"من موقع : Patachu.com " الزار أو مايطلق عليه الدستور أو الريح الأحمر هو ظاهرة تصاحب النساء في الغالب . إنها نوع من تلبس الروح يظهر بشكل رئيسي في كل من أريتريا ، أثيوبيا ، الصومال وفي غرب أفريقيا مثل نيجريا . يتفق الباحثون في تعريف الزار على أنه تلبس للروح بواسطة الجن . في السودان يشار إليه بالريح الأحمر بإعتبار أنه فئة منفصلة من الجان . يحتمل أن تكون كلمة (زار) مستعارة من اللغة الأمهرية (اللغة التي ينطق بها أهل أثيوبيا) ، حيث يعتقد أن للكلمة صلة بديانة (أقاو) التي يطلق فيها على إله السماء (زار) . أما بالنسبة للمتحدثين باللغة العربية فيعتقد أنها مشتقة من الفعل (زار) من زيارة ، غير أن (بريندا سيلقمان) لا يوافق على هذا الرأي ، في حين أوردت (ساميه الهادي النجار) العديد من المصادر لأصل التسمية فتقول أنها ربما جاءت من بلدة (زاره) في شمالي إيران أو من القرية اليمنية (زار) في شرقي اليمن أو من شمالي نيجريا (النجار – 1975) . أما (إينريكو سيرولي - 1934) فقد ذكر إحتمال إشتقاق الإسم من كلمة (أدجار) أي كبار زعماء كوشيي أثيوبيا . بالنسبة للسودان فإن هذه الظاهرة قاصرة على النساء وقليلا ما يشارك فيها الرجال ، غير أن هناك إستثناء أخر أورده (سيقلمان) وهو أن فلاحي مصر غالبا ما تتلبسهم روح الزار وفي دراسة عن الزار وسط النوبيين لاحظ (جون كينيدي) أن دور القيادة والموسيقى في إحتفالية الزار يقوم به الرجال (1967) بينما يكن النساء هن الممارسات الرئيسيات لحفلة الزار . أما بالنسبة لممارسات الزار فإن هناك مصطلحات تطلق عليهن مثل (شيخة) للنساء و(شيخ) للرجال ، غير أنه في منطقة سنار لا يستخدمون هذه المصطلحات بل يستخدمون مصطلح (أوميفا) وفي أمكنة أخرى تستخدم مصطلحات (أسطى) و (كوديا) بشكل متبادل مع أوميفا ( النجار – 1975) . يطلق على الخطوة الأولى في عملية الشفاء بالزار مصطلح (فتح العلبة) الذي يشير إلى فتح علبة صغيرة من الصفيح بها بخور يعتقد أن له صلة بالعديد من أجناس الأرواح . أما الخطوة الثانية فتتمثل في تعريف الروح التي تلبست الضحية ومن ثم تنشط العملية التي يتم بها السيطرة على الروح وذلك من خلال حفلة الزار . عندها يحرق اللبان وتقرع الطبول لمصاحبة أغاني الزار الطقسية حتى تدخل المريضة في غيبوبة روحية . عند ذوبان المريضة تقوم الخبيرة التي تقوم بدور الوسيط بتهدئة الأرواح بالنطق ببعض العبارات مثل (دستوركم يا اسياد) وتوعدهم بالوفاء بطلباتهم ، ثم تكشف الضحية التي تلبستها الروح عن إحتياجاتها والتي تكون في الغالب ثياب جديدة ، عطور ومجوهرات ذهبية . إن هناك ثلاثة طرق مختلفة لإحتفالية الزار ذات مدد زمنية متفاوتة ، أطولها يستمر سبعة أيام وأقلها يستمر لثلاثة أيام وفي نهاية كل من هذه الحفلات فإنه يتعين على المريض أن يذبح حيوانا لأن الدم ضروري في إجراء طقس الزار. إن الشيخة الموكلة اليها القيام بحفلة الزار ، لا تقوم به إلا مرة واحدة في العام وخلال شهر رجب أو ما يعرف ب (الرجبية) ، غير أن الزار لا يمارس في شهور شعبان ورمضان . أما أنماط الزار فهي ثلاثة : (1) الذي له أسماء عبد القادر الجيلاني أو اللولية الحبشية . (2) الذي يحمل مسميات جنسيات محددة مثل الحبشية والخواجة. (3) الدستور أو الباشا . أما الأنواع الأكثر شيوعا للزار فهي : 1) زار الحبشية وتجسده (بشير واللولية) . 2) زار الخواجة (أوروبي) وقج عرف بهذا الإسم لكونه يستدعي التدخين ، الشرب ، الخ ... 3) زار الدراويش . 4) زار العربية . 5) زار الفلاتية . 6) زار الزرق . 7) زار النيام نيام . إن مهام الزار تتصل بشكل مباشر أو غير مباشر بالوضع الإجتماعي للشخص المتلبس . يذكر الباحثون أن النشاء في تلبسهن بالزار يجدن متنفسا من العالم الذي يهيمن عليه الرجال ، فالمرأة التي إعتادت أن تؤمر وتهدد ، قادرة من خلال الزار أن تأمر الأخرين وتهددهم ، كما أن الطلبات الكثيرة القيمة قد تكون ضمانا ضد طلاق محتمل ، غير أن ذلك يبدو عملا ضعيفا لأن الأشياء القيمة يمكن إستعارتها وإرجاعها بعد الحفل .في المقابل فإن الشخص المتلبس يمكن أن يهرب من تقاليد إجتماعية معينة مفروضة على النساء من قبل المجتمع مثل الحداد ، كما أن المرأة يمكنها القفز فوق سلوك محظور اجتماعيا ودينيا مثل التدخين وشراب الكحول ، إضافة إلى أن هناك فرصة للتواصل الإجتماعي مع الأخرين من خلال حفلة الزار في مجتمع تقل فيه فرص ذلك التواصل . من جهة أخرى فإنه يبدو أن للزار تأثير إيجابي على المرض النفسي والجسدي ، لذا فإنه في بعض الحالات يكون ممارسة علاجية مفيدة ، كما أنه يخدم إحتياجات نفسية وإجتماعية للحضور غير الجانب العلاجي . إن للزار صلة بالفلكلور ، علم النفس ، علم الإنسان والطب ، كما أن دراسة الزار مع ربطه بأي من التخصصات يمكن أن يثبت جدواه . ترجمة : محمد السيد علي [email protected]