لكل الذين يودون التنوّر أو الاستزادة من ملابسات ومعطيات حالة الاستقطاب الأزلية حول مياه النيل في منابعه وممراته ومصباته التي كانت ولعلها لازالت تصب دائما في مجرى المصالح المصرية ، وخصما على بئر الصالح السوداني الذي يتسع لكل ما يستحقه صاحب الحق الأصيل وفقا للقانون الدولي والأقليمي ، لو أن عقلية المفاوض السوداني على مر العصور قد تخلّت عن العاطفة التي تهزم العقل ، فيما الأنا في الجانب الآخر والتعالي بل واسلوب الشطارة و الفهلوة الأقرب الى الهمبتة هو ما يحكم عقلية الطرف الآخر ! الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان خبير المياه الألمعي بجدارة بل والذي أثبت أنه أيضا شاهد عصر لكثير من المنعطفات السياسية في مصر والسودان في نسختها القديمة والتي تؤسس لصورتها الحالية وربما القادمة من رحم المستقبل وعبر برنامج مراجعات في استضافة الطاهر حسن التوم له، لم يكن منحصرا حديثه في حدود ما تختزنه ذاكرة فني أفندي في مجال عمله فحسب ، اذ لم يكتفي بالجانب الاختصاصي له في سرد معلوماته حول تاريخ اتفاقية مياه النيل التي بدأت فصولها الجائرة لدول المنبع في منطقة البحيرات منذ الحقبة الاستعمارية وتحديدا باتفاقية 1929 وكذا بالنسبة لدولة الممر الطويل ، التي اكتفت لنفسها وهي دولة الأزرق والأبيض ومشروع الجزيرة والمستنقعات والمجاري الكثيرة الأخرى التي تغذي نهر النيل العابر لمصيره المحتوم في أراضي مصر وبحورها بالعشرفقط كحصة مياه مقابل عشرة أضعاف لدولة المصب الجارة الشمالية التي حكمت علينا حتى بتحّمل نسبة التبخر في سدها العالي مناصفة ، وهي التي دفعت للسودان فقط خمسة عشر مليونا من الجنيهات مقابل غمر أثارنا ومعادننا وأشجار نخيلنا وغرق مئتي الف فدان من الأراضي الخصبة وترحيل خمسين الف من أهالي النوبة الى حلفاالجديدة بينما كانت التكلفة الحقيقية لنقلهم واسكانهم وتعويضاتهم هي سبعة وثلاثون مليونا تحّمل تغطية الفروقات فيها السودان اكراما لعيون أحبابنا التي تغمز في قناتنا بصفة الطيبة وهي تعني عندهم العباطة ! بل زادنا الرجل بفطنته السياسية ووعيه الوطني بمعلومات تاريخية لا تنفك عن ما يحدث الآن من تسليم كامل للذقون يعيده حكام اليوم ممالاة لأبناء فكرهم على حساب الوطن فيغضون الطرف عن حلايب التي أقر المصريون من داخل الأممالمتحدة ضمنا في عام 1954، حينما سحبوا قواتهم والغوا عمليات الاستفتاء في المنطقة مقابل اجراء الانتخابات السودانية الأولى هناك ! الدكتور سلمان فجّر مفاجآت ربما كانت غائبة عن فهم الناس الذين كانوا يعتقدون أن بيع وادي حلفا قد بدأ وانتهى في عهد عبود ، حيث ذكر أن حكومة العسكر وفنييها كانوا مكملين فقط لاتفاقات بدأت في بدايات زمان الحكم الوطني ومع فكرة اقامة سدود سودانية مقابل السد العالي المصري ! هي سياحة في ذاكرة سبّاح في نيل السياسة عبر خبرته في معركة أمواج الهادر الى الشمال بقوة متجاوزا حاجة جنوبالوادي قبل وبعد انفصاله من المياه التي لا يعرف أهله قيمتها الحقيقية ! أرجو أن يتابعها عبر الانترنيت الذين فاتهم مشاهدتها من خلال النيل الأزرق ! ففيها عبر و مواعظ ، عسانا نستفيد منها في ما استجد أو يستجد ونحن نعيش عصرا جديدا من الانحناء للجار الأثقل وزنا سكانيا .. ل.....! والباقي لا أعتقد أن خيالكم قاصر عن اكماله ! [email protected]