إنَّ جنوب السودان وطنٌ مباركٌ بنعمات وخيرات جمة ، منها ما ظهرت و منها ما بطنت ، وإنَ شعبه كغيره من شعوب العالم متسامحٌ وكريمٌ بل ومحبٌ للسلم والإنسانية ، بجانب حبه للحرية والكرامة ، والتي ناضل وسعى في سبيلها منذ الثامن عشر من أغسطس 1955م إلى أن حققها في التاسع من يوليو 2011م. لهذه النعمات والمميزات تدفق إليه سيلٌ من اللاجئين من كل أركان أرض الشمس المشرقة (أفريقيا) ، منهم من جاء بحثاً عن سبل الحياة العيش الكريم ومنهم من قدم بحثاً عن الأمن والطمأنينة فإحتضنهم وطننا المعطاة والنفيس (جمهورية جنوب السودان) ، ولكن هذا الإحتضان وهذا الوجود لا يجوز أن يكون مفكوكاً ومفتوحاً ، بل ينبغي على السلطات والجهات المعنية بهذا الشأن في البلاد التحرك في سبيل ضبط قدومهم وتنظيم وجودهم وإقامتهم وتحديد أنواع أعمالهم ، وهذا كله وفقاً للقواعد والقوانين والأعراف الإقليمية والدولية المعروفة والسائدة، وتنظيمهم هذا لا يعني أننا نبغضهم وإنما لحرصنا على أمننا وأمنهم، فقد أرتكبت جرائم عديدة خلال السنوات السابقة تورط فيها الكثيرون من الأجانب ، كجرائم السلب والنهب وجرائم القتل والإغتصاب ، كذلك أحياناً يتعرض الإخوة الأجانب لإعتداءات من مجرمين مجهولين، ولذا يجب السعي في هذا السبيل من أجل حمايتهم، ومن أجل وقف هذه الضروب الدخيلة من الجرائم والجنايات ، ومن هنا نشيد بالعمل الذي تقوم به قوات الشرطة والإخوة المسؤولون بوزارة الداخلية هذه الأيام من بسط الأمن وتفعيل نصوص القانون تطبيقها على أرض الواقع أسفر عن ذلك تنظيم سائقي الدراجات النارية التجارية المعروفة بال(بودابودا) ، ولعل هذا التنظيم يستمر حتى يلحق بسائقي سيارات النقل العام (المواصلات) لتقليل الحوادث المرورية ولإتاحة الفرص للآخرين من أبناء الوطن الذين يحملون شهادات القيادة (رخص) . نحن الآن في دولةٍ مستقلةٍ سياسياً وذات سيادة ، ولكن مازلنا غير مستقلين إستقلالاً كاملاً من الناحية الإقتصادية ، بسبب تأخرنا من إستغلال ثرواتنا ومواردنا مما أدى إلى سيطرة الأجانب على الأسواق ، وهذا يتطلب من رجال الأعمال والتجار الوطنيين بذل جهود والميل قليلاً لسد الثغرات في مختلف المجالات، خاصة في المجال الزراعي ،سواءا كان بالري الطبيعي (المطري) أو بالري الصناعي (بالطلمبات) على ضفاف الأنهار وغيرها ، وأنتم تعلمون الضغوطات التي مارستها حكومة السودان علينا في المجال الإقتصادي ، فتارةً تهددنا بإغلاق الطرق وتارةً بإغلاق أنابيب النفط مما يجعلنا في موقف هزيل أمام الخرطوم في كثير من القضايا الوطنية ، خاصة قضية "منطقة أبيي" وأعتقد أن هذه الضغوطات لن تتوقف ، بل سوف تستمر إلى ما لا نهاية إذا لم نضع خططاً إسترتيجية شاملة للإعتماد على الذات في سبيل الإستقلال الإقتصادي ، وهذا في تقديري أيضاً يتطلب قرارات رئاسية تعلن فيها الدولة عزمها في تنفيذ برنامج يمكن أن نسميه ب(ثورة التنمية للإعتماد على الذات) ، وهذا البرنامج يبدأ بتوصيل أنابيب النفط إلى ميناء لامو بكينيا الشقيقة ، تشييد الطرق وإنشاء مشاريع الإعاشة ، بالإضافة لبناء سد فولا لاسنتباط الطاقة الكهربائية وتأسيس مركز الدكتور جون قرنق للدراسات الإستراتيجية ، وسندخل في التفاصيل بشأن هذا المركز في القريب العاجل . هكذا بمثل هذا التخطيط والتنظيم كما يفعل الإخوة بوزارة الداخلية نسود ، وبالإعتماد على الذات نستطيع بناء دولة بكامل الإستقلال وقوية ومحترمة في القارة السمراء . بار منم بار مونقكواج. [email protected]