الاغتراب للخارج او الاغتراب فى الداخل او الصفعة المزدوجة فى وجدان الانسان السودانى المجهد ففى الحالتين هو حزن فى قلب مهاجر مكلوم ونزف من جرح وطن مهزوم. بكل معايير الهروب لم يترك للسودانى خيارات عديدة فركون واستكانة فلا هواء شرف يتنفس ولا عبير كرامة يستنشق فى وطن دمرته حكومة ناشزة وشعب مستكين. الاغتراب قطار الهروب الاجبارى فانت لا تحزم الامتعة فحسب وانما تلملم ماتبقى فيك من كرامة انسانية لتسلك طريق تحفه المشقة وتقطنه الدموع لتضع فى حقائب السفر زاد الرحيل كميات من الالم واكداس من الاحباط انه الهروب من بوابة الوطن لتخرج من هناك اهم الكوادر الوطنية الفاعلة وقد كبلتها خيبات الامل المستمر وقد يكاد الهروب من الوطن يصبح اقرب ما يكون بانحدار شعب بأكمله الى هاوية التبعثر. يظل اخطبوط الانقاذ المشؤوم نيرون روما الذى احرقها ثم جلس على تل خرابها ليتسلل اهلنا من ديارهم مكرهين مجبرين وليس هناك فى الوطن الا الاحتراق بين جدرانه اوالرحيل الطارد خوفا من نيرانه . فيما مضى نعلم ان الاغتراب يسرق كنوزالعمر التى لاتشترى ولاتباع وان ما استلبته لايمكن بأى حال ان يسترد ليظل المغترب حبيسا لسطوة الهجرة رهينا لامال اصبحت عصية المنال فى وطن العازة. اليوم نعيش فى وطن مغترب الذات يدور فى فلك الفوضى والارتفاع الرهيب فى الاسعار وقد ارهق اهلنا الجوع وسلبتهم الانقاذ بسبب رعونتها وانحرافها كل معانى الحياة الكريمة بل سلبتهم قيمتهم الانسانية وقد بكى فيهم ومنهم ولهم الصبر حتى جف معين الفرح ونضبت الابتسامة فاصبحت الاحزان فيهم سمة تلازم ايامهم وتلون احلامهم . فبين خوف من قمع حكومة مغرورة وانتظارغير مجد من معارضة غير مسؤولة يبقى المواطن المغلوب على امره بين مطرقة الحكومة الجائرة وسندان الاستكانة والخنوع من احزاب بائرة خائرة. منتصر نابلسى [email protected]