جاء في الغراء صحيفة «الانتباهة» الصادرة أمس، أن شرطة محلية الدندر القت القبض على أحد أشقاء المتعافي وزير الزراعة، وأودعته الحراسة لعدة ساعات قبل أن تفرج عنه بالضمان، وذلك على خلفية التهمة التي وجهتها له سلطات محمية الدندر بتعديه على المحمية وممارسة القطع الجائر للأشجار والزراعة بداخلها، وخبر «الانتباهة» هذا موثوق وموثق بالمصادر ورقم البلاغ وليس مثل خبرها «المضروب» عن مصير «الحلو» والذي لم تعزز تأكيده أو تنفيه وتعتذر عنه بعد ظهور معلومات جديدة من جهة مأذونة ومسؤولة تناقضه تماماً، وهذا من ألف باء أخلاقيات المهنة التي لا يجوز القفز عليها و«تطنيشها»... المهم أن الخبر إستوقفني لكونه يمس أيضاً أحد ولاة أمرنا وهو الدكتور عبد الحليم اسماعيل المتعافي وزير الزراعة الحالي، ليس لأنه شقيقه وهذه حقيقة، بل لأنه شريكه باعتراف المتعافي الوزير نفسه الذي قال مرة على رؤوس الاشهاد أنه ليس «كيشة» يمارس العمل التجاري والاستثماري بإسمه ورسمه وخاتمه وإنما من وراء حجاب بالمشاركة مع إخوانه الذين تصدر «الرخص» باسمائهم، ومن هذا الباب فإن ما وقع على محمية الدندر من شقيق المتعافي يستلزم النظر إلى هذه الواقعة باعتبار أنها «تعدي مزدوج» تداخل فيه الخاص مع العام، وليس مثل أي تعدٍ آخر يقع من أي مستثمر عادي ليس له شريك ولو من الباطن من أهل السلطة.. والحكاية تعيد للأذهان تلك الطرفة التي خرجت «قطع أخضر» من لسان الفنانة الراحلة عائشة الفلاتية من داخل أحد استديوهات إذاعة وادي النيل التي كانت تستضيفها في لقاء إذاعي بمعية زميلها الراحل الفنان ابراهيم الكاشف رحمه الله، فلم تشاء الفلاتية أن تتحمل عبء كونها أمية لا تعرف القراءة والكتابة وحدها حين سئلت عن ذلك، فاصطحبت معها زميلها وقالت «أنا وأخوي الكاشف دا ما بنعرف نقرا»، وهذا هو حال سليمان صاحب التعدي فهو ليس وحده وإنما معه كذلك أخوه المتعافي بقاسم الشراكة بينهما، وهنا اللوم الاكبر يقع على المتعافي المستثمر والوزير وليس المتعافي المواطن المستثمر، فالمتعافي المستوزر المستثمر للغرابة هو وزير الزراعة، فمن جهة هناك علاقة وطيدة بين الزراعة والغابات والبيئة والمناخ والتربة والحياة البرية، ومعروف أن أي خلل يصيب الغابات سينعكس سلباً وليس ايجاباً على الزراعة في المستقبل وهذا باب يطول الحديث حوله وليس هنا مجاله ولكن المفترض أن يكون ذلك مما قد علمه وزير الزراعة بالضرورة وأن يكون هو الأحرص من دون الآخرين أن لا تمس شعرة من رؤوس الأشجار دعك من أن تجتث من جذورها، ومن جهة أخرى فان شراكة الوزير في هذا العمل لا توقعه في «إثم» القطع الجائر للغابات فحسب، وإنما أيضاً تضعه تحت طائلة الجمع بين الامارة والتجارة وما يترتب على ذلك من أضرار تنجم عن تضارب المصلحة بين ما هو للأمير وما هو للتاجر، وقد كتب ابن خلدون فصلاً كاملاً في ذم مثل هذه الممارسة المزدوجة كما ذمها أيضاً طيف واسع من الفقهاء، وآخر قولنا أنه خير للمتعافي إخوان أن لا يخربوا دنيا الناس فيكسبوا دنياهم وآخرتهم بالرزق الحلال الذي لا يضر إن لم ينفع الآخرين... الصحافة