كنت قد كتبت ليلة انفصال الجنوب مستغربا عدم خروج مظاهرة واحدة فى الشمال ضد الأنفصال ولم يصدر أى من أحزابنا او منظماتنا الشعبية بيانا بالمناسبة الحزينة ، كما أنه لم يسجل أى فعل شعبى أورسمى أحتفالا بذلك سوى أشارات تنقصها الفطنة والحكمة صدرت عن " منبر السلام العادل" لصاحبه المهندس الطيب مصطفى ، حدث بهذا الحجم و المرارة مر " مرور الكرام" ولم تهتز فينا شعرة ولم يطرف لنا جفن ، وقتها دارت مناقشات عديدة مع عدد من الصحفيين والسياسيين فأرجع البعض منهم " لامبالاتنا" هذه الى التسليم بالامر الواقع والبعض قال أن انفصال الجنوب تم سياسيا بتوقيع اتفاقية نيفاشا ، أخرون أرخوا له باغتيال النائب الاول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة جنوب السودان القائد جون قرنق ، ولكن الجميع لم يجد تفسيرا منطقيا لحالة الانفصال الذهنى التى حدثت لنا ، فلم تسجل ردود أفعال ملموسة غاضبة او غير غاضبة من معارضى الأنفصال أو مؤيديه، حتى عندما تدهورت الأوضاع الاقتصادية فى الشمال لتوقف ضخ البترول بعد أحداث هجليج لم يلوم احد حكومتنا على تقديمها ملف الاوضاع الامنية على ماعداه من ملفات تتعلق بالنزاع فى أبى أو ما يلى المنطقتين فى جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ،كما لم يكترث الراى العام لمرحلة الاغلاق و الاغلاق المضاد للانبوب ،ما يحدث اليوم من فتنة فى الجنوب هو امتداد لما حدث فى الاول من اغسطس 2005 م ، التجاوزات الدستورية والتواطوء بين القيادات الجنوبية تم قبل دفن جثمان القائد جون قرنق ، بدا ذلك بدعوة مجلس التحرير للانعقاد وهو قد صدر قرار بحله " فى 16 يوليو 2005 م" قبل أسبوعين فقط من أغتيال القائد جون قرنق ، وهى قرارات صدرت وفقا للدستور الانتقالى لسنه 2005 المادة "225" وأستندت على دستور حكومة جنوب السودان المادة 3"266" أصدرها القائد جون قرنق بصفته رئيسا للحكومة والجيش الشعبى ونائبا أول لرئيس الجمهورية ،معنون مرسوم رئاسى رقم "2" لسنه 2005 ، أعفى بموجبة القائد جون قرنق الولاة والوزراء والمستشارين وحل الحكومة الولائية ، و اشتملت القرارت على قرارات صادمة و غير متوقعة ، فصدر قرار بحل مجلس التحرير ، وحل المجلس التشريعى للحركة ، أعفاء رئيس هيئة أركان الجيش الشعبى ونوابه وأحالتهم للمعاش وتكوين أجهزة مؤقتة لادارة الحركة الشعبية تمهيدا لقيام المؤتمر القومى الثانى للحركة الشعبية بالتشاور بيم رئبي الحركة ( د جون قرنق ) و نائبيه " سلفاكير ، مشار" ، بعد لنتهاء مراسم الدفن رجع كل الى مكانه الذى كان فيه قبل صدور قرارات و مراسيم 16 يوليو 2005 م ، و سكتت حكومة الخرطوم على التجاوزات الدستورية التى خالفت الدستور الانتقالى لسنة 2005م ، و تواطأت قوى اقليمية و دولية على تلك التجاوزات ، هذه الدماء التى تسيل بغزارة اليوم بين ابناء الجنوب ما هى الا امتداد لتلك الدماء التى نزفها القائد جون قرنق ، تستمر لا مبالاة فعلى الصعيد الشعبى و الاعلامى يتناقل الناس اخبار احداث الجنوب كما بتناقلون احداث ميانمار ، الحكومة تنأى بنفسها او هكذا تقول و الحديث يدور حول سلامة الانبوب و استمرار ضخ بترول الجنوب و احتمالات توقفه ، القوى السياسية و المعارضة تنتوى التوسط و لا يتحرك احد ، يا هؤلاء لقد تلطخ الانبوب بالدماء يوم دفن القائد جون قرنق دى مبيور يرحمه الله ،، نشر بصحيفة الجريدة [email protected]