منذ إندلاع الأحداث الدامية في جنوب السودان نهاية العام المنصرم،والتي لاتزال مستمرة بصورة متفرقة تسببت في هجرة قسرية للمواطنين فرارا من الموت،وبعضهم هاجروا الي معسكرات الأممالمتحدة طلبا للحماية،والبعض الأخر فر هاربا لدول الجوار للغرض ذاته،وفي هذا المضمار لايفوتني الإشادة بالحكومات التي أجلت كافة راعاياها من المناطق التي إحتدمت فيها الصراع خصوصا في ولايتي أعالي النيل والوحدة،وعلي سبيل الذكر حكومات اثيوبيا،كينيا ويوغندا وغيرهم،ولم يبقي في تلك المعسكرات سوي مواطني جنوب السودان الذين فر بعضهم لوطنهم الأول،وبقيه البعض الأخر صابرا يأمل إنتهاء الحرب اللعينة.بالإضافة الي السودانيين الذين نفد صبرهم من عمليات الإجلاء ومنهم من فر بجلده في الغابات قاصدا وطنه وهو من غير زاد،ومنهم من إتخذ الإنتظار خيارا رغم تضرعهم جوعا وخوفا من المصير المجهول!والكثيرون منهم مرضي إلتهمتهم الأمراض إلتهاما وهم جوعي منذ شهر ونيف ولا حياة لمن تناديء. والأكثر مرارا حال أؤلئك الموجودين خارج المعسكرات في منطقة لير بولاية الوحدة،فقتل منهم من قتل وفقدوا تسعة من الأرواح من أصل مائتين والباقون أيضا يواجهون المصير نفسه،وقد فقدوا كل مايملكون ونهبوا أيضا ومازال لديهم هاتفا واحد يطلبون به النجدة مرارا وتكرارا من السلطات الرسمية،وتارة يخاطبون وسائل الإعلام الي ان حالفهم الحظ في مهاتفة قناة أمدرمان وقد ناشد الأستاذ/حسين خوجلي أجهزة الدولة وطالبهم بالتحرك السريع تجاه المواطنين التائهين. والجدير بالذكر ان السفارة السودانية بجوبا علي علم بهذا الأمر وقد ناشدناها مرارا وتكرارا ولكن المؤسف أنها لم تحرك ساكنا بعد!وتتخذ موقف المتفرجين وتترك راعاياها يموتون إنها لوصمة عار ماهكذا هي شيم السودانيين!!والأكثر غرابة ان القائم بأعمال السفارة يتهرب من الموضوع وتارة يقول أن موقفهم صعب لان المتمردون يحسبونهم من منسوبي حركة العدل والمساواة،ومرة اخري يقول أنهم شماليين ودائمين لنظام سلفا ،وطائرات الصليب الأحمر خسرانه وكمية من التفاهات التي لا تفهم ولا تصدر من موظف دوله راشد فياء للعجب!! فبالله عليكم كيف يكون الموقف عندما توصل رسالة لمسؤول دولة عن ناس يموتون وهو يقابلك بدم بارد ،فتملكنا الإحساس بضربه وخنقه لولا تمالكنا الأعصاب ولكنا حتما سوف نفتقدها إن جرت الأمور علي هذه الشاكلة. وفي تقديري أن للسفارة السودانية بجوبا مساحه كبيرة للتحرك إن تركت خزعبلاتها في تصنيف السودانيين هذا طابور خامس وهذا تابع لحركات مسلحة وغيره من التكهنات،وعملت علي التنسيق مع منظمات الأممالمتحدة والصليب الأحمر، فإنها حتما تستطيع إجلاء رعاياها وبصورة سهلة فقط كيف لها ان تخلص النية في ذلك وبالتأكيد ان كل الصعاب سوف تهون. عزيزي القارئ ضع نفسك مقام هؤلاء وفي مكان واحد وترئ بأم عينك يوميا الدول تجلي رعاياها بصورة دورية والذاهبون يودعونك يوميا وهم يلوحون بأيدهم مع السلامة وانتا الباقي ولا احدا يسأل منك ألم تلعن الدولة التي أنجبتك والشعب الذي تنتمي إلية وهو ساكت أيضا. وها مرة أخري أناشد الحكومة السودانية وأجهزتها المسؤولة الإحساس بالمسؤولية والإعتراف بالتائهين هم مواطنيها ويحملون الجنسية السودانية تماما مثل رئيس البلاد الذي إقتبس في خطابه السابق كلمات من رمزيتنا الفتية نشيد العلم إن دعاء داعي للفداء لم نهن،اذن الكرة في مرماك طالما تحدثت عن مرحلة جديدة فعلي رئيس الجمهورية إثبات ذلك بإعادة من بقوا من المائتين من السوانيين في منطقة لير،سالمين لأرض الوطن لأن هنالك العديد من الأمهات والأباء والزوجات في إنتظارهم ولعلي اكتب هذه السطور أستشعر خفقات قلوبهم وأياديهم المرفوعة للسماء بالدعوات ليلا ونهارا ورغم إنقطاع التواصل عبر الهاتف الواحد إلا ان أملهم مازال باقيا وكبيرا فأرجوا أن لا تغيب ظنهم. وفي هذا المضمار أيضا اناشد الكتاب والصحفيين والإعلاميين كافة بالقيام بواجبهم الوطني والإنساني كما يملية ضمير المهنية المصبوغ بالانسانية،بالاضافة للأجسام الأخري التي تستطيع لعب دورا إيجابيا في هذا الأمر ومن أي مكان فالهدف واحد هو إخلاء سبيل هؤلاء النفر الكريم من أبناء عمومتنا،ولنرفع معا شعار مقتل سوداني مقتل أمة ونقل جميعا كفاية هلاك ويكفي ما فقدناهم في جنوب السودان،دارفور،كردفان،النيل الأزرق وأحداث سبتمبر الأخيرة،ولسنا حريصون علي فقد سوداني أخر دعك من هذه الكوتة ،أولم يكن إسرائيل عبرة وجميعكم يعلم من هي عندما إستبدلت أسيرها الواحد بأكثر من ألف من الفلسطينيين!لذا أرجوا أن نعود لرشدنا وجوهرنا السوداني الأصيل الذي كان منا من يدخل رأسه في فوهة المدفع فداءا لأخوته في سابقة لم يشاهد العالم لها مثيل!ومن هذا المنطلق العظيم لابد من القيام بواجبنا تجاه ذوينا ممن بقوا في لير والبالغ عددهم 191سوادني وإن اهملنا ثانية ونقص فردا واحدا من هذا العدد فهو مسؤوليتنا أمام الله والتاريخ والإنسانية جمعا. بقلم/صالح مهاجر خلف الستار...جوبا 1/2/2014 [email protected]