سيل من الهجوم والانتقادات الحادة كانت قد صوبتها مجموعات وكتل برلمانية معارضة ناحية "منصة " احمد ابراهيم الطاهر في مراحل سابقة وفي قضايا مفصلية ومصيرية للسودان ولكن كل هؤلاء الذين نصبوا مدفعياتهم "الثقيلة" في وجه قيادة البرلمان ومنظومته الكلية قد ترجلوا او ان مرحلتهم قد انتهت وتلاشت وبات الجهاز التشريعي كما العجوز فاقدة الاسنان . تسريبات كثيرة واعترافات مثيرة جرت علي بساط قبة البرلمان طعنت في شرف الممارسة البرلمانية ونالت من حق السلطة التشريعية في بلادنا فالذي جري من مساجلات ومرافعات واحيانا احتقانات بين منصة البرلمان السابق ومجموعات التجمع الوطني والحركة الشعبية انذاك يعتبر من الشواهد البائنة التي تثبت حقيقة ان المنصة البرلمانية القديمة المتجددة لم تنال رضي النواب ولم ترتقي لمستوي رغبات واشواق الشعب المنتظر فاختلت الموازين وغابت الارادة تلك هي الحقيقة التي تثبتها المعطيات ليس علي مستوي طبيعة ومحتوي ما يطرح ويناقش تحت القبة فحسب ولكن حتي في عدالة توزيع الفرص علي النواب المعارضين والمتحالفين وحتي المنتمين جميعهم ربما يلتقون علي جبهة واحدة تري في كيفية ادارة الشان البرلماني اختلالا بينا . وبالامس خرجت الاستاذة سعاد الفاتح البدوي احد ابرز القيادات النسوية التاريخية في الصف الاسلامي والمؤتمر الوطني من قبة البرلمان مغاضبة ومحتجة علي طريقة احمد ابراهيم الطاهر رئيس البرلمان في توزيع فرص المداخلات والمناقشات في جلسات البرلمان وهذه الغضبة لا يجب النظر اليها بمعزل عن حالة عدم الرضاء بين المنصة وكتلة نواب المؤتمر الوطني التي كان يتزعمها الدكتور غازي صلاح الدين وهنا لابد من الاشارة الي قضية المعارضة البرلمانية وضرورة تقويتها وافساح المجال لها وهي القضية التي كان قد نادي بها الدكتور غازي غداة خروج كتلة الحركة الشعبية من القبة بع انفصال الجنوب والبالغ عددها 99 عضو حيث اقترح غازي وقتها ملء هذه الشواغر باعضاء من المعارضة حتي يكون البرلمان علي حد قوله معتبر وله ارادة ونفوذ علي الجهاز التنفيذي الا ان هذا الاقتراح يبدو انه ذهب ادراج الرياح وبالضرورة تعني حالة سعاد الفاتح ومن قبلها الدكتور غازي اتساع قاعدة المناهضين لهذه الادارة البرلمانية وذلك بانضمام منسوبين من المؤتمر الوطني الي قائمة الذين ينظرون الي احمد ابراهيم الطاهر وكانه يمارس ديكتاتورية توزيع الفرص خصوصا ان الحالة هذه تعتبر من ضمن الاتهامات القديمة التي صوبتها المعارضة في وجه الحكومة وبرلمانها . قد تعني حالة الاستاذة سعاد الفاتح احدي اهم الفصول التي تتجلي فيها ظاهرة التاكل من الداخل والتي تعتبر كنتاج طبيعي لحالة وكانها مرضية اواختلالات داخلية تعاني منها منظومة الحزب والا لما اتهمت سعاد الفاتح حليفها "الطاهر" واتهمته في فضاء مفتوح بانه ب يمارس قدرا من العدالة المختلة وان يعطي الفرص لرؤساء اللجان ثم رؤساء الكتل البرلمانية ثم الوزراء ثم المهمين ثم "السمحين" كما قالت والطريف في غضبة سعاد الفاتح انها ليست من المهمين ولا من "السمحين " . وفي سياق القضية ذاتها اقرت الاستاذة عواطف الجعلي عن كتلة المؤتمر الوطني بان هناك "اشياء" غير سليمة تظهر في عملية توزيع البيانات والتقارير علي النواب في ذات الجلسة لمناقشتها رغم ان اللائحة البرلمانية تتحدث بوضوح عن ضرورة احاطة النواب بالتقارير والبيانات في وقت كاف قبل المناقشة في الجلسات ولم تستبعد الاستاذة عواطف الجعلي في حديثها "للانتباهة" ان يكون لقيادة البرلمان دور واضح في هذا السلوك والذي وصفته بانه احد ظواهر التعتيم وتكميم الافواه وقالت ان البرلمان الان لا يمارس دوره الكامل في الرقابة وتمثيل المواطنين وحماية حقوقهم حتي بات في نظرها بانه مجرد "رديف" للجهاز التنفيذي واستشهدت علي ذلك بان الميزانية العامة للدولة كان من الاجدي اعمال اللائحة حتي تناقش الميزانية باستفاضة باعتبارها تشكل قضية هامة الا ان قيادة البرلمان قد تضطر الي حجب او حرمان النواب الذين تمضي مناقشاتهم في غير منهج الموازنة بل ان النواب الذين لهم اراء صارخة لا تتاح لهم الفرصة داخل قبة البرلمان خصوصا اذا سجل هؤلاء النواب اراء معارضة علي مستوي اللجان علي حد قولها . ولان البرلمان بحسب توصيف الاستاذة عواطف ما عاد يلعب دوره الحقيقي بل اصبح كجهاز "رديف" للجهاز التنفيذي استهجنت الاستاذة عواطف استحواذ الوزراء علي المناقشات والمشاركات داخل القبة الامر الذي ضيق الفرص علي النواب مما يعني انتهاك لحق الممارسة البرلمانية ومن المنطق ان يكتفي السادة الوزراء بمناقشاتهم داخل مجلس الوزراء او ان تتاح لهم فرص التعقيب بعد مناقشات النواب الا ان الطريق لم تسلكة قيادة البرلمان كما يبدو . [email protected]