رمضان كريم ..ولأنّه شهر رحمة وخيرٍ وبركة وتدبّر ونصح ومناصحة ، فقد رأينا أن نُحذّر فيه من الكارثة القادمة، وهى طبخة ماكرة ، دُسّ سُمّها فى الدسم،ويجرى إعدادها فى نارٍ هادئة فى(مطبخ الإنقاذ الإسلامى) ويُشتم منها المُكر وسوء الطويّة والخُبث الإنقاذى المعهود. الكارثة التى رأينا التحذير منها فى حضرة هذا الشهر الكريم المبارك :هى بإختصار - وبدون أى لف ودوران - (المحاكم الناجزة) التى بشّر بها وزير الإعلام والناطق الرسمى بإسم الحكومة أحمد بلال عثمان، الصحافة والصحفيين، بإعلانه (عزم ) الدولة إنشاء محاكم ناجزة لقضايا النشر الصحفى.وقد مضى الوزير الهمام ، مُبشّراً بالكارثة، دون أن يخفى الغرض والهدف " السامى " وراء ذلك الإجراء ، بقوله ( القطعى ) فى حضرة بعض رؤساء التحرير " أنّ البلاد تُواجه حرب شائعات ممنهجة " ، رغم " التطمينات " التى جاءت فى صورة " النفى " الكلامي المجانيّ فى الحديث المعسول عن أنّ (الإجراء ) ليس " إنذاراً أو تهديداً " "لكنّه مسعىً للدفاع عن الحريات الصحفية التى تتعرض لإجراءات إستثنائيّة تمتد إلى المصادرةوالإيقاف"!. بداية نقول للسيد الوزير : إنّ درء " الشائعات الممنهجة " - إن وُجدت - لا يتم عبر إنشاء محاكم إستثنائيّة وقضاء إستثنائى، تُختصر فيها " الإجراءات " وتُحرق فيها مراحل التقاضى الطبيعى العادل ، إنّما يتم بإيجاد قانون يكفل الحق للصحافة فى الوصول للمعلومات والحصول عليها من مظانها ومصادرها، ويحمى المصادر الصحفية ولا يُجبر الصحفى على الكشف عن " المصدر الصحفى " أمام المحاكم و" الأجهزة الأمنيّة "، ويجعل المعلومات - وهى حق للمجتمع – مُتاحة و" مكفولة " للجميع وللصحافةعلى وجه التخصيص ، ومحميّة بقانون ديمقراطى ، تعرفه كُل المجتمعات والحكومات المتحضّرة . أمّا حكاية ( محاكم ناجزة ) هذه ، فقد عرفها شعبنا " تنظيراً وتطبيقاً " وذاق ويلاتها ، يوم أن جرّبها ومارسها نظام (الإمام النميرى) فى أواخر سنوات حكمه،وكان أبطالها - وقت ذاك - قضاة وصفهم شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه فى مرافعته الشهيرة أمام القاضى المهلاوى يوم 7 يناير 1985 بالقول المختصر المفيد : " قضاة غير مؤهّلين فنيّاً،وضعفوا أخلاقيّاً عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا انفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذيّة ، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإضاعة الشعب ....... إلخ ". يُرجى/يمكن الإطلاع على المرافعة الكاملة بالإستعانة بمحرّك البحث " قوقل " . الواجب يُحتّم على المجتمع الصحفى والقانونى والعدلى ، بل ، والمجتمع بأكمله ، التصدّى المُبكّر لهذه الكارثة القادمة ، وتحمُّل مسئوليّات مواجهة هذه المحاكم الجائرة الظالمة التى سيتم عبرها تدجين وتركيع وإذلال وقمع و تاديب وقهر و" تفتيش " ضمائر الصحافة والصحفيين ،بإسم مُحاربة الشائعات.وهذا ماوجب التنبيه له والتحذر من مغبّة السير فيه ، وقبل وقوعه ..ورمضان كريم . مدارات - فيصل الباقر [email protected]