اكتظت قاعة المؤتمرات الدولية بجامعة الزعيم الأزهري، بأساتذة العلوم السياسية والباحثين أمس الأول، لمناقشة قضايا الحوار الوطني، على ضوء لقاء الرئيس البشير بالقوى السياسية. بدأ أستاذ العلوم السياسية البروفسر الطيب زين العابدين حديثه متفائلاً، بعد إعلان الرئيس السوداني عمر البشير عقب اللقاء التشاوري مع الأحزاب السياسية بخصوص إطلاق الحريات والمعتقلين السياسيين، والاستجابة لمتطلبات الحوار، متمنياً أن تتحقق الحريات التي وعد بها وأن تمتد هذه الاستجابة لمتطلبات أخرى، وأشار إلى أن ما يجري الآن في الساحة السياسية، يمكن أن يكون مفصلياً في تاريخ السودان، مطالباً كل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني بالسير في هذا الاتجاه حتى نهايته الطبيعية. وأضاف أن السودان محتاج إلى إصلاح سياسي، وأهم جزء فيه الإصلاح السياسي الحزبي، مشيراً إلى أن الأحزاب عاشت لمدة طويلة لم تتغير ولم تتعلم كثيراً، وأن قياداتها استمرت معها أكثر مما ينبغي، وقال: "إن كل الأحزاب السودانية بما فيها الحزب الحاكم ليس لديها حجم عضوية يزيد عن 15% من أبناء الشعب السوداني"، مشيراً إلى أن الخلل في التكوين الحزبي، وأنها لا تتماشى مع الديموقراطية، وإنما نشأت بطريقة تقليدية على قواعد دينية أو عقائدية، وأن الأيدولوجيا أهم من الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وأن الأحزاب الفاعلة في الساحة ليست أحزاباً ديمقراطية، مضيفاً أنه لا توجد فروقات تذكر في برامج الأحزاب السياسية، وأنه يتم تصميم البرامج كمتطلبات للانتخابات. وأشار إلى أن الانتقال السلمي للسلطة هو علامة النضوج السياسي، وهو لبّ النظام الديموقراطي على أساس دستوري وقانوني وطريقة انتخابية تقوم على الشفافية والحرية والنزاهة، مطالباً القوى السياسية بالانتقال من المستوى الحالي إلى مستوى به تعددية وحريات وممارسة للسلطة. وقال: "لكي يستقر النظام الديمقراطي لا بد من الاقتسام العادل للثروة والسلطة، والتنمية المتوازنة، وإصلاح المؤسسات الاجتماعية، وإصلاح الأحزاب السياسية"، مطالباً بالتحول من فكر شمولي إلى وضع به تعددية وانتخابات نزيهة، وهذا يدعو الحركات المسلحة للمشاركة في العملية الديمقراطية القادمة. من جانبة قال عميد كلية العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري، د.ناصر علي أبوطه، إنه يجب الاعتراف بوضع الأزمة الشاملة في كافة الأصعدة في السودان، والتأكيد على أهمية الإصلاح السياسي، مضيفاً أن الإصلاح السياسي أساسه الإصلاح الحزبي والمؤسسات. وأشار إلى أن السودان يحتاج إلى قيم حاكمة لسلوك الأفراد حكاماً ومحكومين، مشيراً إلى أن الثقافة السياسية يجب أن يعيش في ظلها أي نظام تعددي ديمقراطي، ووزاد: "نحن محتاجون لقيم حاكمة، لأن هنالك اختلافاً في القيم التي تحكم السودانيين، فيما يتعلق بممارسة الديمقراطية"، مطالباً بضرورة الاتفاق على الأهداف القومية التي تجمع كل السودانيين. وقالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري، د.سلمى الكارب، إن العمل من أجل السلام يتطلب الابتكار والإبداع للبحث عن الجديد في رؤية احتمالات لا يراها الآخرون والبحث عن المواضيع الإيجابية لبناء السلام، وتساءلت الدكتورة عن الشيء الذي نرغب أن يكون بديلاً للعنف الذي استشرى في المجتمع، كيف ستبدو الأشياء عندما ينتهي العنف؟ وقالت: "علينا العثور على شركاء السلام الذين يتمتعون بالتركيز على الإنسان وسلوكه، وضرورة تطوير سلامة الوضع التام"، مشيرةً إلى أن السلام يرتبط بالديمقراطية، وهي ترتبط بالمجتمع المدني، والديمقراطية ليست آليات انتخابات، ولكنها قيم وأخلاقيات، ومن أهم متطلباتها احترام الحقوق الفردية والخصوصية. وذكرت د.سلمى أن من مهددات صنع السلام العبث بالموارد، وأن التجارب أكدت أن توفر الموارد كان سبباً في تعدد الصراعات، بدلاً من أن تكون حلاً لها. قال الخبير الاقتصادي، د.خالد التجاني، إن السودان لا يعاني من مشكلة اقتصادية، وإنما يعاني من مشكلات سياسية، انعكست على الجانب الاقتصادي، مشيراً إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية متعلق بالوجه الاقتصادي للسلطة الحاكمة التي لم تطبق برنامجاً اقتصادياً. السوداني