في مستهل يونيو الماضي أدارت قيادة الدولة العليا شورى ضيقة حول التعامل مع ملف نفط الجنوب.. الدائرة الخاصة توفرت لديها معلومات عن تواصل دعم جنوب السودان للجبهة الثورية.. رجال المخابرات السودانية قدموا من المعروضات فواتير شحن عربات دفع رباعي موَّلتها جوبا عبر ميناء خليجي شهير.. تم التوافق على منع جنوب السودان من الاستفادة من عائدات نفطه مادام جزءا كبيرا منها يذهب لتمويل أعداء الحكومة السودانية.. كان من المفترض ان يتولى وزير الاعلام الناطق الرسمي بإسم الحكومة اخراج القرار للعلن عبر مؤتمر صحفي.. حدث شيء ما جعل رئيس الجمهورية يستبق المؤتمر الصحفي بيوم ويعلن عبر لقاء جماهيري استراتيجية (أقفل البلف ياعوض). بعد التلويح بالسياسة الجديدة بدأ واضحاً للعيان أن الأمر غير متفق عليه بين أركان الحكومة.. بعض القيادات أعلنت همسا عن عدم رضاها بفكرة وقف ضخ بترول الجنوب.. الشيخ عبدالجليل الكاروري الذي كان يتقدم الحكومة في كثير من المواقف اعلن من على منبر مسجد الشهيد معارضته لمسألة اغلاق البلف. وزير نفط الجنوب زار الصين وسلم رئيسها رسالة خطية من الرئيس الجنوبي سلفاكير.. اللافت للنظر ان جوبا وعلى حسب وزير نفطها جنت حوالي ثلاثمائة وثلاثين مليون دولاراً خلال فترة الانسياب القصيرة للنفط.. الوزير ستيفن دو أكد ان الصين وعدت بالتوسط بين الخرطوموجوبا باعتبارها المستفيد الاكبر من الاستثمارات النفطية في شطري السودان.. من ناحية اخرى بدأت حكومة جنوب السودان تتأهب للذبح واعلنت عن تخفيض انتاجها بعد ان تلقت تأكيدات من حكومة السودان على اصرارها لوقف الضخ في الموعد المحدد بأغسطس القادم. في تقديري ان على حكومة السودان الا تتعجل في وضع الفأس على الرأس.. أمس الأول اعلن اتحاد اصحاب العمل ان التجارة البينية بين السودان وجنوبه تصل لملياري دولار.. فيما تتوقع مصادر اقتصادية ان تتمكن المعادن من مد الاقتصاد السوداني بنحو ملياري دولار كعائد من تصدير الذهب.. بالطبع على الحكومة الا تنسي فوائدها المرجوة من تدفق النفط الجنوبي والتي لن تقل ايضا عن ملياري دولار.. بجانب نحو مليار ونصف من الصادرات الزراعية والحيوانية.. هذه التقديرات ان مضت على هذا الاساس ستجعل العام القادم سنة استقرار للاقتصاد السوداني. ماذا سيحدث ان أصرَّت الحكومة واوقفت ضخ النفط.. جنوب السودان الان على شفا حفرة من التصدع.. الجنرال سلفاكير اعلن الحرب على اكثر من مجموعة.. حجَّم نفوذ مجموعة اولاد قرنق عبر ملاحقته لدينق الور..ووجَّه لكمات لرياك مشار بتجريده من بعض النفوذ السياسي.. حتى باقان اموم ناله من عنت الجنرال نصيب.. أي قرار متعجل من الخرطوم ربما يعيد توحيد الجبهة الجنوبية او اسقاط الجنرال البرقماتي سلفاكير.. أي من هذين الاحتمالين لن يسعد الخرطوم. الجبهة الثورية الان بدأت تصاب بعدوى الخلافات.. حركات دارفور رأت انها الاكثر وجودا في الميدان ولكن تمثيلها في القيادة لايعكس حجمها الحقيقي.. وقف ضخ النفط سيعيد فتح حدود الجنوب كخط مواجهة.. في ذات الوقت يجعل كل مناطق انتاج النفط تحت مرمى النار.. مستصغر الشرر كانت العملية الصغيرة التي نفذتها حركة العدل والمساواة في انبوب حقل دفرة..اي انتصار عسكري ولو محدود يجعل رجال الجبهة على قلب رجل واحد. الصين لن تسعد بالتطرف السوداني.. كما فعلت من قبل ستقوم بتجميد كل القروض والمساعدات الاقتصادية للخرطوم.. حتى حماس بكين السياسي سيقل تجاه حكومة لا تسمع نصح الاصدقاء.. الدول الغربية التي تناقش فكرة اعفاء ديون السودان ستقول لموفدي الحكومة السودانية نراكم قريبا. هذا الواقع يتطلب حكمة.. تأجيل انفاذ قرار وقف ضخ النفط لمدة ستة اشهر سيكون الحل.. حكومة الخرطوم تحتاج لمن يحفظ ماء وجهها لتقدم هذا التنازل.. زيارة من مبعوث صيني تعقبها زيارة بروتكولية من موفد جنوبي ربما تفتح باب التسويات المهم لجوباوالخرطوم. عبدالباقي الظافر [email protected] الاهرام اليوم www.facebook.com/traseem