قال بلدياتي في اتصال هاتفي يسأل عن أحوالي انهم في الريف قد حل الخريف بهم واكتست الأرض لونا أخضر زاهي يسر الناظرين والسماء تخللها السحاب والرهام وقوس قزح واصبح النسيم عليل بما يشفي النفس من سقمها وكآبتها .ولا ينقصهم شيئ ينهمكون في العمل ويسمرون بالليل يتابعون جديد الدراما التركية والهندية ولا يعرجون الي تلفزيون السودان حتي لا يرتد اليهم البصر خاسئا وهو حسير فهم ليس في حوجة الا لمناظر تزيد السرور وتزرع البهجة ،ولم ينسي سؤالة لي كالمعتاد صف لنا الحرطوم .؟ قلت له أنها كلما أتاها الخريف تزدحم فيها الشوارع وتضيق وتتراكم فيها الأوساخ وبرك المياه ويكثر فيها عمال المحليات لترميم مجاري الصرف الصحي ويداهمهم الخريف ويجدوا انفسهم في نقطة البداية ، تستطيل فيها البنايات يوما بعد آخر وبالمقابل تزداد فيها بيوت الكرتون فالنازحون لايزالوا يأتونها من بقاع مختلفة ،فهي إن صح الوصف كإمرأة بلغت من العمر خمسون وتصر علي وضع المساحيق، تتغير مواقف المواصلات فيها بإستمرار لاشيئ ثابت الا الغلاء وقضاء الحاجة بالنقود وبقايا السكة حديد التي ربما لا تبقي اذا عرفها أصحاب العقالات ،والمتسوليين ولكن نسيت شيئا ثابت فيها لابد ان احدثكم به المعاناة المستمرة في التنقل والعمل والسكن والتعليم والصحة فتلك مأساة لا يعرفها إلا من يكابدها لا يجد الضيف فيها أكراما كما تفعلون ليس فيها بيتا مفتوح علي مصراعية لسادتها يجد الجياع فيه لقمة تسد الرمق والجوع الرحمة فيها تكفلها المصالح والمعرفة والوساطة والشلليات والمجموعات التي تدير شؤنها فيها رجال مستعجلون ومنهكون يعملون علي الدوام وعلي العكس نساء يملأن الطرقات ويتبرجن تبرج الجاهلية الاولي ويبحثن عن مكترث ولا يجدن يجلسن في المطاعم والكافتريات يصرف عليهن شباب مغفلون ولكن صدقوني هناك نساء طيبات يجلسن كل صباح حتي مغيب الشمس يبتقين رزقا حلالا يقال لهن بائعات الشاي قليل منهن سودانيات وأكثرهن حبشيات يبتسمن بحجم حوجتهن لجمع النقود ،تكثر فيها شائعات أهل الفن وبينهم حفظكم الله من تحولوا الي فاتنات يقومون مقام النساء هذة الخرطوم ....لماذا تريدون أخبارها .؟ ان كنتم مصرون علي ذلك فهي مدينة طيبة تمور في دواخلها كل العينات والفئات "ألم تسمعوا عنها إنها كرش الفيل " بها رجال طيبون كلما جلست في مكان ما بها جاءوك طالبين تنظيف حزائك وتلميعة ويكثرون هذة الايام يقال لهم ..رجال الورنيش.يقابلهم رجال من ذات الشاكلة الا انهم متعلمون يربطون قطع ملونه علي اعناقهم ويلبسون ثياب أنيقة يقومون بتنظيف ما يوسخة المسؤلون اصحاب السلطة والجاه لكنهم ليست لديهم ماسحات كرجال الورنيش وعلب سوداء اللون ،ربما يفعلون ذلك بالاقلام وغيرها اللهم الا قليل يؤيدون ولا ينصحون يزهبون حيثما قادتهم المصلحة ...تري مثل هذة الأخبار لها وقعا عندكم في الريف ..؟وهل تروقكم انها هنا بالنسبة لنا مهمة فكل ماهو جديد ويحمل الاثارة يهم ولو كان رداء إمرأة عجوز غفلت عنه في جلسة مع صديقاتها ..ليس فيها رجال ..لكن ليس كل ماذكر لها ذنب فيه فالخرطوم كانت يا سادتي قبلة الانظار حيث مرج البحرين يلتقيان يقصدها الداني قبل القاصي لم تستولي الشركات علي أراضيها السياحية ومتنزهاتها لم تغلق شوارعها تتزين عند المساء وتضرب أنوارها مياة البحر وتعج مسارحها بأغاني الزمن الجميل لم تبخل علي زائر بجمالها وكرمها يتنسم الجميع فيها الحرية لا يخشي المرء علي كوب الشاي الذي يحتسية علي رصيف ما فهي مظلومة بفعل تنظيراتهم التي ارهقت الجميع وخلطت مائها بزيتها ..لاتسألوا عنها حتي تحدثنا هي عن نفسها ..! ألو ألو... [email protected]