لعله من دواعي السرور والأسف في آنٍِ واحد هو اننا نستمع لإعترافات من أقطاب النظام تباعا عن إراقة الدماء ووقع المظالم نفرح لأن الاعتراف بالذنب فضيله ولكننا نذوب أسفآ في ذات اللحظه لان هذا الاعتراف جاء متأخرآ وليست ثمة دلاله تشير الي توبة وندم المعترف . ولئن كنا بطبيعتنا السودانبه السمحه دائمآ مانسامح المسيئ ونعفو ونغفر للمخطيئ اذا ماجاءنا معتزرآ رحمة به وشفقة عليه فإننا عندما نفعل ذلك إنما نبتغي الاصلاح والرشد للمجتمع الذي تحكمه مجموعه جباره من الحِكم والامثال الموروثة التي أصبحت ضابطاً لسلوك الفرد والمجتمع فلا فجور في خصومه لان المسامح كريم ولا إنتقام لانه منهج الضعفاء . و لئن كنا كذلك فان هذه الموروثات والقيم التي تحكمنا تسخر من الذي يسامح المسيئ الذي مازال قائماً علي أمر إساءته او العدو الذي مازال مصرً علي عداوته . فكيف يتثني للشعب أن يسامح نظاماً فاقداً للمشروعيه ,فاقداً للوطنبه ,فاقداً للمصداقيه , فاقد للمسئوليه لاتبدو عليه علامات الندم . إن إعترافات سادة النظام بالاخطاء التي وقعت والمظالم التي أرتكبت والدماء التي أريقت وغيرها من المفاسد المقصوده والغير مقصوده في حق الشعب السوداني كما سمعناها علي ألسِنة عدد من رموز و قيادات النظام علي رأسهم اليوم رئيس الجمهوريه ومن قبله الدكتور حسن الترابي زعيم الحركه الاسلاميه وصاحب مقولة سأذهب الي السجن حبيساً واذهب انت الي القصر رئيساً والدكتور غازي صلاح الدين وقطبي المهدي وغيرهم إن هذه الاعترافات وحدها لاتكفي والا سننظر اليها كحالة مشابهة لقصة توبة الثعلب التي درسناها في المراحل الابتدائيه برز الثعلب يوما في ثياب الواعظين يمشى في الأرض يهدى ويسب الماكرين و يقول الحمد لله إله العالمين يا عباد الله توبوا فهو كهف التائبين وازهدوا فإن العيش عيش الزاهدين و اطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا فأتى الديك رسولا من إمام الناسكين عرض الأمر عليه و هو يرجوا أن يلينا فأجاب الديك عذرا يا أضل المهتدين بلغ الثعلب عني عن جدودي الصالحين عن ذوى التيجان ممن دخلوا البطن اللعين أنهم قالوا و خير القول قول العارفين مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا هذه التوبه الزائفه التي تزّيا بها الثعلب فطن لها الديك الزكي لانه يعرف سلوك الثعالب وله في ذلك خبرات وتجارب ووقائع الذين دائما يظهرون خلاف مايبطنون وهذه خاصية المنافق الذي يظل يكذب ويتحري الكذب حتي يكتب عند الله كذابآ وعند الناس كذلك .فالاسلاميون الذين أتوا للسلطة عن طريق الخداع والغش إختلفوا فيما بعد وحدثت بينهم مفاصله لكن حتي الان يري بعض العقلاء انها مجرد تمثيليه ليس غير وفي أحسن الاحوال يراها البعض أنها خلاف علي كرسي الحكم وليس علي المبادئ والقيم وحقوق الناس في عودة الحريه والدمقراطيه .فالذين كذبوا ودلسوا في أمر الحكم وفي أمر الخلاف ألا يكذبون في أمر التوبه والندم ؟ إننا وان سررنا بهذه الاعترافات لا لشئ الا ليسجل التاريخ لهم هذه المخاذي والخزعبلات والاكاذيب وتكون حجه دامغه تفقدهم السند الجماهيري في مقبل الايام والمحاسبه الربانيه العادله يوم الحساب .وان كنا ناسف عليها لاننا مازلنا نرى أن مسارح القتل والتشرد في دارفور وجنوب كردفان مازال العرض فيها مستمرآ. والحكومه التي يخرج علينا قادتها بهذه الاعترافات حتي الان تعتقل الاحرار وتقيد حرياتهم وتراقب الصحف وتحظرالاحزاب وتترفع عن النظر في مطلوبات الناس الخدميه من صحه وتعليم ومواصلات وكهرباء ومياه اي لم يتغير في سلوك النظام مايفيد بتوبته حيث ان للتوبه شروطها ومطلوباتها اولها الاقلاع عن الذنب وفي حالة النظام لايكون هذا الشرط متحققا الا بإرجاع امر الحكم في البلاد للشعب اماشرطها الثاني فالندم علي مافات والعزيمه علي عدم العوده اليه ونحن نرى انهم عازمون علي الاستمرار في الحكم حتي وان ادى ذلك الي تفتيت البلاد وتفرق اهلها شزر مزر . اما شرطها الثالث فرد حقوق الغير فهل ياترى يستطيع السيد رئيس الجمهوريه رد مظالمنا ؟ام انها مجرد اقوال تطلق في الهواء للكسب الدنيوى الرخيص ؟ وها هنا تحضرني قصة المرأة التي لقيها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي معلومة للجميع بالطبع حيث لعنت وسبت خليفة المسلمين في وجهه وهي لا تعرفه فقال لها سيدنا عمر لكن امير المؤمنين كيف يدري بحالك ؟ فقالت العجوز كيف يلي أمرنا ولايدري بحالنا ؟ فتعجب عمر من فقهها وقال كل الناس افقه منك ياعمر واشترى منها مظلمتها بمائتان دينار واشهد علي ذلك سيدنا علي بن طالب كرم الله وجهه وعبدالله بن مسعود رضي الله عنه ليتقي مساءلة يوم الحساب ولتكون هذه الرقعه نجاة له عندما يُسأل عن مظلمة العجوز .وسوى ندم قادة النظام او لم يندموا فاننا ننظر لهذه الاعترافات علي انها سخرية واستخفاف بلباقة ونباهة ويغظة الشعب السوداني لانها لم تستوفي شروط ومطلوبات التوبة كما أشرنا في مقالنا هذا والله الموفق [email protected]