الثورة السودانية في انتظار تعاطي ذلك العدد المهول من عامة الجماهير التي تأكل وتشرب وتتحرك في الشوارع مع الكومبيوتر والموبايل والفيسبوك وفي انتظار مطالعتها صحف الراكوبة وحريات وغيرها عبر النت. كان المصريون ولا زال يقولون لنا: انتم ايها السودانيون ربنا خلقّكم بعدما استكفي من خلق العالم نحن نبرر ونثبت ذلك للعالم كل يوم ونشهد له بأننا آخر شعوب البشرية وأدناها وقد تكون هذه فعلاً كما يزعم المصريون هي مشيئة آلهية وتدبير كوني، ولولا أننا لا نريد تحميل اخطائنا الحقيقية للقدر لحاولنا تدليل ذلك. هؤلاء المصريون جيرااننا بالجهة الشمالية هم أكبر مؤثر خارجي ساهم في تكوين جزؤ كبير من ثقافتنا وبنية الوعي الثقافي والاخلاقي والديني والسياسي عندنا استطاعوا في زمن وجيز لا يتجاوز عامين استطاعوا في هذين العامين اسقاط اكبر نظامين فاشيين وطفيليين في العالم فان كانت ثورة 25 يناير 2011 ضد مبارك هي ثورة عظيمة اجتمعت فيها ارادة الفصائل المجتمعية المصرية ضد الظلم والاستبداد فان ما حدث في 30 يونيو 2013 ضد مرسي هو أجمل عمل واجمل ثورة في الدنيا تحققت ضد أسوأ التنظيمات الطفيلية الخطيرة في العالم خطورة هذا التنظيم تنظيم مرسي والاخوان انه كان يستعمل الدين كمطية وغطاء لممارسة الفساد ويتلاعب بمفردات القرآن الكريم لتحقيق تجارته ويطوعها كيف شاء لخدمة مصالحه وأهداف افراده وجماعاته الخاصة ولذلك كانت ثورة المصريين ضد مرسي هي اجمل عمل قدمه المصريون للعالم واستطاعت هذه الثورة أن تكون اروع ثورات العالم واكثرها ألقاً وجمالاً في السودان يتربع الاسلاميون علي عرش الحكم فيه منذ اكثر من 24 سنة تمكنوا فيها من تشكيل اكبر كيانات الفساد والظلم والاستعباد و استطاعوا فيها ان يبنوا اكبر منظومة فاشيستية للطفيلية والفساد المالي والاداري في العالم وخلقوا تحالفات لرأسمالية فاسدة تمارس الجشع والاستبداد بكل انواعه ومن دون حياء ولا مبالاة وتحت اشراف ومباركة وتبريرات كل تحالفات وجماعات الاسلام السياسي المؤسف أن هذه الممارسات تتم في وضح النهار ويخضع لها الشعب ويتقبلها وتمر عبره ولا تحرك فيه ساكن ويتم فيها وعبرها تدمير شامل ومبرمج لمؤسسات الدولة وتنهب فها مواردها وخيراتها باسم الدين وتحت غطاء الوطنية احياناً لا يستحي الكيزان في السودان من ممارسة الفساد الداعر بكل اشكاله ولا يختشوا من اهدار المال العام في كل يوم أو انهاك الجماهير المغلوبة علي امرها ولا يخافون من ثورتها وانتفاضها ضدهم من المفترض أن تكون طبيعة الحال في السودان مشابهة بدرحة كبيرة وملازمة ومتأثرة بطبيعة الحال في مصر وذلك لعوامل كثيرة من بينها التداخل المستمر نتيجة المجاورة التاريخية والجغرافية بين هذين الشعبين عبر الحقب ولكن واقع الحال السوداني يعكس مفارقات كبيرة وعدم تشابه في كثير من الممارسات انتاج المصريون للثورة ضد حكم اخوان وكيزان مصر هو في حد ذاته تحدي حقيقي واستفزاز مفرط للشعب السوداني الذي ينكوي بمؤامرات ودسائس حكم الاسلاميين منذ 1989 وهو كذلك من المفترض أن يكون أكبر محفز لقيام الثورة السودانية ضد كيزان السودان ولكن الذي يحدث في السودان هو عكس ذلك تماماً بقراءة سليمة ومتابعة لصيقة لحيثيات الواقع المعاش عندنا لم تستفذ هذه الثورات المصرية مشاعر السودانيين بقدرما ألمت وأرقت مضاجع الذين يحلمون بالتغيير في السودان والذين يسعون لانتاج الثورة السودانية بتحريك الشارع السوداني وهؤلاء علي تواجدهم واختلاف وسائلهم للتغيير يفتقدون الدقة لاصابة هدف الثورة افي هذه المرحلة فالمتابع للواقع السوداني والحراك السياسي فيه يجد ان كل عوامل ومحفزات الثورة السودانية موجودة ولكن قيام تلك الثورة وحدوثها الفعلي هو شئ متداول في أخيلة وأدمغة نخبة معينة تتناول وتحلم بالحراك الثوري فيما بينها علي صفحات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بين المجموعات التي تتعامل مع الموبايل والكومبيوتر فعلي الرغم من أن مستخدمي هذه الوسائل هم عدد ضخم وغير قليل وفي حالة زيادة مستمرة الا أنهم في نهاية الأمر سوف يظلون بالنسبة للثورة السودانية هم نسبة الذين يتعاطون ويستخدمون النت عبر الكومبيوتر والموبايل ووسائل التكنولوجيا الأخري بالمقارنة مع العدد المهول لعامة جماهير الشعب السوداني الفقيرة التي تتحرك في الشوارع وتضيق بها الحياة كل يوم وليس لها علاقة مباشرة بتلك الأدوات والوسائل اذن فالآن الفيسبوك ومواقع المعارضة الالكترونية هي المحفز الحقيقي والرافد الوحيد لتحريك الجماهير لكي ما تثور ضد سلطة الانقاذ ولا تزال الثورة السودانية في انتظار تعاطي ذلك العدد المهول من عامة الجماهير التي تأكل وتشرب وتتحرك في الشوارع مع الكومبيوتر والموبايل والفيسبوك وفي انتظار مطالعتها صحف الراكوبة وحريات وغيرها عبر النت لا يخفي علي احد مدي التلاعب والتدمير المبرمج الذي أحدثه نظام الجبهة الاسلامية والمؤتمر الوطني في الخدمة المدنية ومؤسسات الدولة العامة بهدف التمكين في فترة حكمه لذلك فان أية عملية تغيير في السودان يجب ان تمر عبر تلك المؤسسات وتلك الخدمة المدنية عملية اصلاح وترتيب وتحرير المؤسسات الوطنية والخدمة المدنية في السودان هي البداية الحقيقية للثورة السودانية الصحيح أن هذا النظام بالفعل يسيطر سيطرة كاملة علي كل المؤسسات الوطنية وأن عملية تحريرها منه أمراً قي غاية الصعوبة لأن عمليات التجنيح التي اتبعها ذلك النظام في تلك المؤسسات كانت عمليات كبيرة ومؤثرة هذا النظام هو نظام امبريالي راسمالي اقطاعي مستعمر لذلك فان عملية التحرير منه تمر عبر تحرير الخدمة المدنية وتحرير المؤسسات الوطنية ونحن لم نكن نبالغ اذا قمنا بتشبيه عملية التحرر من هذا النظام بعملية استقلال السودان من الحكم البريطاني المصري في 56 الثابت في تأريخ السودان ان الخدمة المدنية والدولة الحديثة بكل مؤسساتها نشأت في عهد الانجليز وظلوا عبرها ينهبون خيرات البلد ويحكمونه بها وظل السودانيون يقومون بالمجاهدات وبالثورات التي ترفض ذلك ولكن كان الاستقلال الحقيقي بعدما تمكن هؤلاء السودانيون من دخول مؤسسات الخدمة المدنية للدولة الاستعمارية وتحريرها وبداية تأثيرهم الواضح في شكل الحكم كان لدخول السودانيين للمؤسسة العسكرية والجيش والشرطة وكذلك المؤسسات المدنية الاخري كمشروع الجزيرة والسكة حديد والعمل بالموانئ البحرية والقطارات ومختلف القطاعات أثره الواضح في عمليات الاستقلال والتحرر النهائي التي تمت من دون أن ترق فيها قطرة دم هذا النظام وهذه الحالة السودانية هي أشيه تماماً بالحالة الاستعمارية مع الانجليز فنظام المؤتمر الوطني هو المغتصب والناهب الفعلي لأرض وثروات الوطن وهو مستعمر حقيقي تغلغل داخل مؤسسات ومفاصل الدولة واحتكرها ولن تتم عملية ازاحته وتغييره الا من خلال السيطرة والضغط عبر تحرير الخدمة المدنية وتحرير تلك المؤسسات عليه فان عملية التغيير في السودان من حكم الانقاذ هو نوع من التحرر من حالة استعمارية نعيشها الآن وهذا التغيير لن يتم عن طريق الوقوف في الشوارع والمظاهرات وحدها حيث أن هذا النظام لا يتورع من استخدام القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين تغيير هذا النظام هو حالة تشبه استقلال السودان من الانجليز يجب ان يكون اما بقوة السلاح والاكتساح أو عبر الدخول الي مؤسسات الدولة ومحاولة تغييرها الكلي حتي مرحلة التحرير الكامل. عبدالواحد أحمد [email protected]