تقرير أممي: الجيش مسؤول عن الجرائم وتدهور الوضع الإنساني في السودان    وزارة الصحة تستقبل طائرة مساعدات إنسانية وطبية تركية تبلغ 37 طناً لمكافحة الكوليرا    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    مانشستر سيتي يستهل مونديال الأندية بالفوز على الوداد المغربي بهدفين دون مقابل    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    أمام الريال.. الهلال يحلم بالضربة الأولى    كامل إدريس يؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين السودان والكويت    الجيش الشعبي يحرر (الدشول) الاستراتيجية بجنوب كردفان    "الدعم السريع" تبسط سيطرتها الكاملة على قاعدة الشفرليت العسكرية    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    ترامب: "نعرف بالتحديد" أين يختبئ خامنئي لكن لن "نقضي عليه" في الوقت الحالي    كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    عَوض (طَارَة) قَبل أن يَصبح الاسم واقِعا    إنشاء حساب واتساب بدون فيسبوك أو انستجرام.. خطوات    عودة الحياة لاستاد عطبرة    السهم الدامر والهلال كريمة حبايب في إفتتاح المرحلة الأخيرة من الدوري العام    شاهد بالصورة والفيديو.. تيكتوكر سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (بحب الأولاد الطاعمين "الحلوات" وخوتهم أفضل من خوة النسوان)    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تظهر بدون "مكياج" وتغمز بعينها في مقطع طريف مع عازفها "كريستوفر" داخل أستوديو بالقاهرة    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس يؤجل مفاجأته ليوم أخر

لا اعتقد هناك عمل معارض قوي ضد الإنقاذ، أستطاع أن يؤثر عليها سلبيا في مسيرتها المستقبلية، مثل الشخص الذي أطلق مقولة، إن للرئيس مفاجأة سوف يلقيها علي الشعب السوداني، حيث أرتفعت سقوفات التنبأت، منهم من اعتقد تشكيل لجنة قومية لصياغة الدستور، ثم تليها تشكيل حكومة قومية تشرف علي الانتخابات، و هناك من تحدث بأن الرئيس سوف يعتزل العمل السياسي، و يسلم مقاليد الأمور لنائبه الأول، هناك من تحدث عن إلغاء القوانيين المقيدة للحريات، و كل شخص بدأ يمني نفسه أن هناك إصلاحا حقيقيا سوف يجري في الدولة و الحزب، و أهمها تفكيك دولة الحزب لمصلحة دولة الوطن، و لكن كل تلك قد تبخرت و إختصر الرئيس قضيته في الحوار الوطني، و الذي تحدث عنه في كل خطاباته دون أن ينتقل من الورق للواقع، خابت الرجاءات، و ظل الاعتقاد إن الرئيس قد أجل مفاجأته ليوم آخر.
جاء الرئيس متحدثا من منبر المؤتمر الوطني، لكي يعلن إصلاحات وطنية، و كان من المفترض إذا كان هناك جدية في عملية التحول السياسي، و إن الرئيس استشعر، بأن هذه المشاكل لا تحل إلا بتضافر جهود كل السودانيين علي مختلف إنتماءاتهم، كان عليه أن يأتي مرتديا الثوب القومي، و متحدثا من منبر وطنيا و ليس حزبيا، متحدثا بصفته رئيس الجمهورية، الصفة التي لم يستطيع طوال حكمه أن يؤكدها كواقع، و لكن الرئيس لا يستطيع أن يخرج من عبأته الحزبية الضيقة، مناشدا القوي السياسية أن تأتي لكي تأتمر بأمرة المؤتمر الوطني، و هذه أفسدت التطلعات، و جرت وراءها خيبات الأمل و الرجاء، طوال خطاب الرئيس كنت اعتقد إن الرجل يريد أولا توصيف المشكل، ثم ينتقل إلي تصوره لآليات الحل، و لكن عندما ختم خطابه، قلت في نفسي، ربما إن الرجل قد نسي الورقة الأخيرة في الخطاب، في المكان الذي كان يراجع فيه الخطاب، كانت آلية الرئيس الرئيس للحل القومي الحوار الوطني، دون أية ضمانات، كم مرة تحدث السيد الرئيس عن الحوار الذي لا يملك إرادته، إن إقالة قيادات من المؤتمر الوطني و الدولة، كانت أقوي من مفاجأته، جاء الرئيس متحدثا عن برنامج حزبه بذات المنهج القديم، فقط بتغيير وجوه هي أقلة خبرة سياسية من سابقتها، تريد أنتاج الإنقاذ بماركة جديدة، و لكنها لا تملك مقومات الاستمرار، بحكم المرتكزات التي ذكرها الرئيس.
إن المرتكزات الاربعة التي تحدث عنها الرئيس و هي " وقف الحرب و العمل من أجل تحقيق السلام و حرية الفعل السياسي و معالجة المشكلة الاقتصادية و الهوية السودانية" و كان حديثا يشير إلي إخفاقات المؤتمر الوطني، و الذي حكم البلاد ربع قرن، دون أن ينجح في إنجاز واحدة من تلك المرتكزات، يريد الرئيس من القوي السياسية أن تتحاور في وثيقة المؤتمر الوطني، و تحت أمرة المؤتمر الوطني، و إشارف المؤتمر الوطني، تحدث الرئيس عن الحوار الوطني، و هو يعلم إن البيئة غير صالحة لمثل هذا الحوار، بيئة يمتلك مفاتيحها جهاز الأمن الوطني، في منع الناس عن الكتابة، و منع القوي السياسية من ممارسة نشاطاتها السياسية، بيئة تغلق فيها أبواب منظمات المجتمع المدني بقرار من جهاز الأمن, بيئة تصادر فيها كل يوم صحيفة، و تغلق أبواب صحف أخري، بيئة فيها صوت الرئيس أقوي من نصوص الدستور، في ظل هذه البيئة الموبؤة لا يمكن أن يتم حوار وطني، لآن من أهم عوامل نجاح الحوار الوطني، أن تطلق الحريات السياسية و الفردية و التعبيرية، لكي يقول الناس حديثهم بصراحة، الآن البيئة غير صالحة، و قد لوثها جهاز الأمن و المخابرات، بسياسة مصادرة الصحف و إغلاقها، حيث غرز في صدر كل صحفي رقيبا ذاتيا، يجعله مترددا في سبر أغوار المشاكل، و الحديث عنها بصراحة، خوفا من المصادرة و إغلاق باب الرزق، فهل في مثل هذه البيئة الخربة يمكن أن يجري الحوار الوطني، و يأتي بنتائج طيبة.
هل بالفعل هذه كانت مفاجأة الرئيس لشعب السودان، أن يشير للمشاكل التي أدخل المؤتمر الوطني فيها السودان، ثم يقول تعالوا نتحاور دون أن يحدد آليات الحوار و ضماناته، في الوقت الذي ماتزال هناك أزمة ثقة بين الحكومة و المعارضة، و رؤية المعارضة إن المؤتمر الوطني ليس جادا في عملية الحوار، أنما يطلقها فقط لكي يعبر بها مرحلة الأزمة فقط، و كيف يكون الحوار الوطني و كل المؤسسات القومية هي في خدمة المؤتمر الوطني، و فقدت مشروعيتها القومية، هناك إختلالات في الدولة تمنع عودة الثقة بالوعود. الحوار الوطني لكي يأتي بنتائج طيبة يجب أن يتم وفق آلية وطنية و قومية، دون ذلك مثل الذي يحرث في البحر.
السيد الرئيس، نحن دعاة حوار، و دعاة سلام، و دعاة وطنية، و لكن لا نستطيع تشجيع حوار في بيئة مختلة، تنعدم فيها الحرية و الممارسة الديمقراطية، بيئة يديرها جهاز الأمن و المخابرات برؤية ضيقة، بأنه جهاز مهمته الأساسية فقط الدفاع عن سلطة المؤتمر الوطني، و لا ينظر أبعد من ذلك الحوار الوطني، و الحوار يجب أن ترعاه عقليات مؤمنة بقضية الحوار، مؤمنة بالديمقراطية، مؤمنة بالرأي الأخر، و كل تلك المطلوبات لا توجد في المؤسسات القائمة، و التي سلبت صفتها القومية، و أصبحت جزءا من الحزب الحاكم، كان الأمل أن تشكل لجنة قومية ترعي الحوار الوطني، بعيدا عن التصنيف الحزبي، و أن يكون للمؤتمر الوطني سهما واحدا كما لبقية الأحزاب الأخري، كنا نعتقد أن تشكل لجنة قومية لصناعة الدستور، بتوافق مع القوي السياسية، كنا نتوقع إطلاق الحريات الصحافية، و تجميد القوانيين المقيدة للحريات، كنا نتوقع قومية أجهزة الإعلام، لكي تستطيع أن تشارك بفاعلية أكبر في نقل رؤي القوي السياسية، و هي الآن تحت قبضة المؤتمر الوطني، و بالتالي لا تستطيع أن تسهم بصورة فاعلة في عملية الحوار الوطني، كل ذلك يجعلنا لا نثق في الدعوة لأنها تكررت كثيرا سرعان ما يرتد عنها المؤتمر الوطني، فالهوة شاسعة بين الحكومة و المعارضة، و لا يمكن ردمها بخطاب فقط، تدعي إليه بعض رموز المعارضة، و في دعاية مبرمجة أن هناك مفاجأة سوف يقدمها الرئيس، و التي اعتقد إنها سقطت، ربما يكون سهوا عن الخطاب.
حقيقة إن الخطاب في مضمونه الكلي، هو أريد منه تشخيص المشاكل التي تعاني منها البلاد، و إن المؤتمر الوطني لا يستطيع حلها لوحده، إلا من خلال بعد قومي يشارك فيه كل الناس، و لكنه سكت عن كيف يتم ذلك، و و جاء التشخيص بعيدا عن ذكر الأسباب التي أدت لكل تلك المشاكل، إن استخدام لغة التبرير بعيدا عن المنهج النقدي، لا تفيد في البحث عن الحلول لتلك المشاكل، و هذه رؤية للخطاب ربما تصيب أو تخطيء، و لكن ليس هناك فرصة للتفأول، و نسأل الله لنا و لهم الهداية.
نواصل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.