حديث دار في مرمى سمعي بين اثنين من أصحاب آفة تقهقر شعر الراس (الصلع) في مركبة عامة, تحدث الأول عن أنه عندما يذهب إلى الصالون لحلاقة شعره فهو يدفع نصف القيمة فقط لأنه لا يملك شعراً كثيراً يغطي رأسه كله, فاستغرب الآخر وقال له: بالله, يعني أنا (مغشوش) زمني ده كله أدفع القيمة كاملة رغم أن (صلعتي أكبر من صلعتك).. والحقيقة أن أصحاب الصلع والجلحات الصغيرة.. يعانون كثيراً في المجتمع عموماً, سواء كان في السودان أو غيره, وأعتقد أن حظهم في السودان أفضل من الآخرين. وقد تمر بهم لحظات وظروف مختلفة عن الآخرين في صالونات الحلاقة هذه أقلها.. فهناك من ترفضه فتاة يريدها زوجة لأنه ذو صلعة واضحة, وهناك من ترفض الفتيات حتى الحديث معه أو التقرب إليه لذات السبب.. ولكن هذه الحالات ليست ثابتة كما يقولون.. فكانت لنا هذه الجولة مع بعض منهم لمعرفة المزيد.. * أحمد يقول: لقد بدأت معي الصلعة منذ أن كنت طالباً بجامعة بغداد قبل سنوات يمكن أن نقول عليها طويلة, ولكنها كانت في وسط الرأس فهي غير مرئية إلا لمن يكون واقفاً خلفي ليراها, لذلك في البداية لم تكن مزعجة بالنسبة لي بل لا أبالغ إن قلت إنني لم أكتشفها في البداية إلا بعد أن صارت كبيرة.. ولكني (طنشتها) تماماً لأنها بعيدة.. وحقيقة في السودان الرهان ليس على الشكل بالنسبة للرجل وإلا لكان الكثيرون سيخسرون ذلك الرهان, فالتعامل هنا يختلف عن الدول الأخرى والصلعة يمكن أن تكون مزعجة بالنسبة للنجوم المعروفين مثلاً ولكنها الآن باتت سمة مميزة للبعض من النجوم العالميين, وقد توصلت الأبحاث العلمية مؤخراً إلى أن هذه الصلعة ناتجة عن زيادة في بعض الهرمونات الذكورية.. إذن فهي محمدة وليس العكس فقد صارت (رمزاً للرجولة). * سعيد يقول: صلعتي هذه بدأت منذ عشرة أعوام وفي البداية فعلاً كانت مزعجة لكني الآن تعودت عليها وتصالحت معها تماماً, كما إن وجهة نظر المرأة في الأمر اختلفت الآن فصارت تغني لصاحب الصلعة: (يا أب صلعة فورمايكا.. أخلاقك ملايكة).. ولكني أرفض أن أتساوى بذوي الشعر الكامل في صالونات الحلاقة, فالزمن الذي آخذه في الحلاقة أقل من الآخر وقد صارت الآن الصلعة موضة عالمية, وقد أعطاني أحد الأطباء دواءً لمعالجة الصلعة مجاناً إلا أنني رفضت استخدامه.. وهناك شباب صارت بينهم الصلعة مثل الموضة تهرباً من الخدمة الوطنية في السنوات الأخيرة, إذن للصلعة فوائد كثيرة ومختلفة فهي للهيبة والرهبة. * ياسر قال: بعد تخرجي من الجامعة مباشرة بدأت معي الجلحات ثم صارت بعد عدة سنوات صلعة كاملة, وهي غير مؤثرة في حياتي العامة, وأرفض أن أتساوى بالآخرين أصحاب الشعر الكثير في سعر الحلاقة, بل من المفترض أن ندفع النصف فقط.. * ولكن أيوب قال: ربما زمان كانت المرأة تنظر إلى الرجل ذي الصلعة على أن به شيئاً ناقصاً, ولكن الوضع تغير الآن وأنا رغم صلعتي هذه لدي زوجتان حالياً, أما بالنسبة لسعر الحلاقة فهي عموماً ليست غالية فقد صار هناك حلاق بين كل حلاق وآخر, فالأسعار باتت رخيصة وكل واحد يستطيع أن يحلق في المكان الذي يستطيع أن يدفع سعره.. * الأستاذ محمد قال: لدي صلعة منذ سنوات طويلة ولكني لا أهتم بها رغم أنني أهتم بالأعشاب الطبية, واكتشفت أن بذرة ثمرة التبلدي بعد سحنها حتى تصير في شكل معجون ومسحها على الرأس فإنها تنبت الشعر, إلا أنني لم أستخدمها لأنني لا أريد تغيير شكلي بعد أن تعودت عليه وتعود عليه الآخرون بل انني متمسك تماماً بهذه الصلعة حالياً.. * علاء: لديَّ صلعة منذ أكثر من عشر سنوات ومتمسك بها جداً حالياً, وقيل لي إنها ناتجة عن زيادة نسبة الدهون ويمكن أن تنبت من جديد بعد الزراعة أو استخدام زيت القرنفل, لكني رفضت ذلك لأنني متصالح معها تماماً وعُرفت بها, وتغيير الشكل الآن بعد أن وصلت إلى سن الأربعين أمر غير مقبول وتزوجت بهذه الصورة, والغريبة أن المدام مطمئنة على أنه ليست هناك من تنظر إلي باعتبار الصلعة, فهي كلاسيك تعتبر أن الصلعة يمكن أن تنقص من شكل الرجل ولكنها لا تدري أنها الآن صارت موضة ومرغوبة أكثر من غيرها, ولكن الوالدة تقول دائماً إنها (جلحات) لأنها لا تريد أن تكبر نفسها فقديماً كانت الصلعة رمزاً للتقدم في السن وهي كعادة النساء ترفض أن تكبر.. الخرطوم: حنان الطيب