الخرطوم / وفاء طه: شهدت قاعة الشارقة بمعهد الدراسات الأسيوية والأفريقية مناقشة لكتاب البروفسير سوزان كينيون الأرواح والخدام في السودان ، وسوزان كانت احدى معلمات اللغة الانجليزية في مدن السودان المختلفة .. تحدثت بدءا الأستاذة عائشة موسى مقدمة اشارات حول الكاتبة وملخص للكتاب .. وشارك في النقاش بروفسير أحمد الصافي وبروفسير محمد المهدي بشرى وشهدت الجلسة العديد من المداخلات ... عائشة موسى تحدثت قائلة : عرفت الكاتبة قبل نصف قرن بالتمام وجمعنا توحد التخصص في أول عام بدأنا فيه التدريس بمدارس البنات الثانوية وهي ضمن برنامج الخدمة الطوعية في العالم «الثالث وقد عرفتها تعيش في أكثر الأحياء فقرا في سنار لتخرج بكتابها الأول (Fife Women of Sennar) عن السودان والذي رصدت فيه وتابعت حياة النساء العاملات بالسودان من خلال شخصيات وحيوات واقعية تمثلها الداية والمشاطة والعواسة والمدرسة وأمية الزار وغيرهن وبلغت سودنتها حد أن ابنها البكر أليستر أصبح « علي « وابنتها كيت « كوثر « وابنها كريستوفر « مصطفى « وها هي تقدم كتابها الثاني «الأرواح والخدام في أواسط السودان «حصيلة دراستها السنارية التي امتدت لثلاثين عاماً وثقت فيها للزار من أفواه أفراد السلالة التي تعتقد أنها بدأت الزار في السودان .. تميز هذا الكتاب بأنه يجمع بين كونه سرد تاريخي سياسي للسودان منذ الأتراك وحتى الانقاذ ومن خلاله سردت قصة أو رواية يمكن أن نسميها « الجدة زينب « التي جاءت بالأرواح والطقوس والتقاليد الزارية من مصر وزرعتها بين أفراد أسرتها بسنار ومن جانب ثالث تابعت كينيون دراستها وبحثها ونظرياتها حول موضوع الزار وارتباطه بالرق وبالاسلام السياسي كما طاب لها أن تسميه .. ويشتمل الكتاب في فصوله الاحدى عشر على : تاريخ الزار الذي بحثت فيه الكاتبة عن مصادره وتعريفه وتفشيه وسط النساء ، ارتباط الزار بالجن أو الأرواح وبالرق والعسكر ، أنواع الزار المختلفة من طمبرة وملاكية واستخدام مصطلحات معينة يمكن ربطها بممارسات دينية أو صوفية أو عسكرية أو سياسية مثل : بوريه ، بيه ، سنجك ، باشا ، دراويش ، الخ ... تاريخ الرق في السودان ، والسلطة التي يمارسونها باعتبار المسئولية الملقاة على عواتقهم من الباشوات والملوك . وضع النساء من خلال قصة زينب وحركة الرق بين مصر والسودان وغيرها حيث وصلت زينب الى مصر ضمن جيوش الدولة العثمانية وكانت ضمن جماعة عثمان أغا الذي يدعي أنه ينتمي الى روح جبلية تسمى « جن « وكانوا سطحيين في اسلامهم أو معرفتهم للاسلام ومستقرين « على فقر « ويميزهم شكلهم الجميل .. علاقة نساؤهم بأسيادهم الباشوات والتي كانت مقبولة لديهن اذا تمكنهن من الهيمنة على حياة القصر بل حتى على الزوجة الشرعية وتتميز منهن الأثيوبيات ويطلق عليهن « كلونزيقر « وهن من عرّفن زينب بالزار الذي جاءت به الى سنار . في الفصلين الثالث والرابع تحدثت عن فترتي الاستعمار والاستقلال والاسلام والعصرنة فأفاضت في شرح غير متحيز ثم دلفت الى حياة زينب وأسرتها وشيوع الأرواح في دارها من خلال الطمبرة النسائية التي جلبتها من مصر ونقارة زوجها الثاني الرجالية الساخنة مقارنة مع الطمبرة بأرواحها القوية التي ظللت تشكل وجوداً حياً في سنار حتى الآن بينما اندثرت شيخات وأرواح زار أخرى وبوفاة زينب التي تزامنت مع الاستقلال انتهت فترة نشطة من الزار الى أن عاد نميري بالثقافة العسكرية مرة أخرى فعادت البلاد سيرتها الأولى . وقد وردت أسماء شخصيات عديدة معاصرة في منطقة سنار مما يجعل باب البحث مفتوحاً للمزيد من التفاصيل مثل العلاقة بين من لهم جذور في جنوب السودان وسعيهم للارتباط بتلك الجذور الآن ورفض الأهل للأسباب العنصرية المخيمة علىه. في فصلها الخامس رسمت كينيون صوراً مباشرة للربط بين الزار والممارسات الشائعة مثل استدعاء الجماعة للأرواح ، كما اسمتهم لتشخيص نوع الزار « الكشف « بفتح العلبة واستخدام البخور « وهو سبع أنواع « ليستدعي كل نوع جماعة . والروح التي تكشف وتشخص المرض بل وتحدد العلاج بالطلبات التي يجب أن تحضرها او تنفذها المريضة وهذا يستدعي تدخل الأمية « الشيخة « ودورها كالوسيط بين الروح المتقمصة والأهل أو المريضة ، ولا يفوتنا صلة المفردة « الكشف « بالعلاج بالقرآن والتشخيص في الزار ففي الحالتين نستشعر الاشارة لرؤية ما لا يراه الناس بالعين المجردة ... كذلك شابهت كينيون أسماء الأرواح بطقوس اسلامية صوفية شائعة كالدراويش والشيوخ كالشيخ عبدالقادر الجيلاني ، أو الرتب والمسميات السياسية والعسكرية كالباشوات والخواجات والحبش « كالبشير « والعرب والزرق « من السودانيين « والستات والمظاهر الاجتماعية كالرقصات « لولية « وسلطان الحبش الخ ... استرسلت كينيون في الشرح في فصليها الثامن والتاسع لأحداث وطقوس الزار من خلال مشاهداتها الميدانية الحية التي عرفتها بالبرنامج السنوي الثابت لهذه الطقوس والمراسم وأمكنتها وأزمنتها والقائمات عليها والنظم والإتكيت المتبع الخ ... في الفصلين العاشر والحادي عشر تحدثت عن أنواع الكرامات والأضاحي ومناسباتها وتوصلت الى الدروس المستقاة التي خلصت اليها مما أوضح ماهية وكيفية الرابط بين الاسترقاق والأرواح المعروفة من خلال الزار في أواسط السودان ... انتهى الكتاب بشروحات وافية ومسرد من حوالي خمس وثلاثون صفحة للعبارات والألفاظ والأسماء ، كما اشتمل على قائمة طويلة للمراجع من كتب ودراسات ودوريات . بعد تقديم الكاتبة تحدث الدكتور البروفيسور محمد المهدي بشرى فعرض الكتاب باللغة الانجليزية وتطرق الى أهمية البحث لدراسة المجتمع السوداني وتطرق متسائلاً الى ما عنته الكاتبة باستخدام مصطلح Slaves كما ورد في العنوان ورجح ان الكاتبة تعني الخدم او الخُدّام وفي الحالتين كان الأحرى بها ان تستخدم Servants وكذلك انتقد ترجمتها لبعض الأسماء والألفاظ السودانية مثل زهراء وابتسام واعترض على تصنيف الشيخ البشير كرجل شاذ جنسياً وتعرض لما ورد بالكتاب حول الجندر وأهمية الدراسة التي تعمقت في النواحي الاقتصادية والصحية والنفسية. أعقبه الدكتور البروفيسور أحمد الصافي والذي قال ان أهمية الدراسة تنبع من كونها استفاضت وامتدت لسنوات عديدة تقارب الثلاثين عاما مقارنة بدراسات أخرى عن انواع الزار وذكر منها الطنبرة. وعرج على أهمية كتاب الدكتور التيجاني الماحي الانثروبولوجية، وتساءل عما اذا كان الزار لا يزال له ذات الأهمية في السودان...فقد كان البحث متخصصاً في بلدة واحدة- سنار ? من البلاد واتفق كل المتحدثين والمتحدثات ان الزار مدرسة قديمة ومعقدة ومرتبطة بالديانات القديمة كان حديث الدكتورة سوزان وعرضها لكتابها وافياً وقد ردت على التساؤلات والتعليقات بطلاقة ومن ما ذكرته ارتباط الزار ليس فقط بالوضع الاقتصادي كما ورد في النقاش بل كذلك بالديانات والصوفية والسياسة والعسكرية وبالحِقب التاريخية المختلفة... أثرى النقاش الدكتور أبو منقة والأستاذة فايزة نقد والأستاذة مشاعر الشريف وعدد من التخصصات ذات الصلة. ء بروف محمد المهدي أشار في مداخلته الى عدة أخطاء تتعلق بالأسماء والأوضاع الاقتصادية التي أنتجت الرق والى ترجمتها لبعض الأسماء والمصطلحات العربية والى