد الكابوس الجاثم على الواقع .. أن تفتح الباب لترى كيف يستبسل الأحرار في العالم ... سواءً كنت فوق جبل أو رابية على الأرض طولها أو عرضها . هي أبواب نراها موصدة .. فلنجرب الوقوف للحظة أمامها .. ستُفتح الأبواب قبل الطرق .. لأن ما بداخلها خواء .. تمتمات وتمائم شيطانية.. أبواق للتطبيل . ألسنة مقاريض للتهليل ... شياطين تحوقل وتتحلق حول الصنم تكاد تقول خذوه .. توحى ولا يوحى إليها .. عزيمتها يائسة .. بائسة .. طقوس أوزيروس وأسطورة جلجامش سعياً للخلود الأبدي . أبو أروى - الرياض [email protected]