قمع الفكر أيا كان قناعه وخلفياته فإنها عادة ذميمة ودخيلة علي مجتمعنا السوداني ، جيمعنا عايشناها في عهود سابقة ، والآن أدوات القمع مختلفة ومتنوعة ، وأكثر ما يلاحظ أن واقع القمع ربما يكون أكثر بكثير من كل الحقبة السابقة. وما يعنينا هو القمع بمعناه العام مثل قمع فلانا فلان ، قمعه عن ما يريد أن يقول ، من خلال قهره وذله بتضيق خطواته إلي اخره ، وفي المجال السياسي تستعمل الجهات القمعية أدوات القوة لمنع الانشقاق والتمرد سواء كان مسلحاً او فكرياً ، والمعلوم باداة القمع الفكري هي أشد أنواع القمع لانها تعتبر آله قسر وتهميش وتصفية وتحييد الحق لما هو غير ذلك ، وفي بعض الاحيان تقود أدوات القمع إلي منهجيات مختلفة مثل : الطائفية أو العرقية أو المذهبية والفكر في معناه الاذلي غايته البحث عن الحقيقة التي قد تكون مرة عند من هم أعلي في السلطة ، لآنهم لا يريدون الاخرين الوصول إلي الحقيقة والعثور عليها وبالتالي يلجأون إلي طريقة القمع والتخويف والترهيب في سد طريق الوصول للحق. وعلماء علم النفس يشبهون القمع وأدواته المختلفة بالقنبلة الموقوتة ، لانه يمكن أن ينفجر في أي لحظة وفي أي مكان. ولا يمكن دس الاشخاص الذين تم قمعهم، وأيضاً ولا يستطيع القامعون دس رءوسهم طول الوقت بأفعالهم أو بما يفعلون ، وكثيرا ما ودائما نلاحظ من يمارسون القمع أكثرهم استهتارا ويتمردون ويتصرفون بافكارهم دون أي حيثيات أو قوانين وأعراف ، يفعلون كيفما يريدون دون حساب أو رادع ، المهم عندهم تحطيم وتدمير الاخر فردا أو جماعة ، وينطبق ذلك علي المرأة حينما تواجه بالقمع الجماعي الذكوري وهناك قمع الحكام على الشعوب ، ويصف علماء النفس بأن هذه القمعية تولد وتتولد إراديا ودون وعي كامل عند من ديدنه السلطة والمكانة أو الشهرة ، فهو يقمع من يقف ضده أوفي طريقة ، وفي أحيانا كثيرة يتولد القمع من المنزل ،عندما تقمع اسئلة الطفل ويصادر عقله ، وينتقل القمع معه إلي المدرسة وفي الشارع وتزداد حدته على حسب اكتسابه خبارت كل مرحلة. وإذا كانت حالنا كما هي عليه الان ، هل يمكن أن نعيش واقع أفضل ..! وكيف يمكن أن يكون مستقبلنا .. خاصة إذا كانت أمطار القمع تهطل من أعلي سلالم السلطان ، والمعجزات السماوية لم تكن معجزات حسية فقط ، انما كانت عقلية تحاكي العقل وتتحداه وبالتالي تثير الاسئلة وتستفز عقول لو أنها قمعت ما آمنت ايمانا خالصاً وسيدنا ابراهيم لما سأل ربه قائلا : " رب أرني كيف تحيي الموتي " لم يقل له الله سبحانه وتعالي توقف عن الاسئلة بل اجابة الاجابة الربانية " فخذ اربعة من الطير فصرهن اليك ثم اجعل علي كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن ياتينك سعيا واعلم ان الله عزيز حكيم " كان السؤال أداه قرانية واجابتة الشاملة والدقيقة للكون والخليقة ، والمعلوم بان حضارات العالم والعرب ازدهرت عندما كانت هناك حرية فكر ورأي ، وتدحرج حال شعبنا عندما قمع السؤال بدءا من المنزل حتى السلطة ، حجر العقل وانحسر التفكير والآن نحن ذهب بكامل إرادتنا إلي مصاف المتخلفين وفي موخرة الركب والدراسات الحديثة اثبتت بأن الاطفال يسألون في مرحلة ما قبل المدرسة نحو 100 سؤال في اليوم لكن عندما يصل المرحلة الابتدائية والمتوسطة تنعدم اسئلته ويقل حماسه عن السؤال ويكتفي بالبحث عن ما يريد بوسائل اخري مساعدة لأنه بكون تعلم ببدائل اخري ووصل الي مبتغاه. من الآن فصاعداً يجب علي الاسرة والمدرسة والانظمة السياسية أن يجيبوا علي أي سؤال يقدم لهم ، ويبتعدوا عن يقتل روح التساؤل بقصد أو دون قصد ، وزي ما بتكافي المدارس التلاميذ علي حل الاسئلة من خلال الاجوبة الصحيحة ، يجب عليها أيضاً أن تشجيعهم علي طرح السؤال ومكافأه الاسئلة الجيدة والذكية حتى لا يؤدي ذلك إلي ازمة ابداع.. والمختصين بهذا المجال يرون بأن معيار طرح الاسئلة الذكية دليل على ذكاء وفطنة الطفل إلا ان الكثيرين منا ظل يعتقد بأن الذي يسأل ويحب الاستكشاف في صغره يفقده في مستقبله امكانياته العاطفية والاجتماعية ولكن المُثبت علمياً بأن الفكر يتبلور ويتشكل من خلال نوعية الاسئلة وكمية التجارب والخبرات التي يتلقاها الانسان في حياته ومن يريد ان يطبق معتقدات خاطئة أو يمارس قمعاً على أبناءه فهو لا محالة يطبق نوعا جديدا من أنواع القمع ويمكن أن يكون القمع في شكل عزلة أو كبت أو ذل. وهذا مع تحياتي وتقديري ،،،،، [email protected]