لا يمكن وصف الذي اختمرت بدواخله فكرة بعث الرئيس البشير لمقر الأممالمتحدة لحضور فاعلية الجمعية العمومية أكثر من كونه يمارس لعبة سياسية خطيرة يحاول بمقتضاها التخلص بالطريقة المثلي عن المشير البشير والزج به إلي مذبلة التاريخ بصورة توافقية لا يستطيع احد من السودانيين الاعتراض علي مشيئتها طالما الخلاصة متعلقة باتهامات جنائية ساقتها عصبة العالم ضد الجنرال الذي يجلس لي سدة الحكم ويحكم البلد غيره ! . ولعل إصرار الخارجية السودانية واستعجالها السفارة الامريكية بالخرطوم في الحصول علي تاشيرة الدخول ، يفتح باب التكهنات علي مصرعه حول علاقة الوزير علي كرتي بجناح الإصلاح داخل أروقة المؤتمر الوطني ، خاصة أن الصقور النافذة في مقدمة هذا الجناح تقوم رؤيتها الإصلاحية علي ضرورة تنحي الرئيس لصالح المحافظين الذين تنامي عددهم بصورة وصلت وجوب التضحية بالرئيس في سبيل المحافظة علي الإرث القائم ، فالبعض من هولا الإصلاحيين يري أن الرئيس ليس أفضل من الشهداء الذين مضوا من أجل تدعيم مرتكزات الثورة وآن الأوان بدوره أن يقرض الله قرضاً حسناً ويضحي من أجل الإسلام والمسلمين ، باعتبار أن أقصي الإحكام في لاهاي لا تذهب أبعد من عقوبة السجن المؤبد وهي مندوحة كفيلة بمساعدة الرئيس علي حفظ كتاب الله الكريم بكل القراءات وفترة مناسبة يستطيع من خلالها التعرف علي جوانبه الإيمانية والغوص في أغوار ماضيه بكيفية سلفية يسميها العامة بالخلوة ليخرج بعدها نقياً كيوم ولدته أمه ! فالرئيس يقف علي أعتاب العقد السابع من العمر وفي القوانين والعُرف الذي يستند عليه الإصلاحيين لن يعيش عمراً فوق العمر الذي عاشه ! وهم علي حد أفعالهم يريدون له الخير ! . لذلك ينشطون بكل ما أوتوا من فن الإقناع لتزين المامورية كأنها نزهة سياحية يكسر من خلالها الرئيس رتابة المناشدات الدولية التي تطالب بالقبض عليه ، ولأن السواد الأعظم من عضوية المؤتمر الوطني عمال أورنيش وبائعة متجولون حازوا بالتزوير علي الشهادات العلمية وبرعوا في مجال القانون ( قانون الغابة ) فأن المتنفذين يبصموا بالعشرة أن زيارة الرئيس من ناحية قانونية لمقر الأممالمتحدة مسألة شرعية ولا يستطيع كائن كان أن ينبس ببنت شفة بخصوصه لأن بزعمهم سيكون في استضافة حياض دولي وليس في زيارة رسمية لأمريكا !!! في حين المعطيات العامة للسيناريو المحتمل تؤشر نحو أن الرئيس ربما لن يتمكن من بلوغ الهدف من الزيارة وغالبا ما ستُجبر الطائرة المستأجرة – السلطات السودانية أمعاناً في التمويه سوف تقوم بتأجير طائرة خاصة - علي تحويل وجهتها نحو لاهاي بعد ربع ساعة من تجاوزها المجال الجوي المغربي ، فحلف الناتو ليس كما يتصور السودانيون ، هو من القوة واحتقاره للدول الغير منضوية تحت لواءه بحيث يستطيع تنفيذ أوامر القبض لصالح الجنائية بطرق قد تبدو في أحيان كثيرة مذلة ، فالرئيس أورتيغا عندما تم القبض عليه واختطافه من داخل العاصمة وعلي مرآي ومسمع من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ومضادات الدفاع الجوي فأن الذي قام بتنفيذ المهمة حلف الناتو بالتنسيق مع السي إي أي ، وليس أمريكا لوحدها كما يعتقد الكثيرين ، فإذا نجح التمويه في توصيل الرئيس لنيويورك فهناك فرصة القبض عليه أول ما تحط طائرته علي الأرض فالبوليس الدولي – الانتربول – لن يوفر الفرصة الثمينة التي لن تتكرر ، وإذا حاولت امريكا إضفاء بعض الإثارة للموضوع وتركت البشير ليحط الرحال بقاعة الأممالمتحدة ، فأن الرئيس أاوباما سيفاجئ الكل بالتصريح من داخل القاعة أمام الرؤساء والملوك والأمراء بالقول : لقد رضخنا لطلب دولة قطر باستضافة المطلوب للجنائية الدولية الرئيس البشير لكن نزولاً عند رغبة منظمات المجتمع المدني والمناشدان التي تطالب بتسليم المجرم لمحكمة العدل في لاهاي وبعد اجتماعي بالمستشارين قررنا في الحكومة الامريكية عدم التزامنا بالتعهدات التي قطعناها لحليفتنا دولة قطر بخصوص الرئيس السوداني وعلي قرار هذا نرفع أيدينا عن توفير الحماية الأمنية له ولا نملك حق منع البوليس الدولي من محاولة ألقاء القبض عليه إذا خرج من قاعة الأممالمتحدة متوجهاً نحو طائرته الرئاسية ! أما إذا مكث داخل القاعة فلا نملك تجاهه إإلا أن نتحلي بالصبر لحين خروجه ولو بعد عشرة اعوام ! [email protected]