مدخل: افكر في هذا الامر منذ فترة ليست بالقصيرة وطرحته على من ارى انهم "مرجعيات" في الموضوع كلما اتيحت الفرصة على المستوى الشخصي ولم اناقش الامر على المستوى العام.. وفي رأيي كمجتهد غير متخصص في الدراسات الاسلامية ان الموضوع يحتاج لمناقشة وتبادل الاراء.. كثرت المدارس والاحزاب السياسية والجماعات الدينية "ان صح التعبير " التي تتحدث عن نظام اسلامي او حكومة اسلامية لقيادة العالم الاسلامي والبلاد الاسلامية على مستوى نظم حكم تعتمد على المنهج الاسلامي.. وحال العرب والمسلمين لايدعو للتفاؤل بل قد يزيد الناس احباطا ويبدو ان هذا هو حال المسلمين منذ زمن بعيد حيث ينسب الى أحد الشيوخ القول المتداول بعد عودته من زيارة الى أوربا "وجدت أسلاما و لم أجد مسلمين او بهذا المعنى..وباختصار فالحال قد يكون محبطا ويمكن ايجازها حسب اجتهادنا في نقاط محددة: الصراعات بين الدول والامم الاسلامية وفي ظل غياب الديمقراطية والشورى.. لم ننزل امرهم شورى بينهم على واقع حياتنا السياسية تقريبا في كل البلاد الاسلامية..مازالت هناك مجموعات او اسر تتحكم في ادارة شئون المسلمين خلافا ل"منذ متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرار " بالاضافة الى البؤس والفقر في معظم البلاد الاسلامية رغم الثروات الطبيعية المتنوعة او على اقل سوء التوزيع بين الناس في بعضها.. ويرى بعض المفكرين واساتذة العلوم السياسية الى أنّ أنظمة الحكم فى هذه البلاد لا تهتدى بالشرائع السماوية ولا الارضية في معظمها ان لم نقل كلها .. ارسل الله سبحانه و تعالى الرسل والنبيين الى البشرية من لدن سيدنا ادم الى سيدنا عيسى عليهم السلام ثم خاتم الرسالات " اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا" ومن المعجزات الربانيه ان الله سبحانه وتعالى كان يرسل الانبياء لمجموعات حتى جاءت الرسالة الخاتمه كاملا شاملا هاديا الى الصراط المستقيم للبشرية كافة .. بدات الدعوة في مكة وأستمرًت لثلاث عشر سنة منها ثلاث سنوات فى الدعوة السرية بدءا بالاقربين ثم الدعوة الجهرية لعشر سنوات ولها خصائص ليست للايات المدنية والتي بالطبع مبنية على المكية .. تتميز الايات المكية بالدعوة للتوحيد وعبادة الله والتربية الاخلاقية مقارنة بالايات المدنية التي توضح العبادات والمعاملات ,الحدود,الجهاد,نظام الاسرة,قواعد الحكم ووسائل التشريع والتى جاءت في حوالي عشرين سورة مقارنة مع الايات المكية التي في جملتها اثنين وثمانون سورة ويرى البعض ان الاثني عشر سورة مختلف فيها من حيث النزول ..يرى الفقهاء والدارسين ان السور المكية تتميز اساسا في تاسييس العقيدة الاسلامية وتشريع اصول العبادات والمعاملات والاداب والفضائل العامة "واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واقرضوا الله قرضا حسنا وماتقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله " والايات المدنية في اغلبها تشمل تقرير الاحكام التشريعية للعبادات والمعاملات والحدود ... ويمكن القول بان الايات المكية جلّها تركز على الدعوة الى الدين الجديد ليتحول الناس من عبادة الاصنام والناس الى عبادة رب الناس وكانت هي الفترة التي تعرض فيها الرسول (ص) والمسلمون الى مواقف صعبة مع الكفار.. وبعد ان وفق الله رسوله بابلاغ الدعوه ونشرها في مجتمع مكة كانت الهجره الى المدينة والتي كان اغلبها فى التعامل الحياتي والدنيوي في شان ادراة حياة الناس وعلى راسها الاختيار الشورى للرئيس او بمعنى اخر المدينةالمنورة كانت هي بداية الدولة حيث هاجر اليها الرسول (ص) واستقر فيها وهي تجمع بين المسلمين وغير المسلمين ثم بدا بالتخطيط لاقامة الدولة التي تحتاج لنظام مرجعي لتنظيم الحياة وتحديد السلطات والصلاحيات بلغة اليوم يعني "دستور" كتب هذا الدستور بتوجيهه واوامره ويقال باملائه شخصيا وتم اعداد الوثيقة الاولى او صحيفة المدينة او دستور المدينة ..أذن بدأ ت الرسالة بالدعوة وتاسيس العقيدة ثم التشريعات المختلفة في مكة واعقبها دستور وتنظيم الحياة والدولة في المدينة.. وهكذا يمكن القول بان الدعوة والرسالة ودخول الناس في دين الله افواجا كانت في المرحلة المكية وتلتها اقامة الدولة المدنية في المدينةالمنورة... وفيما ارى كمجتهد وليس متخصص في الدراسات الاسلامية ان الاصل هو بناء المجتمع المسلم ومن ثم وضع الشرائع ونظم الادارة لذلك المجتمع.. وارى ان الجهد لا بد ان يصب اولا في تزكية واقامة المجتمع الذي قد يضم اهل العقائد الاخرى ثم ياتي نظام الحكم على اساس الشريعة الاسلامية.. هذه فقط دعوة بصوت عال لاولي الشان من علماء المسلمين والسياسين المسلمين للنظر ودراسة الامر لان العالم الاسلامي اليوم "فيما نرى و نعتقد" يضم دولا ترفع شعار الحكومة الاسلامية في مجتمع لم يتحول الى مايمكن تعريفه بالمجتمع الاسلامي.. ونتفق مع الاستاذ حسين الرواشدة بأنّ الشأن العام بما فيه السياسة جزء من مقاصد الدين ( و ما قام به اهل الديانة المسيحية كان نتيجة الممارسات التى لا تتوافق مع تعاليم الدين المسيح والذى أدّى الى أبعاده من الحياه و "حبسه" داخل جدران النيسة) و الذى يرى أيضا بأنّ عدم نجاح الاسلام السيايسى – فيما يرى – فى تجربة الحكم هو بسبب عدم قدرة "او عدم توفيق" الذين يحملونه للوصول للمجتمع بفهم حقيقى للتديّن و مقاصد الدين و من ثمّ بناء المجتمع و الانسان على هذا الفهم )..أنّ الوصول للمجتمع و بنائه على هدى الاسلام و تعاليمه يجب ان يسبق حمل السياسة بأسم الدين وهذا ما نفهمه من السيرة و السنة على صاحبهما أفضل الصلاة و التسليم .. هذه خواطر مجتهد..و نرجو (وبألحاح) ان نسمع اراء اهل العلم في ترتيب هذه الاولويات والله المستعان وهو الهادي الى السبل [email protected]