حدثني زميلي سالم محمد جامع قائلا ً : لقد درجت بعض ستات الشاي علي دس ( الحبوب المنشطة للكيف ) في الجبنة لجذب الزبائن و الاحتفاظ بهم . فالزبون الذي يشرب الجبنة المنشطة سوف لن يجد للجبنة العادية مذاقاً وكيفاً حتي يجرجر قدميه الي ست الجبنة صاحبة السم في الدسم . و هذا ما حدث لزميلي سالم في عطلته الاسبوعية الفائتته قبيل العيد . فقد فعلت به الجبنة الافاعيل السبع من الخرم و صداع كيف البن المزمن فبشتنه و كرهته قضاء العطله في البيت . بذلت ست البيت زوجته الحرم المصون كل مجهوداتها و مهاراتها و أمتلكت من الخبرة الطويلة في صناعة الجبنة عسي و لعل ان تفك من زوجها قرف البنه و الخرمه ببن يديها لكن كل مجهوداتها ذهبت عصف الريح . و في الصباح الباكرمن بداية الاسبوع ذهب سالم الي زبونته مبادراً اياها قائلاً : انت جبنتك دا قاعدة تسوي فيهو شنو انا من أول امبارح ماسكني صداع و خرمان و قرفان للبن بتاعك دا ..!! فحدثته زبونته عن الود الميكانيكي الذي توفي أول أمس بعد ساعات قلائل من شربه جبنة مخشخشه و هو جوعان . و حدثته بأن بعض من ستات الشاي في الاونة الاخيرة صرن يضفن نوع من الخشخاش في الجبنه لجذب الزبائن . أستدركت الزبونة لتقول له لزبنونها المقتول في قهوتها ، بري يا أخوي انا حرمان أعمل حاجه زي دي انا بوديني أركب نفسي ذنب و أخت في رقبتي ذمه بقتل زول شنو ! فقال لي سالم أنت بس أعمل حسابك من شراب الجبنه من ستات الشاي في السوق . فقلت له مازحاً انا يا أخوي ما بشرب الجبنة في السوق نهايه الا من أمرأة نوباوية أري في سواد لون وجهها لون البن المقلي . وواصلت كلامي لسالم مضيفاً كمان انا ما بشرب جبنة حتي من النوباوية التي تغيير و تبيض لون وجهها بالكريم . و هذه ليست دعوة عنصرية ضد ستات الشاي من غير النوباويات ابداً كما سيزعم البعض لكنها جنس من أجناس المزاج و الكيف و للناس في كيفهم شئون و شجون . و هذه ليست بدعاية اعلامية مني للنوبايات علي حساب الاخريات فهن لسن بحاجة الي دعاية و الزبون دئماً يختار الاجود بمزاجه . قبل ساعات قلائل من الان كنت في سوق الابيض الكبير هائماً علي وجهي بخرم و كيف الحبنه ابحث عن ست جبنه أري في وجهها لون البن المقلي . فقادتني رجلاي الي أحدهن في ركن قصي هادي هدوء السوق في مل هذه الايام من أيام العيد . جلست اليها مختلساً نظراتي الي فن صناعة الجبنة من دقة رص الكبابي و الفناجين الي بريق لمعان أباريق الشاي و البن و جمال ألاوني و برطمانيات البن المسحون و زجاجات مختلف انواع البهارات المعروضه . لا تنسي معي نظافة المكان و لتتمتع بالتأمل في خفة ست الشاي و روعة لمساتها السحرية للكبابي و الفناجين و الطريقة المنتقاة في صب البن او الشاي في الابريق . الدنيا عيد و السوق مفتوح مس كول و حركة الزبائن مش علي بد . و أظن و بعض الظن أثم فقد يئست زبونتي و كانت تلملم في حاجياتها لتغادره الي بيت بخيبة أمل لكن حضوري أعاد لطول انتظارها بعض من الامل . أقبل بنشاط الي كانونها تهب في النار و تتلمس اعادة تنظيف الغبار من الاواني . مرت بنا فتاة و سلمت عليها لكنها عوضاً عن رد التحية سألتها شايفه النوباويات ديل بقن يشتغلن ورديتين في اليوم . لم تسمع الفتاة كلامها فرددت لها الكلام بأمتعاض ، قلت ليكي النوباويات بقن يشتغلن طول اليوم دي تمشي و تانية تجي . لكن يبدو ان فتاتنا علي عجل من أمرها او ان الكلام لم يعجبها و لا تريد الخوض فيه فأجابتها و هي مسرعة في سيرها اليومين ديل ما جين السوق . و من جانبي لمسني رأس سوط المرأة و كلامها المغرض عن النوباويات . لكنني استدركت و ضبطت نفسي حتي اتعامل معها بنوع من الحكمة محاولاً بان لا أدع فرصة حتي استرد كرامة النوباويات المهدر في سوق صناعة الشاي و القهوة . أحضرت لي زبونتي القهوة التي طلبت منها بأن تكون مظبوطه . و قبل أن أمسك منها صينية الجبنة سألتها انشاء الله بس جبنتك دي تكون مظبوطة و أصلية زي قهوة النوباوبات . قالت لي كدي انت اشربها اولاً و شوفها و بعدين احكم بنفسك صيحيح جبنه تمام زي بتاع النوباويات و لا زي بتاع الفلاتيات او أي ناس تانين . قلت لها بالتأكيد حتكون مظبوطه و أصليه زي بتاع النوباويات الا صليات . انفتحت زبونتي معي في الحديث و بأنشراح صدر قائلة : انا ما عارفه سر النوباويات في السوق شنو كل الناس في السوق بتحب شاييهم و قهوتهم و طعامهم . و تسمعهم يقولوا ليك القهوة و الشاي و الأكل النضيف من النوباويات و لا بلاش . و الله النوباويات دخلن المدينه و عرفن الشغل و كل الناس بيرتاحوا ليهن . فقلت لها سر النوباويات من ستات الشاي موجود في الصدق و الجودة و الاتقان و احترام الزبون . علي كل حال التحية لجميع ستات الشاي من أخواتنا و أمهاتنا في كل مكان من ربوع سوداننا الحبيب . اليهن أزج بالتحية لناضالهن من أجل العيش بشرف و كرامة و سترة الحال .. فوراء كل ست شاي اسرة ممتدده تنتظر رجوعها بلقمة الخبز الذي يأتي من احتراقها طوال النهار بنار الكانون و نظرات اناس كثيرين لا يقدرون عملها الشريف المطهر بعرق الجبين . ايليا أرومي كوكو [email protected]