ربما ليس من حقّي أن أدّعي أن ما كتبته عن الكهرباء بالجزء الخامس[ الحارة 43- الوحدة- البقعة – محلية أمبدة ] وجد وبهذه السرعة آذاناً صاغية من المسئولين المعنيين بقطاع الكهرباء بالمحلية، فشرعوا في توصيل الامداد الكهربائي للمنازل التي دفع أصحابها القسط الأول من رسوم التوصيل وهو مبلغ مليون جنيه ( بالقديم)، وخرجت الحكاية - بالتالي- من دائرة (أم ضبيبينة )، لتصبح واقعاً حقيقياً لا يكاد المرء يصدق حدوثه هناك.! فإن كانت المناشدة التي أرسلناها من هنا هي التي وجدت الاستجابة، ولم يكن الأمر مجرد مصادفة لتوقيت برنامج معدّ مسبقاً لتوصيل الكهرباء هناك، فإنها بلا شك معجزة حقيقية في بلد تعوّد مسئولوه على ممارسة سياسة ( التمرير) .. تمرير ما يدخل بأذنهم اليمنى ليخرج باليسرى دون أدنى قدر من المبالاة والاهتمام!. على كل حال نزف التهنئة الحارة لسكان الجزء الخامس بدخولهم ( العصر الكهربائي)، ونزجي الشكر بالتأكيد لكل الذين وقفوا وراء هذا الانجاز..( إنجاز ..مُش ؟!!) الجزء الخامس.. اسم يعتبره الإخوة باللجنة الشعبية هناك لا وجود له، وأن الاسم الحالي هو (مربع 43- الوحدة شرق وغرب). وهذه التسمية - كما نعلم - ارتبطت بمرحلة سياسية معينة انقضت ولم تعد واقعاً منذ انفصال الجنوب تحت مسمى دولة (جنوب السودان). والوحدة - قبل ذلك - لم تكن كلمة محبّبة لدى بعض الشماليين، ولدى الأغلبية من الجنوبيين، وهؤلاء بالذات رفعت الحكومة من أجلهم شعار( الوحدة الجاذبة)، فأنفقت حتى الاحتياطي النقدي للدولة لتزويد الوحدة بأكبر (مغنطيس ) ممكن!، وبالتالي إنجاح الفكرة.. قدّمت الحكومة السبت ولكن عندما جاء الأحد كانوا في كنائسهم يصلّون فرحاً بالانفصال!!. أما بالنسبة للغرب المتحرِّش، فإن كلمة الوحدة هذه تسببت في مصرع قرنق حينما انحرفت أفكاره من مسار الانفصال إلى مسار الوحدة، ناقضاً بذلك اتفاقه مع أولئك ( البعاشيم) الذين رفعوه على أكتاف دعمهم!. وما كان قرنق وحدوياً حباً في الشمال و الشماليين، وإنما رأى – بعيني صقر- في الوحدة توسيعاً لرقعة سلطته..( الكيكة أكبر و.. أحلى)!، فقد أصبح نائباً أول للرئيس السوداني لمدة 21 يوماً، وكان قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح أول رئيس جنوبي للسودان.. ( ولّا أحسن نقول أول رئيس غير شمالي؟!)، إلا أن زمرة ( البعاشيم – وموسيفيني منهم)، أركبته مروحية رئاسية يوغندية ( ماسورة!)، ليلقى مصرعه في منطقة كيديبو الجبلية الحدودية، وكان التبرير اليوغندي للحادث هو ضعف الرؤية في المنطقة الجبلية!. والمقصود ضعف رؤية قرنق لمدى خطورة وشراسة ( البعاشيم) على من يلعب بذيله معها!. فهناك جزئية صغيرة جداً يتوقف عندها المرء، في تقرير يقول أن المطار اليوغندي الذي أقلعت منه مروحية قرنق يعج بالخبراء الفنيين الذين يقومون بصيانة الطائرات اليوغندية ومنها المروحية إياها، وهذا ليس خبراً ، وإنما الخبر هو أن هؤلاء الفنيين الخبراء إسرائيليون!. على كلّ حال كلمة الوحدة هذه ليست مبغوضة مطلقاً بالنسبة للغرب ، وإنما تصبح كذلك إذا تعارضت مع مصالحه. فكلمة الوحدة ومشتقاتها العديدة نعرف وجودها حتى في أسماء الدول العريقة مثل المملكة المتحدة ( بريطانيا التي غابت الشمس عنها سياسياً!)، وكان هناك الاتحاد السوفيتي أو اتحاد جمهوريات روسيا السوفيتية، التي حين تخلت عن الوحدة أصبحت مجرد ( فتَّة )!. أما أمريكا التي كانت تتحسس مسدسها عندما تسمع كلمة الوحدة من سياسيينا، فإنها ( ضبحو ليها هنود حُمُر وسموها الولاياتالمتحدة الأمريكية!) . أما عندنا إفريقياً وعربياً فكلمة الوحدة تجدها مثلاً في: الاتحاد الإفريقي ( منظمة الوحدة الإفريقية سابقاً)، الإمارات العربية المتحدة، وشكلت مصر و سوريا يوماً( الجمهورية العربية المتحدة )، وفي دنيا الرياضة و التنظيمات المهنية ( الاتحادات ما تديك الدرب!). ربما نكون قد خرجنا من موضوعنا، إلا أننا لم نخرج من الحي بعد!، لذا نعود إلى جزئية الكهرباء التي قلنا أن خطوات توصيلها إلى المنازل قد بدأت التحرك، لكن بوتيرة نحسبها محدودة لأنها- حتى الآن- مرهونة بدفع مبلغ ألف جنيه ( مليون بالقديم) زائداً ( تفاتيف كده) حوالي 250 جنيه!. وإننا من هذا المنبر نرجو من شركة الكهرباء أن تتكرم بتجاوز خطواتها التكتيكية هذه وتهتم باستراتيجية البرنامج الهادفة لتوصيل الكهرباء لكل بيت، وأن لا يكون التوصيل مربوطاً بدفع المبلغ المحدد كله، خاصة وأن المستوى الاقتصادي العام لسكان الحي يتراوح بين الوسط و دون الوسط، و بالتالي أغلبية السكان قد دفعوا جزءاً من المبلغ، و القليلون هم الذين دفعوا المبلغ كاملاً. فتقديراً للظروف الاقتصادية للسكان مقروءاً مع الأوضاع الاقتصادية العامة المتردية للبلد، نرى أن يتم التوصيل لكل من دفع ولو جزءاً من المبلغ المحدد، علماً بأن الشركة ستنال حقها كاملاً( ونص وخمسة!). وبقدر ما نطالب الشركة بمراعاة ظروف المواطنين، نطالب المواطنين بمراعاة ظروف بيئة ( وحدتهم) غير الجاذبة حالياً، التي تحتاج بشدة إلى الكهرباء كبنية أساسية. فالكهرباء لم تعد ترفاً، وإنما ضرورة عصرية، ومتضرر جداً من لا يملكها!. وإن كان هناك من يظن - وبعض الظن إثم - بأنه لن يتضرر من عدمها، فإننا نقول له : هذه مجرد مكابرة !.. فأنت تحتاج لشحن جوالك فتوفر الجنيه الذي تدفعه – ربما يومياً - لمحلات الشحن!،وتحتاج للمبة تخرجك من الظلمات إلى النور، وتشجّع ابناءك على المذاكرة بدلاً من لمبة ( سجمي انطفت) التي لم تعد تواكب العصر!!،. ومكواة كهربائية تغنيك عن كيس الفحم ( أبو جنيهين) الذي يحتوي معظمه على ( دُقّة ) فحم وليس فحماً!. ومروحة و( يمكن) مكيِّف يعدِّل جو منزلك ويجعله مريحاً، لتتحول ( صرَّة وشَّك) الكالح إلى ابتسامة أعرض من بوابة جارك ( العندو عربية!). وتلفاز وديجيتال ( يلِمّ العيال) من ( الصياعة ) في الشوارع، و التعرض لكل السلبيات وأنواع ( الجراثيم و الميكروبات) التربوية التي تعجُّ بها الشوارع!. وثلاجة تكفيك ( شر) الشراء اليومي للخضار من سوق الوحدة ( الأفلت)!!. وغسّالة تريح يدي حرمكم المصون المهرية بغسيل ( هدوم الشُفّع !). ولمبة في كل عمود بالشارع للقضاء على ظاهرة ( الثنائيات العاطفية: كل الناس إتنين إتنين) الشبابية المتستّرة بالظلام الحالي في أركان بعض الشوارع الجانبية ..( ماااا تسألني ليه!!). ولا تنس التحوّل الإيجابي لبيئة مساجدكم فتصبح أكثر جاذبية وراحة للتعبُّد، ومدارس أبنائكم المسقوفة بالزنك غير الملقّم الذي يخلق بيئة لا تصلح للتعليم للتلاميذ و المعلِّمين، فسقف الزنك يحوِّل الفصل في الصيف إلى سخّان ، وفي الشتاء إلى ثلاجة!!.وهذا معروف لدي وزارة التربية التي لا تحرك ساكناً!. فبالكهرباء سيكون بإمكانك التبرُّع للمدرسة لاستجلاب المراوح والإضاءة وترقية بيئة أبنائكم وبناتكم بمدارس( النهضة ) بنين وبنات و( الوحدة الإسلامية ) بنين وبنات لمرحلة الأساس، وغيرها وبالتالي يتحقق الشعار العصري" عندي كهرباء إذن أنا موجود!!"، وهذه بمثابة دعوة للتبرع لهذه المدارس. ويتبقى أن نذكر ضرورة التعامل مع هذه الكهرباء بالحرص اللازم وترشيد الاستهلاك، فأنت في حضرة ( الجمرة الخبيثة) ياسيدي ( ماااا تدقُس )!!. و ختاماً نتمنى أن نرى الكهرباء تمتد للجّارة المسماة ب ( الصالحين- مربع 52) ، التي لم يدخلها حتى الإمداد المائي بعد، وما زالت تشرب بالكارو، وتطلق على نفسها اسم ( الرواكيب).. ولا أدري لماذا؟!. على العموم نعدكم بزيارة تلك المنطقة قريباً بإذن الله لنقف على حكاية ( دجاجة تنظيم القرى)، دجاجة ( اللقهورن) التي كانت ( تبيض ) ذهباً هناك، ثم اختفت في ظروف غامضة .. غامضة جداً!. وبالمناسبة.. أنا لست صاحب منزل بالجزء الخامس- الوحدة، وإنما مجرّد مستأجر!. وغداً عندما أتأكد من اكتمال إدخال الكهرباء، وسفلتة شارع الوحدة بإذن الله، فربما أغادرها وأسكن في ( راس الشيطان!!) لأطالب بالبنيات الأساسية لتلك المنطقة ميدانياً من هناك!. فأنا من زمرة المواطنين الذين لم تشملهم عناية برامج الخطط الإسكانية بعد، وينتمون إلى منظمة وهمية تسمى ( مواطنون بلا بيوت!!)، وهي منظمة غير طوعية طبعاً، مهمتها ( إغناء) أصحاب المنازل ب(قروش الإيجار)!!. [email protected]