لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محطات فى مسيرة حركة حق
نشر في الراكوبة يوم 25 - 03 - 2014

نشأت حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) على خلفية عدد من الأحداث السياسية كان اهمها على الإطلاق هو قدرة حركة الإسلام السياسى على الوصول إلى السلطة عن طريق إنقلاب الإنقاذ العسكرى فى يونيو1989م. أما اهم الاحداث خارجيا فقد تمثل فى سقوط حائط برلين الشهير وإنهيار ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتى والكتلة الإشتراكية وزعزعة القناعات السائدة فى إمكانية تحقيق التنمية والعدالة الإجتماعية بمعزل عن تطبيق التعددية الديمقراطية وبسط الحريات العامة. ولذلك جاءت حركة حق كإستجابة طبيعية من المثقف السودانى تجاه التغييرات العاصفة التى إجتاحت العالم والتى كان من أبرزها على الإطلاق إنتشار مفاهيم الإسلام السياسى فى المنطقة وتدشين عصر العولمة الذى بدأت ملامحه تتشكل بنهاية الحرب الباردة حيث سيادة القطب الواحد وهو امر ضار بالشعوب حتى لو كان ذلك القطب يطبق مبادىء الديمقراطية الليبرالية مثل الولايات المتحدة التى ظلت تميل بإإستمرار الى تحقيق مصالحها اولا. فمن المعروف ان الديمقراطية لاتتوقف مبادئها على سيطرة الاغلبية بل لا تكتمل دون صيانة الحقوق الأساسية للإنسان وممارستها وتأتى الحقوق الإقتصادية على رأسها، وذلك فى عالم يتجه ببطء وان كان بثبات نحو التطور الأخلاقى والقانونى بدلا عما كان سأئدا من معتقدات سياسية قبرت مع الشيوعية تعتقد أن القيم والاخلاق مجرد بناء فوقى تابع.
ولذلك لم يكن من قبيل الصدفة ان تأتى القيادات التى تنادت لتأسيس حركة حق فى أغلبها ممن كانوا ينتتمون إلى حركة اليسار السياسى وعلى الاخص من الحزب الشيوعى السودانى ومن حركة الإصلاح الدينى ممن كانوا فى صفوف الاخوان الجمهوريين الذين شهدوا تآمر حركة الإسلام السياسى مع المؤسسة العسكرية فى إغتيال زعيمهم الشهيد الأستاذ محمود محمد طه على ايام الدكتاتور السابق الجنرال نميرى، وذلك قبل تامرها على النظام المدنى الديمقراطى الذى اعقب انتفاضة مارس ابريل التى كانت قد وضعت حدا لذلك النظام العسكرى. كانت حركة حق تطمح لتأسيس اول حزب ديمقراطى حقيقى فى السودان يكون ملتزما بمبادىء التجديد القيادى الدورى والمؤسسية بإتباع الاجراءات الديمقراطية بصرامة حتى يستطيع أن يملأ خانة الوسط أو يسار الوسط. كان على رأس العناصر القيادية الشابة التى إرتبطت بحركة اليسار المرحوم الأستاذ الخاتم عدلان والمرحوم د خالد الكد والأستاذ الحاج وراق سيد احمد، وكان من اهم العناصر التى ارتبطت بحركة الإصلاح الدينى فى إطار الفكر الجمهورى المرحوم الاستاذ بشير عيسى بكار ود. الباقر العفيف. وكان الأستاذ الخاتم عدلان عليه رحمة الله أول من إستقال من الحزب الشيوعى بعد سنوات طويلة من العطاء السياسى فى اكتوبر 1994م وذلك خلال مؤتمر صحفى أقيم فى مدينة الضباب أوضح فيه أن الماركسية اللينينية لم تعد تمثل قناعته والمنظور الذى يمكن ان يطل من خلاله على العالم من حوله ، وكان الرجل قد صاغ قبلها ورقة إصلاحية داخل حزبه الشيوعى تحت عنوان "آن أوان التغيير" تدعوا للإصلاح الديمقراطى الشامل فيه نظريا وعمليا. تتابعت الإستقالات بعد ذلك من الحزب الشيوعى ممن كانوا يتبنون نفس دعوة الإصلاح الديمقراطى وكان على رأس هؤلاء الاستاذ الحاج وراق فى ديسمبر 1995م، وجدير بالملاحظة هنا أن الإستقالات كانت قد تمت وفق تقديرات سليمة حيث تأكد فيما بعد مدى إستحالة تحقيق الإصلاحات المطلوبة بسبب جملة إرتباطات للحزب فكرية واخرى اجتماعية لا يمكن الفكاك منها.
أسس المرحوم الخاتم عدلان ومن معه بالمملكة المتحدة الحركة السودانية للديمقراطية والتقدم التى إندمجت مع المنبر الديمقراطى فى ذلك البلد الذى صار قبلة للمهاجرين السودانيين وذلك فى يوليو 1995 فى مؤتمر لم يكن موفقا فى إقناع الجميع بخطوة الإندماج خاصة فى اوساط عضوية المنبر الديمقراطى، ولكن وعلى اية حال كانت حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) هى حصيلة المخاض المتعثر بين التنظيمين. تم بعدها بشهر تقريبا أى فى أغسطس من نفس العام اندماج آخر مهم فى واشنطن دى سى بحضور الخاتم عدلان تم فيه إعلان عن إندماج كل من حركة القوى الحديثة بالولايات المتحدة برئاسة المرحوم بشير بكار وحركة القوى الديمقراطية بكندا فى حركة حق. الجدير بالذكر ان كاتب هذه السطور كان مسئولا تنظيميا للقوى الديمقراطية بكندا . تشكل بعد ذلك جناح لحركة حق داخل السودان بقيادة الحاج وراق والمرحوم نزار ايوب وهشام عمر النور وآخرين. عقدت حركة حق اول مؤتمر لها فى العاصمة الإريترية اسمرا فى ديسمبر من العام 1996م. تم فى ذلك المؤتمر الاول الإعلان عن ميلاد الحركة وتوحيد الداخل والخارج، وأجاز المؤتمر البرنامج السياسى للحركة وبرنامج عمل يعتمد النضال المسلح فى مقاومة إنقلاب الإنقاذ. لكن من الملاحظ ان أحد أهم إخفاقات المؤتمر تمثلت فى عدم قدرته على مواجهة الاوضاع القيادية فى الحركة بين الداخل والخارج حيث إستمرت الحركة برأسين احدهما داخلى بقيادة الحاج وراق وآخر خارجى تحت قيادة الخاتم عدلان، ولم يعلن بوضوح عن قيادة موحدة ومدى تمثيل قيادات الداخل فيها، بل إعتمد المؤتمر نهجا يقوم على حسن النوايا والإريحية السودانية المعهودة بدلا عن المواجهة لحل التعقيدات الإدارية التى تتهدد وحدة التنظيم خاصة وانه كان فى بداية الطريق لترسيخ ثقافة ديمقراطية حقيقية وما يكتنف ذلك من صعوبات كبيرة تمثلت فى تربية ابوية متوارثة ومتأصلة فى النفوس وعقلية شمولية وجدت من يتعدها لحقب بحكم إنتماءات سياسية سابقة.
فى العام التالى للمؤتمر الاول اى فى 1997م بدأت الخلافات تدب بشكل واضح بين قيادة الحركة داخل السودان وقيادة الخارج حيث تجسدت أهم تلك الخلافات حول التاكتيك السياسى فى مواجهة نظام الإنقاذ، إذ تمسكت قيادات الخارج بمقررات المؤتمر الأول التى ترى أن عملية إسقاط النظام لا يمكن ان تتم إلا بالعمل المسلح، بينما عدلت قيادة الداخل موقفها فى مؤتمرها الداخلى المنعقد عام 1998م وهو المؤتمر الذى كان قد خرج بإستنتاجات مختلفة عن مؤتمر الحركة الأول فى أسمرا حيث اصبح الداخل يرى أن المواجهة الشاملة مع نظام الإنقاذ تتضمن عدة وسائل ، أبرزها الكفاح المسلح للقوميات المهمشة، والمقاومة المدنية للقطاع الحديث إضافة إلى الضغوط الدولية. ورأت قيادة الداخل أن المقاومة المدنية هى الأقرب إلى طبيعة المنطلقات النظرية للحركة وقاعدتها الإجتماعية وليس الكفاح المسلح. تطورت الخلافات الى تنظيمية وفكرية وسياسية وإتهامات وإدانات لتنشق الحركة فى مارس 2000م إلى جناحين منفصلين . إستمر الخارج تحت إسم حركة القوى الجديدة الديمقراطية حق بقيادة الخاتم عدلان بينما قامت قيادة الداخل بتمييز نفسها وغيرت إسم التنظيم إلى حركة القوى الحديثة حق بقيادة الحاج وراق.
فى أبريل 2005 غيّب الموت الأستاذ الخاتم عدلان وهو بعد فى قمة العطاء وقد كان حدثا محزنا ومفاجئا لجميع القوى الديمقراطية بلا إستثناء وتقدم الحاج وراق الامين العام ونائبه هشام عمر النور وهادية حسب الله بإستقالاتهم من الحركة بسبب إعتقادهم بأن الإستمرار فى قيادة الحركة تكتنفه شبهة أخلاقية تتمثل فى محاولة إستثمار غياب الخاتم عدلان والانفراد بقيادة الحركة. تولى الاستاذ قرشى عوض الامانة العامة للحركة على أثر تلك الإستقالات المفاجئة فى المؤتمر الإستثنائى الذى عقد فى مايو 2005، وهو نفس المؤتمر الذى شهد استقالات جماعية للقيادة.
فى أعقاب تلك التطورات والتغيرات العاصفة فى قيادة حركة حق بسبب الموت والإستقالات بدأت القناعات تتزايد بضرورة إعادة توحيد الحركة ليس بغرض تفعيلها فحسب بل كان الدافع المعنوى المتمثل فى الحزن على الخاتم كبيرا وعملية إعادة التوحيد نفسها كانت بمثابة وفاء لذكراه الطيبة ومحاولة للتعويض عن الخسارة الفادحة التى تجسدت فى ذلك الغياب الابدى العظيم. لكن الامين العام الجديد فاجأ الجميع بإشتراطه إستقالة عناصر قيادية من الجناح الآخر فى حق الذى كان يتزعمه المرحوم الخاتم عدلان وذلك بحجة ضرورة ان تتم عملية إعادة توحيد الحركة فى مناخ خالى من أى عداءات سابقة. لم تجد شروطه تلك موافقة داخل حركة القوى الحديثة نفسها ناهيك عن الجناح الاخر لتعارضها مع مبادىء ديمقراطية أساسية ولذلك تم تجاوز الامين العام الجديد. وقد ساعد على ذلك النظام الاساسى لحركة القوى الحديثة آنذاك وطابعه الديمقراطى الذى اتاح للعضوية حركة التحرك الافقى وبناء لوبى موازى للقيادة تأسس على الحوار والشفافية فى مقابل سياسة الصمت والابواب المغلقة التى كانت تتبعها قيادة الاستاذ قرشى عوض. توج ذلك المجهود الجماعى بإنعقاد المؤتمر العام الخامس والاخير لحركة القوى الحديثة الذى تم فيه إصدار عدد من المقررات كان اهمها الإعلان عن حل حركة القوى الحديثة فور التوصل الى إتفاق بإعادة توحيد حركة حق والشروع الفعلى فى ذلك. وقد تم ذلك فى يوليو 2009م بعد تشاور وتنسيق كبير بين قيادتى حق الحديثة والجديدة وبذلك أصبحت الحركتين حركة واحدة تحت إسم حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق).
كان الامل كبيرا فى أن تضيف عملية إعادة التوحيد لحركة حق بعض الزخم والفعالية ولكن ذلك لم يحدث حين واصلت حركة القوى الجديدة الديمقراطية حق بقيادة الأستاذة هالة محمد عبد الحليم قيادة الانشطة السياسية من خلال اللجنة التنفيذية بالتنسيق مع بعض الافراد دون التقيد بموجهات المجلس القيادى، والاهتداء بتلك الموجهات حسب ما نص عليه النظام الاساسى مما دفعنى الى تقديم استقالتى بعد اشهر من تاريخ اعادة توحيد الحركة. ترافق تهميش المجلس القيادى مع احداث سياسية مهمة بالبلاد مثل الانتخابات العامة وغيرها من احداث سبقت انفصال الجنوب حيث كانت اجندة الحركة وانشطتها لا تمر عبر بوابة المجلس القيادى لمناقشتها، مما افقد الحركة طابعها المؤسسى وجعل المجلس مجرد تابع لنشاط الرئيسة حيث افتقد القدرة على ضبط إيقاع الحركة وتوجيه مسارها مما اصاب الحوار الديمقراطى الداخلى بأضرار بليغة.
فى اكتوبر 2010 انفجر الخلاف بين رئيس مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية د. الباقر العفيف ورئيسة الحركة التى ظلت تتهم المركز ورئيسه بالفساد المالى والادارى وهو خلاف كان ممتدا لاكثر من عام ولكنه لم يدخل مداولات المجلس القيادى إلا بعد ان فشلت الوساطات والجودية فى حله. ساهم الخلاف فى تنشيط الحوار داخل المجلس القيادى حول قضايا مهمة مثل مسلك القيادة وموقف الحركة من منظمات المجتمع المدنى وكان يمكن ان يكون مفيدا جدا فيما لو تقيدت العضوية بمؤسسات الحركة وتمسكت بها . ورغم ان المجلس انقسم على نفسه تقريبا إلا ان الكفة بدأت تميل لصالح رئيس مركز الخاتم عدلان لعدة إعتبارات كان اهمها قناعة بدأت تفرض نفسها داخل المجلس القيادى تمثلت فى ضرورة المحافظة على إستقلالية منظمات المجتمع المدنى من تغول الاحزاب السياسية وعدم الرضا عن مسلك رئيسة الحركة أبان الخلاف خاصة وان اجهزة امن الانقاذ ظلت تتربص بالمركز مما دفع الأستاذة هالة عبد الحليم لتقديم إستقالتها للمجلس.
فى مقابل تنشيط المجلس القيادى تقدمت بطلب أعلن فيه عن رجوعى عن الإستقالة من عضوية المجلس التى كنت قد تقدمت بها قبل اشهرنظرا لانتفاء اسبابها بعد ان عاد المجلس ليقوم بدوره الطليعى فى مناقشة اجندة الحركة ولم يعترض احد فى المجلس على ذلك الاجراء مما مكننى من المساهمة فى كل مداولات المجلس المتعلقة بالخلاف حول مركز الخاتم عدلان. عادت رئيسة الحركة آنذاك عن قرارها بالإستقالة فى خطاب موجه للمكتب التنفيذى الذى قبل قراراها بالعدول عن الاستقالة وهو اجراء غير لائحى لان قبول الاستقالات على المستوى القيادى هى من اختصاص المجلس القيادى وليس المكتب التنفيذى. لكن يبدو ان الرئيسة كانت تعلم ان قرار المجلس بقبول استقالتها كان قرارا نهائيا لا رجعة عنه!.
فى خطوة مفاجئة قامت رئيسة الحركة وقتها وعدد من العضوية على المستوى القيادى بالاعلان عن اجتماع بالخرطوم فى 13 نوفمبر 2010م تمت فيه اصدار عدد من القرارات المصيرية مثل الغاء المؤتمر العام الذى كان مزمعا عقده فى ديسمبر من نفس العام وفصل عدد من عضوية الحركة والاعلان عن تجميد عضو فى خطوة انتقامية ممن كانوا على خلاف مع الرئيسة وفى محاولة لاعادة السيطرة على المجلس القيادى بتعديل توازن القوى داخله . ولكن كان اهم ما عاب ذلك الاجتماع هو عدم تمتعه بالنصاب القانونى الذى يؤهله لاصدار مثل تلك القرارت، إضافة الى ذلك فقد اوضح عضويين قياديين ممن حضروا الاجتماع حقيقة ان مقرراته لا تمثلهما وان الاجتماع كان مجرد أداة فى يد الرئيسة ومن يقف معها لتنفيذ اجندتهم الخاصة. كان اجتماع 13 نوفمبر بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير اذ انشقت الحركة مرة اخرى الى مجموعتين .تحت نفس الاسم . المجموعة الاولى تقودها الاستاذ هالة وكانت قد عقدت مؤتمرها فى العام التالى للانقسام كان من اهم مقرراته اعادة انتخاب الرئيسة وتعديل النظام الاساسى بإلغاء المجلس القيادى كهيئة قائدة بين المؤتمرين. اما المجموعة الثانية التى عقدت مؤتمرها بنهاية العام 2011 والتى ما يزال يقودها مجلس قيادى فقد قام بإنتخاب الاستاذ عبد العزيز بلة رئيسا.
المتأمل لخلافات حق يستطيع ان يلحظ بجلاء ان المؤسسية والاجراءات الديمقراطية عادة ما تكون هى الضحية فى المنعطفات المهمة فى تاريخ الحركة وان ذلك يجسد آفة الحركة وربما تكون حركة حق هنا تمثل نموذجا مصغّرا لعيوب كبيرة فى الشخصية السودانية فيما يتعلق بالعمل العام. كان اول خلاف فى حق بين الداخل والخارج حول التاكتيك السياسى فى مواجهة الانقاذ قابل للتعاطى والحل من خلال عقد المؤتمر الثانى بدلا عن بيان الفصل الشهير الذى اصدرته قيادة الخارج. وكان فى المقابل يمكن لقيادة الداخل الاعلان عن مقررات مؤتمرها مع التأكيد على تمسكها بمقررات المؤتمر الاول فى اسمرا لحين عقد المؤتمر الثانى. أما الانقسام الاخير فقد كان واضحا ان السبب فى حدوثه يعود فى الاساس الى تهميش المجلس القيادى من قبل رئيسة الحركة ومن يقف معها ، بالاضافة الى عدم الالتزام بمقررات المجلس القيادى فيما يخص قضية الخلاف حول مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية وقيام الانقاذ بإغلاقه دون ابداء اسباب مقنعة فى نهاية عام 2012 تؤكد صحة موقف المجلس القيادى. ولكن تبدو المفارقة واضحة فى خلافات حركة حق لانها تعهدت فى مواثيقها التأسيسية عن كونها تمثل ميلاد للسودان الجديد فى مقابل السودان القديم ولكن يبدو ان ثقافة السودان القديم السياسية مازالت حاضرة فى حق وقد تجسدت فى اهم خصائصها الشمولية المتمثلة فى سيادة عالم الافكار على المؤسسات حيث تتم الإطاحة بالإجراءات الديمقراطية عند أول خلاف جدى باللجوء الى التحايل الادارى المستند الى بنية مركزية فى التنظيم ووعى سياسى لم يتخطى بعد الاطار التقليدى للسودان القديم سواء ذلك المتعلق بالولاءات الطائفية اوبالسدانة الايدولوجية.
طلعت الطيب
عضو المجلس القيادى لحركة حق
مسئول حقوق الانسان وعضو اللجنة التنفيذية لمنطقة جنوب غربى ولاية اونتاريو
تجمع نقابات الخدمة العامة الكندية (بيساك PSAC )
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.