عقب فراغ المكتب القيادي للمؤتمر الوطني من تسمية طاقمه للوزارة الجديدة والليل وقتها قد أسدل ستاره والصحفيون كانوا منتظرين على البوابة الرئيسية حيث خرج إليهم الدكتور نافع علي نافع وأدلى بالتصريحات ذاكراً أسماء الوزراء الجدد بينهم الذين دخلوا الوزارة لأول مرة وهناك من تم ترفيعهم وهناك من أُبقي عليهم استناداً إلى مرتكزات وتقديرات مركزية من القيادة العليا أو من بينهم الذين أبقوا في وزاراتهم مثل الدكتور فيصل حسن إبراهيم وزير الثروة الحيوانية والسمكية وقد ذكر (نافع) مبررات مقتضبة لكونها ضرورة رأتها رئاسة الجمهورية وذلك لإكمال برنامج الإصلاح والخطط الطموحة التي بدأها لتطوير قطاع الثروة الحيوانية ورفع كفاءته الإنتاجية والإيفاء بالمتطلبات العالمية، وهي خارطة طريق لمشروعات كبيرة. الكل يعلم أن الثروة الحيوانية والزراعية هي بترول السودان الحقيقي وروافد رئيسة لاستدامة الاستقرار الاقتصادي بالبلاد والاهتمام بهذين القطاعين يمثل صمام أمان سيما وأن البلاد تخطو نحو النهضة الاقتصادية والزراعية، ومعلوم ما تعانيه هذه القطاعات من تحديات كبيرة جعلت المواطن والخبراء يتساءلون عن مدى برامج وفعالية مشروعات مؤسسات الدولة في هذا الاتجاه وهم يرون ويعيشون تأثيرات الأزمة الاقتصادية الراهنة وما يعانيه السوق من شح في الدولار والعملات الأجنبية وهو ما يحسب قصورًا ويحتاج لإرادة سياسية قوية ترفع هذا القطاع من خلال سياسات وخطط مدروسة وبجداول تنفيذية واضحة حتى يتحقق التكامل في الإنتاج واستغلال الموارد.. ولن يتأتى ذلك إلاَّ بتشييد بنيات أساسية لقطاع الثروة وبرامجه التحديثية لرفع الكفاءة الإنتاجية في جودة اللحوم والألبان وصناعة المنتجات الحيوانية الجلود وغيرها، وفي سياق ذلك يأتي دور القطاع الخاص كضرورة ملحة ورأس رمح في أي عملية لتطوير هذا القطاع وبناء اقتصاد مصرفي، هناك قضية مهمة جداً في هذا المجال وهي التعداد الحيواني وذلك لمعرفة العدد الكلي والفعلي لثروتنا الحيوانية ووضعها في سجل بيانات، وأذكر أن رئيس الجمهورية قد أصدر قراراً جمهورياً بأن يكون العام (2014م 2015م)، عاماً للتعداد الشامل، وهذا القرار يتطلب دورًا مكملاً من جهات أخرى لمعاونة اللجان الفنية المركزية والولائية لهذا الدور، وعلى رأس هؤلاء وزارة المالية وبنك السودان لتوفير التمويل اللازم والتنسيق مع المؤسسات الدولية العاملة في هذا المجال، وكما علمت أن منظمة الأغذية والزراعة العالمية قد أوفت بتوفير (499) ألف دولار خاصة بالدعم الفني والتدريب لهذا المشروع في مرحلة التحضير!! وبلادنا تخطو نحو المستقبل وهي تخطط لعمل بدائل اقتصادية غير البترولية ولدينا ميزات تفصيلية زراعية وحيوانية لا بد من رؤية شاملة لتكامل قطاع الثروة الحيوانية مع موارد الزراعة في دورات منتظمة ومترابطة خدمة للاقتصاد والقطاع الواسع المشتغل في هذين القطاعين الهامين، ولا بد من بناء شراكات حقيقية في إطار تنمية وتطوير الاستثمار في هذا المجال وهناك عدة خيارات يمكن أن تنهض بهذا القطاع ولا بد من عمل مزارع رعوية متكاملة في كل القطاعات الزراعية التي تشمل المطري التقليدي والمرويِّ الآلي، لأننا في السودان لا أحد يصدق بأننا نعاني من ارتفاع أسعار اللحوم والألبان وأحياناً نعاني من شُح في الألبان في بعض المواسم، وفي بعض المواسم هناك مناطق في السودان تقوم بإتلاف الألبان ودلقها في الوديان والفيافي لأنها لم تجد من يصنِّعها أو يستهلكها وبالتالي تقوم بإفراغها في الأرض حتى تستفيد من الأواني، وفي هذه الحالة (الماعون) أهم من (المنتج). هذا جزء يسير جداً من المعوقات والقصور في قطاع الثروة الحيوانية الذي سوف نواصل فيه هذه السلسلة من المقالات والتحليلات مستفيداً من قاعدة البيانات والمعلومات الخاصة بي باعتباري أحد المنتجين أو المربين لهذا القطيع المهم وإدراكي العميق بمعاناته والظروف التي يعيشها المنتج. [email protected]